نحن نقف بقلوب حزينة، ولكن بتصميم رهيب. فإذا لم يتم إغلاق معتقل جوانتانامو الآن، فإننا نخشى من أنه لن يغلق على الإطلاق.. هكذا أعربت فريدا بيريجان من جماعة «شاهد ضد التعذيب» عن إحباطها إزاء فشل إدارة أوباما فى إغلاق معتقل جوانتانامو، وذلك خلال مشاركتها فى تظاهرة خارج البيت الأبيض فى الذكرى السنوية التاسعة لوصول أول دفعة من المعتقلين إلى هذا المعتقل سىء السمعة والذى أصبح وصمة عار على جبين الولاياتالمتحدةالأمريكية. ففى الحادى عشر من يناير نظمت منظمة العفو الدولية ومركز الحقوق الدستورية وجماعة «شاهد ضد التعذيب» وجمعية «عائلات 11 سبتمبر من أجل غد سلمى» تظاهرة أمام البيت الأبيض شارك فيها عشرات الناشطين وارتدى 173 منهم سترات برتقالية وغطاء رأس أسود لتمثيل المعتقلين المتبقين فى معتقل جوانتانامو، والبالغ عددهم 173 سجينا. وطالب المتظاهرون الرئيس الأمريكى باراك أوباما الوفاء بتعهده الذى كان قد أعلنه فى مستهل ولايته الرئاسية بإغلاق هذا المعتقل الواقع فى قاعدة جوانتانامو البحرية التى تستأجرها الولاياتالمتحدة من كوبا منذ بداية القرن العشرين، والتى اختارتها واشنطن لتكون مقرا لاعتقال من يشتبه فى انتمائه لتنظيم القاعدة وذلك لوقوعها خارج سلطة القانون الأمريكى ليصبح اسم جوانتانامو منذ ذلك الحين مرادفا لعمليات التعذيب الوحشية والانتهاكات لحقوق الإنسان والأعراف والقوانين الدولية تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. وكان أوباما قد وقع فور انتخابه مرسوما يقضى بإغلاق المعتقل قبل حلول يناير 2010، إلا أنه مرت الآن سنتان دون أن يتمكن من تنفيذ وعده نتيجة لرفض دول أخرى استقبال المعتقلين وأيضا بسبب معارضة الكونجرس لنقل نزلائه إلى داخل الولاياتالمتحدة أو محاكمتهم أمام محاكم مدنية. وقد انتقد المحتجون إدارة أوباما لعدم مضيها قدما فى إجراء محاكمات مدنية ولموافقتها على نظام رسمى للاعتقال غير محدد المدة وعدم إعادة نحو 60 سجينا يمنيا أجيزت لهم العودة إلى بلادهم، حيث وقع أوباما على مذكرة تمنع نقل أى معتقل يمنى إلى بلاده وذلك عقب محاولة اختطاف طائرة فى ديترويت عشية عيد الميلاد عام 2009، والتى قام بها النيجيرى عمر الفاروق عبد المطلب الذى اتهمته السلطات الأمريكية بتلقى تدريبات على أيدى تنظيم القاعدة فى اليمن، مما أثار قلق مسئولين أمريكيين إزاء قدرة واشنطن على مراقبة أى معتقل بعد أن يتم ترحيله إلى بلاده. ومع ذلك أعاد المحتجون المطالبة بمحاكمة المعتقلين فى المحاكم المدنية أو الإفراج عنهم، إلا أن الإدارة الأمريكية قد لا تقدر على تنفيذ ذلك المطلب بعدما اضطر أوباما للتوقيع على مشروع قانون الإنفاق الدفاعى للسنة الحالية والذى يحظر استخدام اموال وزارة الدفاع خلال العام الجارى فى نقل أى معتقل من سجن جوانتانامو إلى الولاياتالمتحدة لأى غرض، ويضع أيضا قيودا على إرسالهم إلى دول أخرى ما لم تتوافر شروط معينة، مما شكل عقبة جديدة أمام خطط أوباما لإغلاق المعتقل. وبالرغم من أن أوباما تعهد بأن إدارته ستعمل مع الكونجرس للسعى إلى إلغاء هذه القيود، فإنه توجد شكوك فى قدرته على فعل ذلك، حيث يقول توم باركر من منظمة العفو الدولية إن «مشكلة إغلاق جوانتانامو تكمن فى أنه لابد من شجاعة معنوية ضخمة ومجازفة سياسية للقيام بما هو عادل، لكن الرئيس أوباما لم يبد شجاعة سياسية لتطبيق قناعته الأخلاقية» مؤكدا أن جوانتانامو لن يغلق حتى وإن انتخب أوباما لولاية ثانية. ويشاركه الرأى بنجامين وايتز الخبير فى معهد «بروكينجز» للأبحاث، حيث يرى أنه «عندما تبلورت التعبئة السياسية ضد مشروع إغلاق جوانتانامو أصيب الرئيس الأمريكى بالشلل تماما» فى وجه مبادرات الكونجرس.