مازالت أفغانستان تمثل مأزقاً للإدارة الأمريكية على الرغم من إعلانها بدء الانسحاب فى يوليو 2011، وهو ما ظهر فى تصريحات المتحدث الرسمى باسم البنتاجون «ديفيد لابان» الذى أعلن أن البيت الأبيض سيعلن عن نتائج مراجعة الاستراتجية الأمريكية فى أفغانستان الأسبوع القادم والتى تضمنت إرسال 30 ألف جندى أمريكى إلى أرض المعركة للتغلب على قوات طالبان و تنفيذاً لتوصيات قائد القوات الأمريكية السابق فى أفغانستان الجنرال ستانلى ماكريستال إلا أنه لم يتم تحديد تاريخ محدد لها، بل يزداد التخبط ليصبح أكثر وضوحاً أثناء زيارة الرئيس أوباما إلى أفغانستان فى الرابع من الشهر الجارى، حيث إن هناك تضارباً فى أقواله حول الوضع الراهن، فبينما أكد أن الجيش الأمريكى يحقق انتصارا على طالبان، نجده من جهة أخرى يحذر قواته من أن أمامهم أياماً عصيبه فى هذه الحرب، ويؤكد هذا التخبط تصريحات وزير الدفاع الأمريكى «روبرت جيتس» الذى أعرب عن قناعته بأن الاستراتيجية الأمريكية فى أفغانستان ناجحة، إلا أنه عاد واعترف بأن حلف شمال الأطلسى «الناتو» والقوات الأفغانية تتكبد المزيد من الخسائر. ومن هنا يطرح المشهد السياسى والعسكرى العديد من التساؤلات فى الأوساط البحثية فى الولاياتالمتحدة حول ما الذى يجب أن تقوم به الإدارة الأمريكية وقوات التحالف من أجل أن تتضمن خروجا آمنا من أفغانستان مع ضمان عدم سقوط الحكومة الأفغانية فى أيدى طالبان بمجرد خروجهم النهائى فى 2014 وهو ما تم الاتفاق عليه فى قمة الناتو الأخيرة بلشبونة، بالإضافة إلى ما إذا كانت القوات الأفغانية بحلول هذا التاريخ ستكون قادرة على تولى زمام الملف الأمنى من قوات التحالف و إن لم تكن فما هو البديل؟. وفى هذا السياق أصدرت مؤسسة «راند كورب» للاستشارات فى المجال الأمنى - الواقع مقرها بولاية فرجينيا وتعمل مع البنتاجون - كتابا لكل من الباحثين سيث جوهانز وأثرو مونيز باسم «الحرب المحلية الأفغانية، بناء قوات دفاع محلية» ويحاول الباحثان تقديم روشتة للإدارة الأمريكية وقوات التحالف حول كيفية اكتساب أرض جديدة فى معركتهم ضد طالبان، حيث يؤكد الباحثان أن قوات التحالف كانت تتعامل مع هذه الحرب على أنها بين الحكومة وطالبان وبالتالى كان بناء الثقة من أعلى إلى أسفل ولذا يوجه الباحثان قوات التحالف إلى ضرورة بناء أرضية جديدة من الثقة عبر تعبئة و حشد المجتمعات المحلية و الممثلة فى قوات الشرطة القبلية مثل «أركابى» التى توجد فى جنوب شرق أفغانستان وتعمل على حماية هذه المنطقة. ويقول الباحثان إن تعبئة هذه المجتمعات ضد طالبان سيساعد قوات التحالف فى التغلب عليها وإقرار الأمن وتحسين فرص مكافحة التمرد، وكسب تأييد السكان ومساعدتهم مما سيؤدى إلى الحصول على معلومات دقيقة حول مواقع وتحركات المتمردين وحرمانهم من الملاذ الآمن فى تلك المناطق القبلية. وفى سياق متصل قدم مركز أبحاث «نيو أمريكان» وهو مؤسسة بحثية غير ربحية تهتم بالشئون السياسية فى الولاياتالمتحدة وله صلات بمراكز اتخاذ القرار كالبنتاجون دراسة مشتركة لكل من اللفتنانت جنرال ديفيد بارنو، قائد سابق متقاعد من القوات الأمريكية فى أفغانستان واندرو اكسوم باسم «الانتقال المسئول – حماية المصالح الأمريكية فى أفغانستان بعد 2011»، حيث تطالب الدراسة الولاياتالمتحدة بتقليص وجودها العسكرى من نطاق واسع وموارد كثيفة إلى وجود أقل، لكى تحافظ على المكاسب التى حصلت عليها قوات التحالف على الأرض. وتدعو الدراسة إلى التزام الولاياتالمتحدة وحلفائها بوجود طويل الأمد فى أفغانستان لحماية المصالح الحيوية الأمريكية بعد عام 2011، وهزيمة القاعدة فى جميع أنحاء المنطقة مع دعم التحول إلى قوات الأمن الوطنية الأفغانية لتقود الكفاح المستمر ضد حركة طالبان بحلول عام 2014. وفيما يتعلق بباكستان، يرى الباحثان أهمية أن تستخدم الولاياتالمتحدة المساعدات العسكرية والاقتصادية كورقة ضغط على «إسلام اباد» لتقوم بعمليات عسكرية أكثر شدة ضد المنظمات والمليشيات المتطرفة.