«أحمد ماهر لم يكن مخططا لأى شىء على الأرض قبل 25يناير، رغم ما يبدو للبعض، وما يريد أحمد ماهر تصديره للمصريين بأنه القائم بالثورة «.. هذا ليس كلامى ولكنه كلام «طارق الخولى» عضو جبهة 6إبريل والذى انشق حديثا عن جبهة أحمد ماهر فى انشقاق ليس الأول ولن يكون الأخير. وما سبق من كلام الخولى، جاء فى حديث له أجراه الزميل وليد طوغان ومنشور فى جريدة «روزاليوسف» بتاريخ 20 سبتمبر الماضى.. والتأصيل لمصدر الكلام لا يعنى إلقاء ما يحويه من اتهامات على مصدره للتنصل من المسئولية (إذا كانت هناك مسئولية) ولكن لإكساب الكلام المصداقية من موقع مصدره بالنسبة لحركة 6 إبريل أو أحمد ماهر، حتى لو قال البعض إن الخولى اختلف مع ماهر وجبهته، لأن الرد فى هذه الحالة هو أن الاختلاف جاء بسبب غياب الديمقراطية والشفافية عن الحركة التى تكونت للحرب من أجلهما ضد النظام السابق. (1) والحقيقة أن هناك بالفعل شيئا ما خطأ منذ البداية فى حركة «6 إبريل»، أو بالتحديد بعض أعضائها الذين قدموا أنفسهم أو تم تقديمهم للشعب المصرى على أنهم حملوا أعناقهم على أكفهم صباح 25 يناير وما تلاه نيابة عن الشعب المصرى وضحوا من أجله، لذلك منحوا أنفسهم الحق فى أن يستأثروا بالحقوق الثورية، وبشرعية الثورة وحقوق تعليم وتوجيه من يرونهم قُصّرا وجهلاء وغوغاء من المصريين. ومن جانبى، المسألة ليست اصطياد طارق الخولى لنضرب به أحمد ماهر أو أسماء محفوظ أو إسراء عبد الفتاح وكلهم جاء ذكرهم فى حديث صنو كفاحه، لكننى رأيت أن فى هذا الحديث ما ينبغى أن نتوقف عنده مثل أن يأتى على لسان الخولى وصف لبعض زملائه السابقين فى الحركة يقول فيه:«معظمهم كانوا مناضلين لكنهم تغيروا وهو ما اكتشفه الناس بسرعة، مثلما اكتشفوا أن أسماء محفوظ بتمثل»، أو اتهاماته لزملائه السابقين بتوزيع المغانم المتمثلة فى سفريات الخارج والتمويلات الشخصية التى استغلوا فيها اسم 6 إبريل وأخذوها لأنفسهم قبل وبعد الثورة، وهو كلام لاأعتقد أنه يختلف عن كلام اللواء الروينى الذى قامت الدنيا ولم تقعد بسببه، لكن فى رأيى أن أهم وأخطر ما يمكن أن نتوقف عنده فى حديث طارق الخولى أمران، الأول: ما ذكره عن الأعداد التى انضمت لحركة 6 إبريل بعد اتهامات اللواء الروينى لها بتلقى تمويلات من الخارج وبلغت 5 آلاف عضو، وجاء الرقم فى معرض حديثه عن منعهم من التصويت فى الانتخابات الداخلية للحركة التى أدلى فيها 200 عضو فقط بأصواتهم، وقال الخولى إن الأعضاء القدامى الذين يحق لهم التصويت 500 فقط، بينما دخل الحركة 5 آلاف بعد اتهام اللواء الروينى. ومن عندى أقول، إن هذا العدد الذى يساوى 10 أضعاف الأعضاء القدامى ربما انضم أصحابه للحركة تعاطفا أو عدم اقتناع بالاتهامات التى وجهت لها، وفى هذا دلالة مهمة يجب أن نتوقف عندها. والأمر الثانى ما ذكره الخولى عن أحمد ماهر وشلته الذين يريدون أن يحولوا الحركة إلى منظمة مجتمع مدني، وأضاف الخولى جملة هى فى رأيى الجملة المفتاحية التى تصلح عنوانا للمستقبل، حيث قال بالنص:«تحويلها (يقصد حركة 6 إبريل جبهة أحمد ماهر) إلى شلة فى إطار قانونى لاستقبال التمويلات الداخلية والخارجية». (انتهى الاقتباس من حوار طارق الخولى). (2) الأمر ليس ببعيد عن التصورات، بل يمكن من هذه اللحظة الراهنة أن نتوقع مستقبل من وصفهم طارق الخولى ب (أحمد ماهر وشلته) ونحدد موقعهم على خريطة المستقبل للعمل