يستعد اليمن لمرحلة فارقة فى تاريخه، إذ أعلن الرئيس على عبد الله صالح العودة إلى صنعاء قريبا بعد رحلة علاج فى السعودية استغرقت شهرين، ويدور الجدل حاليا بين كل القوى السياسية حول فكرة الرحيل، حيث طالب صالح برحيل الأحمرين (صادق الأحمر، وعلى محسن الأحمر)، بينما ترفض ميادين التغيير عودة صالح، وتؤكد سقوط شرعيته، أما الرئيس فقد سجل خطابه الثانى من الرياض والذى تضمن إشارات محبطة للثوار تؤكد على استمراره فى السلطة. وكان خطاب الرئيس اليمنى على عبد الله صالح قد قطع كل السبل أمام أى توقعات بوضع نهاية للصراع فى اليمن بين ثلاث قوى، الأولى هى السلطة التى يقودها نجله نيابة عنه رغم تكليف الرئيس نائبه عبدربه منصور الهادى، والثانية هى المعارضة والتى يتزعمها صادق الأحمر، والثالثة هى شباب التغيير المحتشد فى الميادين منذ ستة أشهر. وبدأ صالح فى المراوغة وإعلان رسائل محبطة فهو يقول إنه أرغم على المجىء للسلطة فى عام 2006 من قبل الجماهير وجدد تحديه للمطالبين برحيله داعيا الاحتكام لصناديق الاقتراع من خلال إجراء انتخابات مبكرة، وذكر أنه يتمتع بشرعية سياسية تسمح له بالبقاء فى السلطة حتى عام 2013. وأعلن صالح استعداده لنقل السلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادى- والذى انتهت مدة تكليفه الأولى للقيام بمهام الرئيس والتى تبلغ ستين يوما، ثم عاد الرئيس اليمنى للحديث عن الحلول المشروطة، حيث طالب القوى المعارضة بوقف جميع أعمالها وتصرفاتها غير الشرعية فى المدن اليمنية واشترط للتوقيع على المبادرة الخليجية أن يخرج من اليمن كل من قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء على محسن الأحمر الذى أعلن انشقاقه عن الرئيس صالح، بالإضافة إلى خروج الشيخ صادق الأحمر شيخ قبيلة حاشد كبرى قبائل اليمن الذى تعهد هو الآخر قبل فترة بأنه لن يسمح بعودة الرئيس صالح ليحكم اليمن مادام بقى على قيد الحياة. ومن بين الإشارات المحبطة فى الخطاب الثانى للرئيس صالح أنه يرى ما يحدث فى اليمن ممارسات يقودها قلة لا تعترف بالحوار، وإنما بالسيارات المفخخة والاعتداء على المعسكرات وتفجير المساجد، وهنا بيت القصيد والذى يعنى بأن عودة صالح لليمن ستكون مصحوبة بالرغبة فى الانتقام ممن حاولوا الاعتداء عليه فى دار الرئاسة واغتياله بوضع عبوات ناسفة داخل المسجد. وعلى الرغم من دخول الثورة اليمنية شهرها السادس وبقاء الشعب والجيش خارج الثكنات فى ميادين التغيير إلا أن الرئيس صالح يرى أن القوى التى تدعو للتغيير قلة قليلة من مخلفات الماركسية وجزء من تنظيم طالبان ومخلفات الإمامة والحوثيين. ويرى أيضا فى تناقض غريب أن ثورة الشباب قام بسرقتها تجار الحروب وقطاع الطرق. ويبقى الوضع فى اليمن ملغما بالأزمات الإنسانية والارتفاع الحاد فى الأسعار وانعدام المشتقات النفطية واحتراق ساحات الحرية والتغيير فى تعز وصنعاء وعدن.