أدهشنى وأحزننى أن لا تستطيع أربعة أحزاب يسارية تحت التأسيس أن تجمع العدد الكافى من الأعضاء لخروج هذه الاحزاب إلى النور.. وإذا كان اليسار المصرى فى أزمة.. فهذه هى المأساة لأن المجتمع ونحن فى مرحلة إعادة بناء الوطن سياسيًا لا يمكن أن تكون قواه السياسية من اليمين فقط، الممثلة فى تيار الإسلام السياسى «الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية والجهاد ومعهم الليبراليين والعلمانيين.. ومأساة اليسار المصرى لا ترجع إلى اليوم بل تمتد لأكثر من 50 عامًا وتحديدا فى الستينات عندما تحالف اليسار المصرى وارتمى فى أخضان السلطة .. اللهم إلا قليل احتفظ بمسافة مناسبة بعيدًا عن السلطة الحاكمة.. وإذا كان التحالف بين النظام الناصرى واليسار شلّ المشروع اليسارى فى مصر.. فقد شهد هذا المشروع توترًا فى عهد السادات.. ولكن فى عصر مبارك هرول اليسار للارتماء فى أحضان السلطة ساعد فى ذلك الفنان فاروق حسنى الذى أدخل النخبة اليسارية «الحظيرة» .. واستخدم فى ذلك العطايا والمنح والجوائز.. فتحول خطاب اليسار إلى خطاب نخبوى منغلق.. ولم يواكب اليسار المصرى التغيرات التى حدثت لليسار فى أوروبا وفى أمريكا اللاتينية.. وإذا كانت انتفاضة 17 و 18 يناير 1977 هى آخر مشاركة إيجابية مع الشارع المصرى لقوى اليسار.. فالوقفات الاحتجاجية والمطالب الفئوية التى حدثت من عام 2004 حتى 2011 وقف اليسار الذى يحمل فكرة العدالة الاجتماعية موقف المتفرج.. لهذا نحن اليوم فى أشهد الحاجة ليسار جديد فى مصر يحمل الفكر الاشتراكى الذى يعمل فى اطار العدالة الاجتماعية.. وعلى نخب اليسار المصرى من ماركسيين وقوميين وناصريين أن يراجعوا علاقتهم بالشارع السياسى الذى سيطر عليه الفكر الدينى.. لابد من مراجعة حقيقية.. لابد من خطاب يسارى يلمس نبض الشارع الذى يضم الفقراء والبسطاء..على اليسار المصرى أن يكون له دورًا فاعلًا فى النقابات العمالية والمهنية والمجتمع المدنى.. وجود اليسار مهم للمجتمع لتحقيق التوازن مع قوى اليمين..مرة أخرى على اليسار أن ينظر لأحواله.