يجب ألا ينزعج صنَّاع فيلم «الوتر» الذى كتبه «محمد ناير» وأخرجه «مجدى الهوارى» من سرد ملاحظات أساسية على فيلمهم، فنحن نقدر كثيراً طموحهم الكبير لصناعة عمل مختلف ينتمى إلى الدراما النفسية التى ترتدى ثوباً بوليسياً، ولكن ذلك لا يجعلنا نغفل عن ذكر هذه المسافة بين الطموحات والنتائج. هذه النوعية تحتاج لما هو أكثر من النوايا الطيبة بضبط رسم الشخصيات بملامحها النفسية والاجتماعية، وبضبط سلوكياتها أيضاً بحيث تقتنع أنها فعلت الأشياء المتوقعة منها. ثم بالتنفيذ المتقن للسيناريو، ولكن فيلمنا الذى كان آخر الأفلام الروائية الطويلة فى 2010، بعيد بشكل واضح عن هذه المواصفات، ولذلك من الصعب أن نقول إن العتب على المشاهد، إذ أن العتب فى الحقيقة على «الوتر»! الخط الأساسى- كما فى الأفلام البوليسية- هو التحقيق فى جريمة مقتل الملحن الشاب «حسن راغب» فى منزله بالمعمورة، واستدعاء الرائد «محمد سليم» «مصطفى شعبان» للتحقيق فى مقتله، واكتشاف القاتل، ثم تنحصر الشبهات فى الشقيقتين: «مايسة» «غادة عادل» و«منة» «أروى جودة»، الأولى عازفة للكمان، والثانية تعزف على «التشيللو». هذا فقط هو إطار الحكاية التى تستهدف أصلاً التأكيد على أن صورة الناس الحقيقية ليست كما يبدون عليها: فالشقيقة «مايسة» لديها خبرات مؤلمة من تحرشات زواج أمها فى الطفولة، ولديها صراع ظاهر بينها وبين «مائة» على الانفراد بقلب الملحن القتيل الذى نجح فى أن يجعلهما عشيقين له فى نفس الوقت، حتى رجل البوليس «محمد سليم» لديه عقدة أوقفته عن العمل لفترة، عندما قتل زوجته عن طريق الخطأ فى محاولته لإنقاذها من محاولة اغتصاب «؟!»، ويفترض أن يتبادل الخط النفسى البوليسى التأثير والتأثر وصولاً إلى تنفيذ جريمة مقتل الملحن الشاب باستخدام وتر إحدى الآلات الموسيقية، ولكن ما شاهدناه لم يكن مقنعاً وفقاً للمعلومات التى نعرفها عن الشخصيات، كان غريباً مثلاً أن يتجه عنف «مايسة» اتجاهاً آخر بينما يبدو منطقياً أكثر أن يكون عنفها فى اتجاه زوج الأم الذى تحرّش بها!، وكان غريباً أن أزمة «محمد سليم» القديمة لم تؤثر كثيراً على أدائه إذ نشط فى البحث عن مذنبين فيما هو يعانى من الشعور الداخلى بالذنب!، يضاف إلى ذلك ضعف الخط البوليسى سواء فى مساء التحقيق أو فى اختيار المشتبه بهم لتضليل المتفرج وصولاً إلى مفاجأة النهاية، أو حتى فى أسئلة الضابط الساذجة التى يوجهها لبطلى الفيلم فى المنازل أو الكافيهات، بل إنه يعترف ل «مايسة» التى يرى فيها زوجته بدون مناسبة. بأنه اتهم فى جريمة قتل بالخطأ، فى حين ترد له الاعتراف، فتتحدث ببساطة عن تحرش زوج الأم بها، وكأنها فى عيادة طبيب نفسى وليست أمام محقق يتهمها بالقتل! لعل أفضل طموحات «الوتر» فى محاولته خلق معادل موسيقى لأحداثه، أقول محاولة لأنها اصطدمت بثغرات الدراما سابقة الذكر مما جعل الموسيقى التى وضعها الثنائى «محمد مدحت» و«أمير هداية» أقوى من الحدث الذى نشاهده، ولعل النجاح الأكثر مونتاجياً «غادة عز الدين» وموسيقياً مصرياً «تصوير مازن المتجول وعمرو فاروق» كان فى مشهد النهاية.. أما الممثلون فقد فشلوا فى العثور على مفاتيح لأداء شخصيات غائمة فى حين بدا «مصطفى شعبان» بوجه جامد فى أغلب المشاهد، وكأنه ارتدى قناعاً لا يعبر عن انفعالاته الشخصية واضطرابها وتعقيداتها!