شاب تجاوز الثلاثين من عمره بسنوات قليلة.. أسمر بلون طين الأرض التى ولد عليها.. ملامحه الصعيدية تؤكد على رجولته.. هو من إحدى محافظات شمال الصعيد.. لون وجهه يميل إلى الإصفرار.. بل إنه شديد الإصفرار.. عظامه بارزة.. عيناه مغلقتان منذ الوهلة الأولى تظن أنه مومياء ولكن سرعان ما تكتشف الحقيقة المُرة إنه يتنفس.. ولكن بصعوبة بالغة.. يفتح عينيه ترى الدموع المحبوسة تكاد تنزل من شدة الألم الجسدى والنفسى.. منذ صغره وهو يفتح ذراعيه يحاول أن يحضن الدنيا ويطوقها بهما.. أول الأمر كان سعيدا سعادة لا توصف بإقبال الحياة عليه ولكن ما هذا؟ أدارت الدنيا له ظهرها وبدأت فى الهروب منه.. عندما كان طفلا كان يساعد أبيه فى عمله فهو كان يعمل فلاح أجيراً.. تعلم منه الحرفة وساعده وعندما مرض الأب قام هو بالعمل كله وحل محله ليساعد أمه وأخواته كان يشكر الله ويحمده على ما يعطيه وعندما بلغ العشرين من عمره أصرت أمه على أن تزوجه حاول أن يماطلها كثرا ففى رقبته أخوة يحتاجون إلى لقمة العيش ولكن سنوات قليلة ووجد نصيبه فى إحدى قريباته وتزوجها.. لم تمر شهور قليلة إلا وبدأ يشعر بالتعب وتحول جسده القوى وعضلاته المفتولة إلى شبح، وبدأت الآلام تداهمه.. طلبت منه الزوجة الذهاب للوحدة الصحية، ولكنه لم يسمع كلامها عهو لا يملك ترف الذهاب إلى طبيب وشراء أدوية فالعين بصيرة واليد قصيرة.. الزوجة تراه هو يتهاوى ويتهاون فى حق نفسه، ولكنها رفضت استسلامه للمرض وعدم الاهتمام بالعلاج.. حاولت معه حتى استطاعت أن تصحبه إلى الطبيب الذى وصف له دواء.. ولكن لم يأت بنتيجة.. بعد أيام كان قد استسلم للأمر الواقع ونام على فرشته غير قادر على العمل.. حوله الطبيب إلى المستشفى المركزى بالمحافظة التى تعيش فيها الأسرة وهاك قام الأطباء بإجراء تحاليل.. وظهرت الحقيقة المُرة.. هو مصاب بتضخم بالكبد.. وعندما سأل الأطباء لماذا؟ كان الجواب سهلاً، بل معروفاً وبسيطاً.. ولكن بالنسبة له كان صعباً وسقط على رأسه وكانه جبل «البلهارسيا».. وصف الأطباء الدواء وبدأت الحالة فى التحسن.. ولكن داهمته آلام لم يستطع إنسان أن يتحملها.. وهن جسده أكثر وأصبح غير قادر على الحركة أو الخروج للعمل.. وكانت بداية رحلة عذاب وألم ومرض.. وقرر الأطباء فى المستشفى أنه فى حاجة إلى أطباء متخصصين فهم يشكون فى إصابته بسرطان بالغدد الليمفاوية، وتم تحويله إلى المعهد القومى للأورام.. كانت صدمة كبيرة له ولزوجته، بل وأسرته كلها.. حمل همومه على متفيه وجاء وكله أمل فى شفاء سريع وعاجل.. ولكن قدر الله وماشاء فعل.. فبعد أن تم فحصه وإجراء التحاليل والأشعة تأكد الأطباء أنه مصاب بسرطان فى مراحله المتقدمة.. خضع شهورا طويلة لجلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى.. ومع ذلك بقدر تقدم علاجه وتحسن صحته.. بقدر انتكاساته المتكررة وبدأ السرطان المفترس فى نهش جسده الضعيف.. واضطر الأطباء إلى تحويله لمعهد ناصر وحدة زرع النخاع، وتم بالفعل عملية زرع النخاع الذاتى، ثم عاد مرة أخرى للمعهد القومى للأورام لاستكمال جلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى.. يبكى من شدة الألم فهو كثيرا ما لا يجد لقمة العيش التى يأكلها هو وزوجته وإن وجدها عن طريق أحد أقاربه أو جيرانه فأيام كثيرة لا يجدها.. دموعه دائما ما تنزل حزنا على حاله هو وزوجته.. الآن هو نائم طريح الفراش فى قريته لا يعمل وليس له أى دخل سوى مائة جنيه معاش ضمان.. فهل هناك من يساعده؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.