شهد المجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة اهتمامًا كبيرًا بإنشاء مراكز التدريب ومعاهد إعداد القادة فى إطار التوجه نحو الإصلاح الإدارى على المستوى الرسمى من جانب الجهات المعنية وفى مقدمتها وزارة الدولة للتنمية الإدارية وعلى مستوى القطاع الخاص الذى يسعى لتوفير المناخ الإدارى الملائم لأنشطة الشركات متعددة الجنسيات وأيضا فى ظل التوسع فى ميكنة الخدمات الحكومية، وتثير هذه المعاهد ومراكز التدريب وإعداد القادة جدلاً شديدًا تعبر عنه وجهات النظر المختلفة حول مردود هذه المعاهد ومراكز التدريب على الإصلاح الإدارى فى المجتمع وشعور المواطن بدورها فى تحسين الخدمات الحكومية وحول طبيعة الدور الذى تقوم به هذه الهيئات التقينا ببعض خريجى هذه المعاهد والخبراء والمسؤلين المعنيين بجهود الإصلاح الإدارى .. يقول الدكتور حسن محمد علام أستاذ الخرسانة المسلحة بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء الذى خاض تجربة التأهيل الإدارى فى إحدى دورات إعداد القادة إنه اكتسب مهارات مهمة على المستوى الإدارى تجعله قادراً على مواكبة الأساليب الجديدة للإدارة وقادراً على تطبيقها وعندما سألناه عما إذا كان يستطيع الصمود والمضى فى تطبيق الأساليب الإدارية الجديدة عندما يصدم بالواقع الإدارى على مستوى محيط عمله أجاب ونظرات التحدى تسبق كلماته انه قد عقد العزم على اتباع السلوكيات الإدارية الجديدة التى يؤمن بها والتى أصبحت تصقلها الخبرة الإدارية التى اكتسبها خلال دورات التدريب التى حصل عليها وأنه سوف يعمل على نشر الفكر الإدارى الجديد الذى يعتمد على الشفافية والتفكير الإبداعى قدر استطاعته. وفيما يتعلق بمتطلبات الإصلاح الإدارى فى مصر يقول الدكتور حسن علام إن الإصلاح الإدارى فى مصر يحتاج الاهتمام بنشر ثقافة النفس الطويل فى وضع الخطط والاستراتيجيات الإدارية طويلة المدى التى تهدف إلى تنمية جهود تغيير وإصلاح حقيقية والتى لا يتم تغييرها بتغيير القادة وأضاف أنه علاوة على ذلك يحتاج القطاع الإدارى فى مصر إلى موجات من التدريب المتلاحق تساعد على تغيير الثقافة السلبية لمفاهيم الإدارة فى مصر وبجانب الدورات الراهنة التى يتم إعدادها للتأهيل الإدارى والتدريب على أساليب الإدارة الحديثة يوصى الدكتور حسن علام بضرورة عقد دورات تدريبية تهتم بالتربية. مواجهة المعوقات/u/ وبنظرة تشع تفاؤلاً وأملاً فى امتلاك القدرة على مواجهة معوقات الإصلاح الإدارى بدأت الدكتورة غادة فاروق مدير عام المكتب الفنى بالهيئة العامة للتخطيط العمرانى وأحد الذين خاضوا تجربة التأهيل الإدارى بإحدى الدورات التى تنظمها مراكز التأهيل وإعداد القادة حديثها عن مزايا هذه الدورات بالقول إنها اكتسبت مزايا كثيرة على المستوى الإدارى واكتسبت مهارات العمل الإدارى الحديث وأضافت أن معاهد إعداد القادة ومراكز التأهيل الإدارى تعد خطوة هامة على طريق الإصلاح الإدارى وتقول إنها مستعدة للإسهام قدر المستطاع فى نشر نمط الثقافة الذى يمكن توظيفه فى التصدى لسلبيات النظام الإدارى والإسهام فى زيادة القدرة على الإنتاج وتحسين نوعية الخدمة على مستوى محيط عملها ودائرة معارفها وأصدقائها. وتكشف وجهات نظر الخبراء عن دور هذه المعاهد والمراكز فى الإصلاح الإدارى عن وجهتى نظر متناقضتين الأولى تعبر عنها الدكتورة عالية عبد الحميد عارف أستاذ الإدارة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة التى ذكرت أن معاهد إعداد القادة ومراكز التأهيل الإدارى لا تأتى بالنتائج المرجوة منها لعدة أسباب من أهمها ان هذه المعاهد تهتم بالجانب التقنى فقط دون الاهتمام بنشر ثقافة التعامل مع مجتمع المعلومات والتطور التكنولوجى بالإضافة إلى عدم الاهتمام بهذه المراكز بعد إنشائها من حيث طبيعة الدور الذى تقوم به وكيفية تفعيله وهو ما يجعلها تقتصر على الشكل فقط دون الاهتمام بالمضمون وهو ما يساعد على تحويلها إلى هياكل تقليدية تهتم بالشكل فقط وتضيف أن هذه السمة تعد سمة عامة تسود القطاع الإدارى المصرى وتعد من أهم معوقات الإصلاح الإدارى فى مصر وحول أسباب تعثر محاولات الإصلاح الإدارى فى مصر تقول إن الاهتمام بتقديم الحلول الجزئية فقط دون الاهتمام بالبحث عن حلول كلية وشاملة للمشكلات الكبيرة التى تواجه الدولة على مستوى القطاعات المختلفة وتضيف أن من أهم هذه الأسباب أيضًا غياب المساءلة الحقيقية وغياب الدور الفاعل للمواطن فى الإسهام فى التصدى لسلبيات النظام الإدارى وتطويره. انهيار النظام/u/ ويعبر عن الرؤية الثانية التى تأتى مناقضة لذلك الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادى الذى يؤكد أن مراكز التأهيل الإدارى ومعاهد إعداد القادة لعبت دوراً شديد الأهمية فى المجتمع المصرى فهى التى أنقذت الهيكل الإدارى المصرى من الانهيار ومن وقوع كوارث مؤكدة، فهى وإن كانت لا تصل إلى المستوى المطلوب إلا أنها استطاعت أن توقف الانهيار الإدارى، ويضيف أنه بالرجوع بذاكرتنا بضع سنوات للوراء نستطيع أن نتبين حجم التردى الذى يمكن أن يصل إليه النظام الإدارى المصرى فى حالة غياب الدور الذى قامت به هذه المعاهد فى التدريب والتأهيل على استخدام التكنولوجيا فى مجال العمل وتقديم الخدمات للمواطنين. خطة التأهيل/u/ ويقول الدكتور أحمد درويش وزير الدولة للتنمية الإدارية إن الموروث الثقافى المصرى يعد من أهم معوقات الإصلاح الإدارى ويضيف ان هذا الموروث يتضح من بعض العبارات التى تتتردد على ألسنة الكثيرين من العاملين بالهيكل الإدارى المصرى مثل «الشغل ما بيخلصش» و « تعالى بكرة». ويوضح أن نشر نمط ثقافى جديد على المستوى الادارى لا يمكن أن يأتى بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج إلى فترة زمنية مناسبة وإلى جهود مكثفة من جانب المواطن والجهات المعنية والعاملين بالقطاع الإدارى أنفسهم، ويضيف أن الوزارة تضع ضمن أولويات اهتمامها فيما يتعلق بالإصلاح الإدارى تطوير القطاع الإدارى على المستوى التقنى والتكنولوجى وعلى مستوى تغيير الأنماط الثقافية السلبية وفى المقابل نشر المبادئ التى تساعد على النموذج الإدارى القائم على الديموقراطية والأخذ بمعايير الكفاءة والإنتاجية فى سير العملية الإدارية واختيار الكوادر. وحول القيادات التى يتم تأهيلها سنويًا من خلال العمل المشترك بين وزارة الدولة للتنمية الإدارية ومراكز ومعاهد إعداد القادة ذكر أنه يتم سنويًا تأهيل عدد من 270 إلى 300 قيادة سنويًا وحول الجهود المستقبلية ذكر أن الوزارة تعد خطة لتأهيل 1000 قيادة سنويًا وهو ما سوف ينعكس بشكل إيجابى ملحوظ على النظام الإدارى المصرى، خاصة أن من يمكن وضعهم تحت توصيف موظف يبلغ عددهم 3 ملايين فقط، وأضاف أن الوزارة سوف تضع ضمن أولويات اهتماماتها أيضًا الإصلاح الإدارى وتأهيل القادة على مستوى المحافظات.