أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد، وهى سيدة قريش فضلًا وجمالًا ومالًا وهى إلى جانب ذلك ذات مكانة فى قومها لخلقها الرفيع. تفرغت السيدة خديجة للتجارة. واستأجرت الرجال للقيام بأمر هذه التجارة حتى جاءها محمد بن عبد الله الذى قيض له الله أمر القيادة فى هذه الأمة.. وكانت تسمع عنه وعن أمانته. وقد خطبته لنفسها فأخذ أبو طالب رهطًا من قريش وذهب مع ابن أخيه إلى دار خديجة فخطبها من عمها عمرو بن أسد وأخيها عمرو بن خويلد وقال أبو طالب: (الحمد لله الذى جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وأهل معد وعنصرمضر. وجعلنا سدنة بيته الحرام. أما ابن أخى محمد فلا يوزن به رجل إلا رجحه شرفًا وفضلًا ونبلًا وعقلًا. وإن كان فى المال قل، فإن المال ظل زائل وأمر حائل وعارية مستردة) وأثمر الزواج عن ذريته الصالحة: عبد الله والقاسم وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة. ولما أذن الله لمحمد بالرسالة قال لزوجته الحبيبة: لقد انتهى عهد النوم والراحة.. فقد أمرنى جبريل أن أنذر الناس. وأن أدعوهم إلى عبادة الله. فمن ذا أدعوه؟ ومن ذا يستجيب؟ فقالت من فورها فى إيمان صادق: أنا استجيب يا رسول الله، فادعنى قبل أن تدعو الناس، وإنى لمسلمة لله.. مصدقة برسالتك. مؤمنة بربك. وكانت بذلك أول المؤمنين - وسيدة الإسلام والمسلمين الأولى. وخاضت مع الرسول صلى الله عليه وسلم فترات الكفاح. وتركت دارها مختارة لتعيش مع المسلمين فى الحصار تجوع معهم وتقاسى شظف العيش. وهى سيدة نساء قريش وأكثرهم يسارًا.. نحل الجسد وذوى العود النضر. ولم يبق إلا الإيمان يملأ عليها كل جوانبها.. ظلت على تلك الحال ثلاث سنوات حتى عادت إلى دارها بعد أن حطم المرض كل قواها. وقسوة الحياة فى الشِعب قد نالت منها. فلم تلبث بعدها غير ثلاث ليال ثم تلقى الله. وكانت قبل وفاتها تقول لابنتها أم كلثوم: ليت الأجل يمهلنى حتى تنجلى المحنة فأموت قريرة العين راضية. وكانت تقول: أى وربى لا بأس علىّ: ما من امرأة من قريش ذاقت ما ذقت من نعيم. وما من امرأة فى هذه الدنيا نالت مثل الذى نلت. حسبى من دنياى أنى زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وحسبى من آخرتى أننى المؤمنة الأولى. وأنى أم المؤمنين. وفى العاشر من رمضان السنة العاشرة من البعثة حملت خير نساء العالمين.. وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد إلى «الحجون» حيث أضجعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين فى قبرها. ودعا لها.