كشفت اجتماعات القمة الأفريقية – الأوروبية الثالثة والتى عقدت مؤخرا فى العاصمة الليبية طرابلس تحت عنوان «الاستثمار والنمو الاقتصادى وخلق وظائف عمل»، وشارك فيها نحو 80 زعيما ومسئولا ورئيس دولة وحكومة من دول الاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى ورئيس المفوضية الأفريقية جون بينج ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو ورئيس المجلس الأوروبى هيرمان فان رومبيوى عن وجود خلافات كثيرة وعوائق أمام تحقيق الشراكة الاقتصادية بين افريقيا وأوروبا خاصة وأن أوروبا تواجه الآن أزمات اقتصادية طاحنة فى عدد من دولها فى مقدمتها اليونان والبرتغال وغيرهما . يأتى ذلك فى الوقت الذى خصت المفوضية الأوروبية 24.4 مليار يورو منها 16 مليارا من صندوق التنمية الأوروبى لتنفيذ الشراكة الاستراتيجية بين أفريقيا والاتحاد الأوروبى فى الفترة من عام 2007 إلى عام 2013. يذكر أن أوروبا هى الشريك التجارى الرئيسى لأفريقيا ففى سنة 2006 بلغ التبادل التجارى بينهما 200 مليار يورو، وبلغت المساعدات 35 مليار يورو، لتكون أبرز المانحين الدوليين لأفريقيا. ومن جانبه قدر صندوق النقد الدولى حجم الاقتصاد الأوروبى سنة 2005 ب13.5 تريليون دولار، مما يجعله أضخم من الاقتصاد الأمريكى الذى يبلغ 12.5 تريليون دولار. بينما تضم قائمة الدول ال 39 الأكثر فقرا 29 دولة أفريقية، وتبلغ الديون الخارجية لدول القارة 380 مليار دولار، وارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 31 مليار دولار سنة 2005 وهو رقم لا يتجاوز 3% من حجم الاستثمار العالمى، واتجهت الاستثمارات نحو الموارد الطبيعية خاصة النفط. وناقشت القمة عددا من القضايا التى تعزز وتعمق التعاون، وركزت على تبنى خطة العمل الثانية (2011-2013) للاستراتيجية المشتركة التى ستتضمن خطوات محددة نحو تعزيز فى ثمانية مجالات للشراكات بهدف مواجهة التحديات التى طرأت منذ القمة الثانية التى عقدت فى لشبونة. وستسمح هذه الخطة بتعزيز العلاقات بين القارتين بما يمهد الطريق نحو مستقبل أفضل وأكثر ازدهارا لصالح 1.5 مليار نسمة يعيشون فى 80 بلدا عضوا فى الاتحاد الأفريقى والاتحاد الأوروبى. كما بحث القادة الأفارقة والأوروبيون العديد من القضايا التى تمثل ملخصا لخطة العمل الثانية إلى جانب وثيقة أخرى وهى إعلان طرابلس. ومن بين القضايا المحورية التى بحثتها القمة: السلام والأمن وتغير المناخ والاندماج الإقليمى وتنمية القطاع الخاص والبنية التحتية والطاقة والزراعة والأمن الغذائى والهجرة والبحث العلمى والفضاء والعلوم والتكنولوجيات. وتمثل الهجرة غير الشرعية أبرز التحديات التى توليها القارة السمراء اهتماما كبيرا نظرا للمأساة المرتبطة بهذه الظاهرة التى ألحقت أضرارا جسيمة بالشباب الإفريقى الباحث عن مستقبل أفضل والساعى لتحسين ظروفه المعيشية فى ضفة شمال المتوسط. وتطرح ليبيا مقترحا لتهيئة ظروف معيشية أفضل لمرشحى الهجرة غير الشرعية فى بلدانهم الأصلية عبر إطلاق مشاريع إنمائية من أجل تثبيت السكان بفضل أنشطة جالبة للدخل. حيث طلبت ليبيا من الاتحاد الأوروبى فى أغسطس الماضى تقديم 5 ملايين يورو سنويا لوقف الهجرة غير الشرعية نهائيا عبر توجيه هذه الموارد لتأسيس مشاريع إنمائية من شأنها وقف تدفق طالبى الهجرة الذين يتخذون من ليبيا نقطة عبور فى طريقهم نحو الدول الأوروبية. وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو عن تفاؤله بمستقبل الشراكة مع الاتحاد الافريقى فى ختام القمة الثالثة بالعاصمة الليبية طرابلس على الرغم من الانتقادات الافريقية لعدد من الملفات وعلى رأسها التجارة والاستثمارات. وأشار رئيس المفوضية الأوروبية الى الاستعداد الأوروبى للمرور الى مرحلة «المشاريع الملموسة» مشيرا إلى الوضوح والصراحة اللذين ميزا المحادثات بين القارتين. وأضاف أن هناك الكثير من النقاط التى تمت مناقشتها والاتفاق حولها فى برامج سيبدأ العمل على تطبيقها على امتداد السنوات القادمة، غير أنه لم يشر إلى جدول زمنى محدد للبدء فى تحويل تلك البرامج إلى واقع وما إذا كانت القمة ستتبنى مبدأ الانعقاد فى مدة لا تقل عن السنوات الأربع عوضا عن سنتين كما اقترح الزعيم الليبى معمر القذافى مستضيف القمة.