بعد طول غياب أصبحت محافظة المنيا - عروس الصعيد - محط أنظار السياح وقبلة الوافدين بعد نجاح المحافظ أحمد ضياء الدين فى القضاء على الإرهاب وأعوانه فى معركة انتصر فيها على طيور الظلام، حيث قرر أبناء المحافظة قيادة وشعباً التعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة د.أحمد مجاهد لتقديم ثقافة راقية وإحياء تراث رواد التنوير فى مصر مثلما حدث فى مهرجان المنيا الثالث للموسيقى العربية والاحتفال بشيخ الملحنين زكريا أحمد. لواء د. أحمد ضياء الدين محافظ المنيا أكد فى تصريحات خاصة لأكتوبر أن القضاء على الفكر الظلامى يحتاج لحرفية شديدة بعيداً عن التعامل الأمنى، وذلك لأن التطرف لا يعالج إلا بالتنوير ونشر ثقافة التسامح بيت أبناء المجتمع الواحد. وعن سر انتصار أبناء المحافظة على طيور الظلام فى معركة التنوير قال ضياء الدين إن المواطن المنياوى متدين بطبعه، ويبحث عن الوسطية دائما، كما أن المصريين عموماً يرفضون العنف ويبحثون عن التواصل والتراحم والحياة، وقد ثبت منذ فجر التاريخ حسبما ذكرت النقوش والآثار أن التدين كان ترنيمة الشعب، والصلوات طريق المناجاة، أما إخناتون وزوجته نفرتيتى فكانا رمز التوحد والإيمان. كما أن فطرة المصريين عموما وأبناء المنيا خصوصاً رسمت مكونات الطبيعة فى قلوب البشر فتفوقوا على غيرهم فى مجالات الأدب والفكر والثقافة، فكان منهم د. طه حسين والموسيقار عمار الشريعى والفنانة سناء جميل والمخرجة إنعام محمد على والكاتبة نعمات أحمد فؤاد والمخرج نور الدمرداش زالفنان حكيم والمبدع هانى رمزى. وألمح اللواء ضياء الدين أن المغنى القائم على الثقافة هو غذاء الروح ولهذا رحبت المحافظة باستقبال مهرجان المنيا الثالث للموسيقى العربية احتفالا بشيخ الملحنين زكريا أحمد. وفى نفس السياق أشار د. أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة إلى أن عرض تراث شيخ الملحنين زكريا أحمد يعد خطة مدروسة للارتقاء بالذوق العام من خلال إحياء تراث رواد الفكر والتنوير والثقافة والموسيقى فى أرجاء مصر، مضيفاً أن تراث الشيخ زكريا أحمد الموسيقى يعد علامة مضيئة فى تاريخ الفكر العربى، وليس فى تاريخ الموسيقى فحسب. وعن الفرق الموسيقية التى يتم تكريمها فى المهرجان يقول د. مجاهد هى فرق الغرض منها المحافظة على التراث الموسيقى والتواصل مع ألحان الرواد الأوائل أمثال رياض السنباطى وسيد درويش وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب وتوثيق العلاقة بينه وبين الأجيال الشابة وتأكيداً لقيمة الفن فى نفوس الأطفال والنشء بتقديم شيخ أزهرى رائد فى علوم القراءات والمقامات الموسيقية، وهو الشيخ زكريا أحمد وهو المبدع الذى تخرج من مدرسة التلاوة القرآنية فى زمن كان الأزهر الشريف يقوم بتدريس علم المقامات الموسيقية. فيما أكد الفنان أحمد إبراهيم مدير عام الموسيقى أن شيخ الملحنين زكريا أحمد يعد أحد صناع التراث الموسيقى الذى ساهم فى إبداع 1070 لحناً، وهو آخر المشايخ الذين ساهموا فى النهضة الموسيقية منذ منتصف القرن ال 19 وحتى أوائل القرن العشرين. وحتى يعرف الجيل الحالى البيئة التى نشأ فيها الشيخ زكريا أحمد والتى أهلته ليكون قيمة فى مجال التلحين الموسيقى يقول الفنان أحمد إبراهيم إنه ولد فى 1896 ونشأ فى حى الأزهر والحسين وينتمى لأب بدوى، حفظ فى حياته الأولى القرآن الكريم عن ظهر قلب فأجاد ترتيله، وإنشاد الألحان البدوية الصحيحة.. كانت أمه تركية من ربيبات القصور الحاكمة، وكانت تجيد الغناء التركى القديم. ويضيف المطرب أحمد إبراهيم أن مبدأ التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر ينطبق على زكريا أحمد الذى تعلم أصول الإنشاد على يد الشيخ على محمود الذى جعله رئيساً لفرقة الإنشاد، كما أتقن منه الموشحات على يد الشيخ درويش الحريرى، وكل هذه الأسماء اللامعة كانت علامات بارزة بين علماء الأزهر. وفى نفس السياق يقول الموسيقار الكبير محمد قابيل وعضو لجنة تحكيم المهرجان إن من أهم خصائص شيخ الملحنين زكريا أحمد براعته فى تلحين القصيدة العربية وبلغ قمة التجديد حينما لحن لسيدة الغناء العربى أم كلثوم (قولى لطيفك أن ينسى) فى فيلم «دنانير» وأضاف قابيل أن الشيخ زكريا أحمد بنى ألحانه على اللغة الشعبية الناتجة عن سلوكيات الناس فى الحياة وكان تجديد شيخ الملحنين من شجرة الألحان القديمة ولكن فى إطار عصرى، بالإضافة إلى أنه قدم لونا جديدا لم يسبقه أحد فيه عندما استخدم الموسيقى كسلاح للسخرية، وساعده فى ذلك الشاعر الجميل بيرم التونسى الذى برع فى نقد سلوكيات المجتمع ورفض رياح التغريب التى بدأت تهب على منطقة الشرق الأوسط فى مطلع القرن العشرين. وألمح المايسترو عبد الحميد عبد الغفار أن شيخ الملحنين زكريا أحمد كان أمنية كل مطربى عصره بداية من نجاة على ومنيرة المهدية وصالح عبد الحى ونجاه الصغيرة وحتى المطربين الملحنين أمثال محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش. وفى نهاية المهرجان أعلنت د. رتيبة الحفنى رئيس لجنة التحكيم مراكز الفرق الموسيقية الفائزة، حيث فازت فرقة المنيا بالمركز الأول، وحصلت على الميدالية الذهبية وشهادة تقدير ومكافأة مالية قيمتها 10 آلاف جنيه، فى حين حصلت فرقة أسيوط على المركز الثانى والميدالية الفضية وشهادة تقدير و8 آلاف جنيه، فى حين فازت فرقة أسوان بالمركز الثالث وحصلت على مكافأة مالية قدرها 7 آلاف جنيه مع شهادة تقدير وميدالية برونزية.