أنا على يقين من أن تعبير “النازيين والفاشيين” الجدد قد يزعج العصابة التى تحكم إسرائيل الآن، وقد يتهموننا باتهامات ما أنزل الله بها من سلطان أبسطها معاداة السامية، رغم أننا ساميون مثلهم! فقد بحثت فى قواميس السياسة الدولية فلم أجد وصفاً أصدق ولا أدق من النازيين والفاشيين الجدد لوصف ما يفعله نتنياهو وعصابته ضد مصر ودول المنطقة.. فإذا كانت النازية والفاشية فى القاموس السياسى هى،بأبسط تعريف، «الاعتزاز الوطنى المتطرف واستصغار الشعوب والثقافات الأخرى والميل للتوسع العسكرى والمزج بين الدبلوماسية والتهديد بالقوة فى التعامل مع الدول الأخرى».. فبالله عليكم أليس هذا التعريف ينطبق أكثر ما ينطبق على ما يفعله النازيون والفاشيون الجدد فى إسرائيل..؟! وأى استعراض سريع لأقوال وتصريحات بعض «المجانين» على الجانب الإسرائيلى من كبار المسئولين والقادة والسياسيين ونواب الكنيست تعليقاً على الأزمة الراهنة مع مصر يظهر إلى أى مدى يتعطش هؤلاء النازيون والفاشيون الجدد للحرب وإشعالها ناراً تأتى على الأخضر واليابس فى المنطقة والعالم. وأمامى الآن قائمة كاملة بانتهاكات إسرائيل لمعاهدة السلام والتصريحات العدوانية لقادة إسرائيل وأبرزها تهديد «الإرهابى برخصة» ليبرمان، الذى يشغل منصب وزير الخارجية، بضرب السد العالى وإغراق مصر وشعب مصر.. وكل هذه الانتهاكات والتصريحات العدائية تجعل من معاهدة السلام مجرد حبر على ورق.. ومجرد جثة ماتت وشبعت موت وشيعت إلى مثواها الأخير، مع كل انتهاك إسرائيلى لبنودها. فالمعاهدة لم تلزم إسرائيل فى أى وقت من الأوقات، فقد كانت، ومازالت تتصرف وكأنها فى حالة حرب مع مصر، وهى لم تخش أو لم تعمل حساباً، فى أى وقت من الأوقات للرأى العام العربى ولا العالمى.. ولا حتى الولاياتالمتحدة، والتى كنا نأمل فى أن تكون وسيطاً نزيهاً عادلاً، لكنها آثرت أن تكون وسيطاً غير عادل بترجيح كفة إسرائيل ومصالح إسرائيل فى كل المواقف، على كل ماعداها من مصالح لمصر ودول المنطقة.. إن التبجح الإسرائيلى وحالة غطرسة القوة التى تعانى منها إسرائيل هى نتيجة طبيعية للتحيز الأمريكى السافر لإسرائيل على طول الخط، وهو أيضاً نتيجة طبيعية لمؤامرة الصمت التى يشارك فيها العالم كله تجاه كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فى حق الإنسانية.. وعلى الرغم من تحفظى الشخصى على «عملية» إنزال عَلَم إسرائيل من على مبنى سفارتها فى القاهرة وحرقه، وهو ما اعتبره البعض عملاً بطولياً يستحق صاحبه أن يحل ضيفاً على الفضائيات والصحف ليروى تفاصيل التفاصيل عما قام به، إلا أننى مع ذلك أرى أن هذا العمل وما سبقه وما لحقه من مظاهرات واعتصامات أمام السفارة الإسرائيلية هو رد فعل شعبى فطرى غاضب على الجريمة البشعة التى ارتكبتها إسرائيل ضد جنودنا البواسل الذين كانوا يقومون بواجبهم فى تأمين الحدود. وليس سراً أن ردود الأفعال الشعبية الغاضبة فى مصر مرشحة للتصاعد خلال الأيام القليلة القادمة لتصل إلى درجة قد لا يتوقع مداها أحد إن لم تسارع كل الأطراف لاحتواء الأزمة الراهنة. وقد حاولت من جانبى أن أتلمس سُبل الخروج «الآمن» من الأزمة الراهنة مع إسرائيل فاستعنت،على طريقة من سيربح المليون،بصديق وهو صديقى سفير مصر الأسبق فى إسرائيل السفير محمد بسيونى - الذى سألته عن كيفية إنهاء الأزمة الراهنة مع ضمان عدم تكرار إسرائيل لمثل هذه الاستفزازات، وقيام مصر بواجباتها لتأمين حدودها وكامل أراضيها تأميناً كاملاً فقال لى: أولاً ليس من مصلحة مصر ولا إسرائيل إلغاء معاهدة السلام، لكن المطلوب هو تعديل الترتيبات الأمنية فى المعاهدة خاصة البند الرابع فى الفقرة الرابعة من المعاهدة والذى ينص على أنه يجوز لأحد الطرفين طلب إجراء تعديلات فى الترتيبات الأمنية بشرط موافقة الطرفين.. والغرض من تعديل الترتيبات الأمنية هو أن تصبح مصر قادرة على التحرك فى بعض الأماكن التى لا توجد فيها، طبقاً للاتفاقية، أية قوات مثل المنطقة «ج». ويقول السفير بسيونى إنها ليست المرة الأولى التى يتم فيها استخدام مثل هذا البند، فقد تم ذلك فى عام 2008 عندما اقتحم بعض الفلسطينيين الحدود المصرية فى رفح؛ حيث طلبت مصر آنذاك بوضع قوات من حرس حدود فى المنطقة «ج»، وتم ذلك بالفعل.. وحتى العملية نسر، التى يتم من خلالها الآن تمشيط المنطقة بين الشيخ زويد ورفح والعريش تم فيها استخدام البند الرابع.. وعندما سألته عن الدور الأمريكى المطلوب فى هذه المرحلة لتعديل الترتيبات الأمنية وتجاوز الأزمة الراهنة قال بسيونى إن أمريكا حريصة - بالتأكيد - على عدم انهيار عملية السلام بين مصر وإسرائيل، لذا عليها أن تحاول وقف عمليات التصعيد، كما أن عليها أن تضغط على إسرائيل لإتمام تعديل الترتيبات الأمنية كما ضغطت عليها للقيام بالعملية «نسر». انتهى كلام السفير بسيونى.. وبقيت كلمة وهى أن أفضل وسيلة لمنع تكرار مثل هذه الاستفزازات والحد من موجات الكراهية والغضب الشعبى ضد إسرائيل هو أن تبدى حُسن النية فتعتذر أولاً اعتذاراً صريحاً لا يقبل أى لبس عن الجريمة التى ارتكبتها ضد شهدائنا الأبرار، وأن تتعهد بعدم تكرار ذلك مستقبلاً، كما أن عليها أن تدفع التعويضات المناسبة لأهالى الشهداء، وأن تعاقب مرتكبى تلك الجريمة وأن تقوم، قبل ذلك وبعده، بإعادة النظر فى سياساتها المتغطرسة المتعالية، واعتماد أسلوب القوة فى علاقاتها مع دول الجوار.. فبدون ذلك كله سندخل جميعاً فى دوامات من الاستفزازات وردود الأفعال الغاضبة التى تهدد أمن واستقرار المنطقة.. ولا أبالغ إن قلت بل أمن واستقرار العالم كله.