لم تعرف معنى الحياة.. الحياة الجميلة السعيدة.. لم تعرف كيف تعيش طفولتها.. لم تشعر بالحياة. كانت ترى البنات يضحكن.. يلعبن.. يخرجن حتى إلى شوارع المدينة الصغيرة التى تعيش فيها وهى غير قادرة عاجزة منذ وعت على الدنيا وهى ترى نفسها جالسة تنظر بعينيها فقط.. كانت تجرى وتلعب بالمدرسة ولكنها بدأت تشعر بآلام فى رأسها وامتدت إلى ظهرها بل إلى أجزاء كثيرة فى جسدها النحيف.. كانت تشكو لأمها وتضع يدها على رأسها ولكن بسبب الفقر والجهل كانت الأم تؤكد أنه دلع بنات ولكن مع الأيام اشتدت الآلام وأصبح دلع البنات يؤرق الأم.. وكانت النصحية أن تذهب بها إلى المستشفى وترددت الأم وابنتها على الأطباء.. وهناك من قال إنها مصابة بآلام روماتزمية وهناك من أرجع الآلام إلى نزلات البرد ولكن أحد الأطباء طلب من الأم إجراء تحاليل للتأكد من شكوكه وكانت هذه الشكوك مؤكدة.. الابنة الصغيرة مصابة بسرطان بالمخ والنخاع الشوكى ويجب أن تحملها الأم إلى المعهد القومى للأورام بالقاهرة للتأكد من تشخيص الطبيب وكانت رحلة العذاب التى عاشتها الأم وابنتها.. وتم إجراء فحوصات وتحاليل وكلها أثبتت أن ما قاله الطبيب الأول صحيح وأن على الأم أن تحمل الطفلة كل أسبوع من محافظتها إلى القاهرة لتلقى العلاج الكيماوى والاشعاعى وأصبح المشوار ثقيلا ثقيلا.. فالمصاريف التى تحتاج إليها هذه الرحلة كبيرة والأب أرزقى والأسرة تعيش على الكفاف فمن أين لهم بهذه المبالغ، خاصة أن الابنة تحتاج إلى نقل دم وإلى دواء لا تجده وتضطر الأم إلى الاستدانة ومد يدها تطلب العون، فهل تجد من يساعدها.