مرت 16 عاما على وقوع أبشع إبادة جماعية فى أوروبا ولا يزال البحث مستمرا عن رفات ضحايا المجزرة البشعة التى وصفها العضو المسلم فى المجلس الرئاسى الثلاثى للبوسنة بكر عزت بيجوفيتش خلال مشاركته فى إحياء ذكراها الأليمة فى 11 يوليوالجارى بأنها الجرح الأعمق لمسلمى البوسنة ووصمة سوداء على ضمير المجتمع الدولى وضمير الذين ارتكبوا هذه الجريمة... إنها مذبحة سريبرينيتشا التى تعد أبشع عملية إبادة جماعية فى أوروبا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وأبرز الأعمال الوحشية التى ارتكبها صرب البوسنة ضد المسلمين والكروات والمدنيين غير الصرب خلال حرب البوسنة (1992- 1995) التى دارت بين صرب البوسنة من جانب ومسلميها والكروات من جانب آخر فى إطار محاولة صربيا (يوغوسلافيا الاتحادية سابقا) استعادة السيطرة على البوسنة والهرسك عقب إعلانها الاستقلال عنها والتى أسفرت عن مقتل نحو مائة ألف شخص وانتهت بتوقيع اتفاقية دايتون للسلام بين كل من الرئيس الصربى الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش وفرانيو تودمان من الجانب الكرواتى وبيجوفيتش من الجانب البوسنى وأدت إلى تقسيم البوسنة والهرسك إلى كيانين يتمثلان فى «جمهورية صرب البوسنة» والاتحاد بين المسلمين والكروات. وجاءت ذكرى مذبحة سريبرينيتشا هذا العام بعد أسابيع على اعتقال الزعيم العسكرى السابق لصرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش الذى يعد مع رادوفان كراديتش الزعيم السياسى السابق لصرب البوسنة الذى أوقف عام 2008 أبرز المسئولين عن المجزرة، حيث قامت قوات ملاديتش بمحاصرة مدينة سريبرينيتشا شرق البوسنة والتى كانت تعتبر منطقة آمنة خلال فترة الحرب الأهلية فى البوسنة والهرسك وبالرغم من أنها كانت تخضع لحماية وحدة عسكرية من الأممالمتحدة قوامها 370 جنديا هولنديا فإن قوات ميلاديتش تمكنت من دخولها وقامت خلال يومى 10 و11 يوليو 1995 بذبح ثمانية آلاف صبى ورجل مسلم، وتم دفن الضحايا فى مقابر جماعية تم نبشها لاحقا وتوزيع الرفات على مقابر أخرى أصغر من أجل إخفاء حجم المجزرة. وكما هو معتاد فى 11 يوليو من كل العام، تدفق آلاف الأشخاص فى الذكرى السنوية ال 16 للمجزرة إلى نصب بوتوكارى قرب سريبرينيتشا حيث دفن 4524 شخصا نبشت رفاتهم من ضحايا المجزرة، فيما جرت مراسم دفن رفات 613 من الضحايا عثر عليها فى مقابر جماعية وتم تحديد هوياتهم منذ سنة، وبالإضافة إلى بيجوفيتش شارك فى إحياء ذكرى المجزرة العضوالكرواتى فى الرئاسة الجماعية البوسنية زيلييكو كومسيتش وكذلك الرئيس الكرواتى ايفو يوسيبوفيتش. أما الرئيس الصربى بوريس تاديتش فقد قام قبلها بأيام بزيارة رسمية نادرة للعاصمة البوسنية سراييفو مسقط رأسه فى خطوة تهدف لتحسين العلاقات التى مازالت تحمل آثار حرب البوسنة والتى دعمت خلالها صربيا صرب البوسنة سياسيا وعسكريا. وكان تاديتش قام بزيارات عديدة فى السابق للبوسنة والهرسك إلا أنها كانت مقتصرة على زيارة جمهورية صرب البوسنة الأمر الذى أدى إلى توجيه انتقادات شديدة له بسبب تجاهله لسلطة الدولة المركزية. وجاءت زيارة تاديتش الأخيرة للبوسنة فى إطار جهود المصالحة فى منطقة البلقان والتى يتزعمها تاديتش لتعزيز فرص صربيا فى الانضمام للاتحاد الأوروبى وتشمل المفاوضات مع كوسوفو الذى لا تعترف صربيا حتى الآن باستقلاله. وقبل سفره إلى سراييفو قال تاديتش إن بلاده لن تؤيد أية محاولة لفصل الكيان الصربى فى البوسنة.