«يا شعوب العالم انهضوا».. تحت هذا الشعار لبت ألف مدينة حول العالم دعوة الغاضبين المحتجين على سياسات النظام المالى العالمى، وقد أثارت تلك الاحتجاجات العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت رد فعل متأخرًا على الأزمة المالية التى اندلعت منذ ثلاث سنوات وما زالت تتفاقم حتى الآن أم أنها مؤشر على انطلاق الربيع العالمى؟ حيث وجه ملايين المحتجين فى مختلف أنحاء العالم صرخة غضب فى وجه مصرفيين ورأسماليين وسياسيين يتهمونهم بتدمير اقتصادات العالم وحكمهم على الملايين بمواجهة الفقر والصعاب نتيجة طمعهم مركزين اهتمامهم على ما يعتبرونه جشع الشركات وانعدام المساواة الاقتصادية واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء عبر أنحاء العالم. وقد بدأت الشرارة الأولى من إحدى ساحات مدريد فى 15 مايو على يد مجموعة أسمت نفسها « الغاضبون» متأثرة بثورات الربيع العربى والتى سرعان ما انتقلت الى داخل الولاياتالمتحدة عبر حركة «احتلوا وول ستريت» التى بدأت فى 17 سبتمبر بالاعتراض على جشع الشركات المالية وانتهت بالدعوة الى التوحد من أجل إجراء عالمى، وقد ظهرت الحركة حينما حاول عشرات المتظاهرين الاعتصام أمام مقر بورصة وول ستريت وحينما منعتهم الشرطة حولوا اعتصامهم لساحة «زوكى» التى تبعد قليلا عن مبنى البورصة والتى سرعان ما كسبت التأييد وحذا حذوها خلال أسابيع آخرون فى نحو ثلاثين من المدن الأمريكية، حيث جاءت مظاهرات « احتلوا وول ستريت «فى ظل إعلان وزارة الخزانة الأمريكية عن اتساع عجز ميزانية أمريكا الى أكثر من تريليون دولار للعام الثالث على التوالى، وشعور عدد كبير من الأمريكيين بالإحباط إزاء التعافى الاقتصادى البطىء بالبلاد والركود وزيادة معدلات البطالة حيث انطلقت المظاهرات بعد أن أدرك الأمريكيون أن وظائفهم باتت مهددة ملقين باللوم على سماسرة المال والمتلاعبين بالبورصات. وقد انتشرت الدعوة الى الاحتجاجات ليس فى أمريكا وحدها. بل أوروبا التى اتخذت من 15 أكتوبر مناسبة تاريخية للاحتجاج على النظام المالى العالمى، ففى الحى المالى بلندن شارك نحو خمسة آلاف شخص فى مظاهرات تحت عنوان « احتلوا بورصة لندن» والتى حظيت بتأييد ما يزيد على 15 ألف شخص على موقع فيس بوك، وفى ألمانيا بالعاصمة المالية فرانكفورت أمام مقر البنك المركزى الأوروبى تجمع المئات من المتظاهرين احتجاجا على ما وصفوه بتجاوزات الرأسمالية وظلم النظام المالى، أما فى معقل الأزمة الأوروبية فى اليونان فقد خرج المتظاهرون فى العاصمة أثينا ضد سياسات الحكومة التقشفية، وفى روما اشتبك مئات من المتظاهرين الملثمين مع الشرطة فى واحدة من أسوأ أعمال عنف تشهدها العاصمة الإيطالية منذ سنوات، وقد تزامنت تلك الاحتجاجات مع اجتماعات مجموعة العشرين فى باريس حيث عقد وزراء خارجية ومحافظو البنوك المركزية لأكبر اقتصادات العالم محادثات بشأن الديون وأزمات العجز التى تؤثر على العديد من الدول الغربية، أما فى آسيا فقد نزل اليابانيون إلى شوارع طوكيو منددين بالسياسات المالية وسياسات الطاقة، وفى استراليا تجمع فى سيدنى الفا شخص أمام مبنى المصرف المركزى مطالبين بتغيير الطريقة التى يهيمن بها المال على السياسة.