وسط انشغال العالم العربى بثوراته، تشهد ثروات قارة أفريقيا الآن تغلغلاً خطيراً من جانب الاقتصاد الإسرائيلى لم يلتفت له الشرق الاوسط حتى الآن، وكان أول ظهور لهذا التغلغل عندما اقترح هيرتسل مؤسس الحركة الصهيونيه بناء الوطن القومى اليهودى فى أوغندا، بينما كان الظهور الثانى فى الخمسينيات عندما حصلت دول افريقيا على استقلالها، وبدأت إسرائيل تغلغلها حينها بعرض المساعدات الاقتصادية والفنية والاجتماعية على الدول الأفريقية بحجة تنميتها، الأمر الذى لاقى ترحيبا كبيرا من دول أفريقيا.. ويوجد لهذا التغلغل الصهيونى فى أفريقيا أنواع عديدة وطرق كثيرة ازدادت مع فتح خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية عام 1957، مما ساعد على تسهيل عملية التبادل التجارى بين إسرائيل ودول أفريقيا، كما أرسلت تل أبيب رجال أعمال لإقامة شركات تساهم فى الاقتصاد الأفريقى، من أشهرها شركة النجمة السوداء للملاحة فى غانا، إلى جانب 800 شركة إسرائيلية لاستخراج المعادن لاستغلال الثروات المعدنية فى الكونغو وليبيريا.. وتعتبر انجولا على رأس قائمة الدول التى استطاعت إسرائيل التغلغل بداخلها اقتصادياً وفكرياً الى حد كبير، بحجة مساعدتها على النمو وتخطى أزمة موجة الفساد والفوارق الاجتماعية الموجودة داخلها، فهى الدوله الأفريقية الوحيدة التى حققت طفرة اقتصادية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، فتعد أنجولا الآن غنية بالموارد الطبيعية الهائلة، ومن أشهر عمالقة التعدين مما جعل اقتصادها مطمعاً للاستثمار العالمى.. وعلى الرغم من كل تلك الثروات البترولية التى تتمتع بها أنجولا حيث تنتج مليونى برميل يوميا إلى جانب إنتاجها من الماس، إلا أن المستفيد الوحيد من كل تلك الثروات هم المسئولون الحكوميون وعدد كبير من رجال الأعمال الإسرائيليين، فالشعب الأنجولى يعانى من الغلاء الفاحش وغير المبرر للأسعار الذى لا يتماشى مع كل تلك الثروات التى تتمتع بها بلده.. هذا ما كشف عنه الوفد الصحفى التابع لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذى ذهب فى رحلة إلى أنجولا مؤخراً للاطلاع والمراقبة على ما يحدث فى مناجم أشهر شركات الماس وهى كاتوكا الأنجولية لاستخراج الماس والتى توظف نحو 1500 عامل من داخل منطقة مناجم الماس، بمرتبات لا تتماشى مع الأرباح الهائلة التى يحصل عليها أصحاب الشركة، والتى من الصعب الحصول على بيانات توضحها، فشركة كاتوكا تحرص على إخفاء حقيقة أرباحها عن العالم، وخاصة الدول الأوروبية الطامعة بها، وهذا ما فعلته مع وفد هآرتس.. وعلى الرغم من تخوفات دول أفريقيا من أن يضع الاستثمار الاجنبى قبضته على الثروات الأنجولية، فإن هناك أربع شركات منها ثلاث شركات أوروبية تساهم فى حصة شركة كاتوكا، بينما أدعت إسرائيل أن الشراكة مع أنجولا على وشك الانتهاء، إلا أن تجارة الماس الخاصة بشركة «لفايف» فى انجولا مازالت تواصل ازدهارها بسيطرتها على ملكية لمنشأة لصقل الماس، كما أنها شريك فى مناجم أخرى غير منجم كاتوكا إلى جانب امتلاكها شركة بأنجولا لتصدير الماس الأنجولى الذى يصدر بأكلمه الى إسرائيل وبلجيكا ودبى، مما يدل على أن لها دورا كبيرا فى ازدهار الاقتصاد الانجولى لا يمكن الاستغناء عنه فى المستقبل.