فى ظل التحولات التى جعلت من الصين قوة اقتصادية وسياسية يتسابق الجميع الى كسب ودها، هل تنجح الجهود التى تبذلها الإدارة الأمريكية فى توطيد علاقتها بالصين وتفادى التصادم معها رغم تأزم الأوضاع الدبلوماسية من الحين لآخر بين البلدين؟ حيث أثار استقبال الرئيس الأمريكى باراك أوباما للزعيم الروحى للتبت «الدلاى لاما» غضب الصين التى اتهمت الولاياتالمتحدة بالتدخل الصارخ فى شئونها الداخلية والإساءة إلى مشاعر الشعب الصينى وإلحاق الضرر بالعلاقات الصينية الأمريكية، حيث ذكر المتحدث باسم الخارجية الصينية أن الاجتماع انتهك المعايير التى تحكم العلاقات الدولية ويتعارض أيضا مع التعهدات المتكررة للإدارة الأمريكية بأن الولاياتالمتحدة تعتبر التبت جزءا من الصين ولا تقدم أى دعم للاستقلال وطالبت الولاياتالمتحدة بالتوقف عن التواطؤ ودعم القوى الانفصالية المناوئة للصين، وقد حث الرئيس الصينى نظيره الأمريكى بعدم استقبال زعيم التبت الذى تتهمه الصين باستخدام شعار الدين للوصول لانفصال التبت عن الصين والتى تقع تحت سيطرتها منذ عام 1950 وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها، وقد حاول أوباما الحد من النتائج المترتبة على اللقاء من خلال مراسم استقبال بسيطة وتكتم إعلامى وتجنب الظهور علنا مع ضيفه الذى استقبله فى قاعة الخرائط فى البيت البيض وليس المكتب البيضاوى المخصص عادة لاستقبال الرؤساء واستضافه كرئيس سلطة دينية فقط وليس كرئيس دولة ورفض أوباما أن يكون هناك مؤتمر صحفى مشترك كما لم يتمكن المصورون من التقاط أى صورة للقاء، وأعلنت الرئاسة الأمريكية عن اللقاء فى آخر لحظة بينما كان الزعيم الروحى «الدلاى لاما» على وشك مغادرة العاصمة الأمريكية، كما أراد الرئيس الأمريكى إسكات حركات الدفاع عن حقوق الإنسان التى تأخذ عليه نظرته المسايرة للصين، حيث أثارت هذه الاحتياطات التى اتخذها البيت الأبيض انتقادات وصفها البعض بأنها بمثابة تنازل للصين، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض «جاى كارنى» فى بيان بعد الاجتماع إن الرئيس أوباما كرر تأييده القوى للحفاظ على التقاليد الدينية والثقافية واللغوية للتبت، كما أكد أهمية حماية حقوق الإنسان لمواطنى التبت فى الصين، فى حين قالت الصين إنها تعارض أى اجتماع مع «الدلاى لاما»، وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التى يلتقى فيها الدلاى لاما برؤساء أمريكا، فإن زيارته هذا العام تأتى وسط سلسلة من الأزمات ما بين الولاياتالمتحدة والصين والتى انعكست بدورها على العلاقات بينهما بدءا بالخلافات التجارية وتعرض جوجل لهجمات القراصنة الصينيين وتهديدات جوجل بالانسحاب من الصين والعلاقات المتوترة بسبب صفقة السلاح الأمريكية لتايوان التى تعتبرها الصين مساسا لأمنها القومى إضافة لحرب العملة بين البلدين، فضلا عن قضايا حقوق الإنسان والملف النووى لإيران وكوريا الشمالية، كما يأتى اجتماع البيت الأبيض فى لحظة حساسة إضافية للصين أكبر مقرض للولايات المتحدة مع وجود خلافات داخل الكونجرس بشأن كيفية رفع سقف الدين الأمريكى الذى يبلغ 14,3 تريليون دولار لتفادى التخلف عن السداد وتمتلك الصين أكثر من تريليون دولار فى ديوان الخزانة الأمريكية والتى ستصبح مكشوفة بشكل خاص إذا أخفق الكونجرس فى التوصل الى اتفاق بحلول منتصف أغسطس المقبل.