السياسى والوطنى العام فى مصر خلال السنوات القادمة، وهناك تجربة يمكن أن تكون دليلنا فى القياس وهى تجربة حركة «أوتبور» التى تولت تدريب نشطاء 6 إبريل الشبان فى صربيا على الثورة ومنحتهم ال «مانفستو» الخاص بها. «أوتبور» كلمة صربية ومعناها المقاومة، وهى حركة ولدت على أحد مقاهى بلجراد التى تشبه مقاهى وسط البلد عندنا، وأعلن قادتها فيما بعد «أنها تأسست عام 1998 بين طلاب الجامعة وسعت إلى إسقاط الرئيس اليوغسلافى سلوبودان ميلوسيفيتش»، وتحولت هذه الحركة بعد نجاحها فى تنفيذ المهمة إلى دليل حركى للعديد من الحركات والثورات التى اندلعت - خلال السنوات التالية لإسقاط نظام ميلوسيفيتش - فى جمهوريات أوروبا الشرقية، هذه البلدان التى أريد لها أن تدخل حظيرة الليبرالية وتنضوى تحت راية الرأسمالية العالمية وتتبنى سياستها وتفارق توجهاتها الاشتراكية والشيوعية القديمة وهوياتها الوطنية، وفى كل تلك الثورات تم استخدام نفس المناهج تقريبا ونفس السيناريوهات التى نفذتها «أوتبور» على الأرض ب«الكربون»، حتى شعار القبضة المضمومة والمرفوعة الذى تم استلهامه من ثورة السود فى أمريكا فى الستينيات من القرن العشرين ، والذى تم تصديره لطلبة صربيا، والإعلانات التحريضية على الأنظمة، ففى السودان مثلا هناك الآن حركة تدعو لإسقاط نظام البشير، تحمل اسم «قرفنا» وفى إعلان مصور عنها يمسك أحد أعضائها الشباب قميصا مطبوعا عليه صورة الرئيس عمر البشير ثم يضعه فى «طشت الغسيل» الذى يحمل اسم الحركة ثم يخرجه وقد انمحت صورة الرئيس..وهذا الإعلان هو صورة طبق الأصل من إعلانات الحركات الأوروبية تم فيه استبدال «طشت الغسيل» بالغسالة الفول أوتوماتيك ليناسب ثقافة السودانيين البسيطة. (3) والمعنى أن هذه الحركات من «أوتبور» الصربية إلى «قرفنا» السودانية ليست كما يحاول البعض تصويرها على أنها حركات عفوية خرجت من الشعب بدون قائد وليست لها توجهات محددة تتعلق بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية أو أنها حركات قومية، لأن كل هذا يسقط مع التحليل الأولى البسيط لتاريخ هذه الحركات التى تحولت بعد إنجاز مهمتها الأولى إلى أعمال تشبه أعمال مقاولى الأنفار الذين يصطادون الشباب العفى ويدربونهم على أعمال الشيالة، بينما تتولى هذه الحركات من الباطن أعمال المقاولات الاستخباراتية والسياسية. «أوتبور» بعد الثورة افتتحت مركزا «سنتر» للتدريب على الكفاح اللاعنفى يحمل اسم «كانفاس» يحصل على الدعم من المخابرات والمنظمات الأمريكية مقابل أن يتولى أعمال التدريب ويقدم الدعم اللوجيستى للثورجيين الشبان فى البلدان المعنية والمعينة ممن يقدمون لهم الأموال، بينما توجه البعض الآخر من أعضاء أوتبور السابقين إلى العمل السياسى ضد الأحزاب والسياسيين من بنى وطنهم الذين يدافعون عن التوجهات القومية، يعنى ببساطة تمت إعادة تدوير «أوتبور» وتأهيلها فى اتجاه دعم وتثبيت وترسيخ أهداف المخطط الغربى العولمى. (4) بالمناسبة ولمن يهمه الأمر، هناك برامج وتكتيكات جديدة يقدمها «سنتر كانفاس» الثورى، تصب فى عمل الجمعيات الحقوقية تحت يافطة: حقوق الإنسان، مثل «الجندر» والصحة الإنجابية وغيرها، وبالمناسبة أيضا كأنفاس تعلن أيضا عن فتح باب التمويلات لبرنامج زمالة ريجان للديمقراطية ومنح معهد المجتمع المفتوح لمن يريد أن يلحق ويبيع وطنه.. بالمناسبة «كيلو الوطن بكام النهاردة»؟!.