زعيمة المعارضة فى ميانمار «أونج سان سوتشى» أن تكون رمزا عالميا للمقاومة السلمية فى مواجهة المجلس العسكرى الحاكم فبالإضافة لكونها رمزا للحرية والديمقراطية فى بلادها فإنها قضت حوالى خمسة عشر عاما من الواحد والعشرين عاما الماضية ما بين السجن والإقامة الجبرية. وعلى الرغم من خروجها إلى الحرية فى الثالث من الشهر الماضى بعد سبع سنوات متواصلة قيد الإقامة الجبرية إلا أنها مازالت مصرة على التمرد على سيطرة العسكريين على مقاليد الحكم فى البلاد، وهو ما اتضح من خلال خطابها الأول الذى ألقته عقب إطلاق سراحها وتعهدت فى كلمتها أمام الآلاف من مؤيديها بمواصلة النضال من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية والمصلحة الوطنية، ودعت سوتشى القوى الديمقراطية فى ميانمار إلى الوحدة، وقالت إن الديمقراطية تقوم على حرية التعبير مؤكدة أنها تريد العمل مع كل القوى الديمقراطية فى إشارة واضحة منها إلى أنها عاقدة العزم على العودة بسرعة إلى الاضطلاع بدورها على الساحة السياسية فى البلاد، كما أكدت سوتشى فى مقابلة مع الاسوشيتيدبرس أن الإفراج عنها بعد سبع سنوات من الاعتقال ليس مؤشرا على لين فى الحكم القاسى للجيش الذى دام فى هذا البلد الواقع جنوب شرق آسيا، وأوضحت سوتشى أنها تعتزم مواصلة السعى لإدراك هدفها، وهو تحويل ميانمار إلى دولة ديمقراطية. وأضافت: «على الرغم من أن الأهداف لم تتحقق فإننى أتمنى أن استمر فى الحياة حتى أرى ميانمار دولة ديمقراطية». وعلى الرغم من عودة سوتشى للمسرح السياسى إلا أن مجلة «تايم» الأمريكية تساءلت عن إمكانية عودتها لقيادة المعارضة فى بلادها، خاصة أن الرابطة الوطنية للديمقراطية التى كانت ترأسها سوتشى انشق جزء منها وأسس حزبا جديدا هو «القوة الوطنية للديمقراطية» اشترك فى الانتخابات التى تمت فى السابع من الشهر الماضى. وعلى الرغم من حصولهم على مقاعد قليلة فى مجلس أكثريته من العسكريين إلا أنهم فسروا موقفهم بأنه ضرورة للتمثيل النيابى فى البرلمان الجديد وبأنه أفضل من لا شىء وحتى بالنسبة للرابطة فإنها هرمت إذ أن معظم كوادرها من الناشطين القدامى وكبار السن. يذكر أن سوتشى هى ابنة بطل الاستقلال «أونج سانج» الذى قاد نضال مفاوضات جلاء البريطانيين عن ميانمار عام 1947 لكنه لم ينعم بفرحة الاستقلال واغتيل لاحقا على يد منافسه فى نفس العام وكانت سوتش لا يزال عمرها عامين تعهدتها والدتها بالرعاية وفى عام 1960 رحلت إلى الهند مع والدتها وبعد ذلك بأربع سنوات التحقت بجامعة أوكسفورد فى بريطانيا، حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، إلا أنها عادت عام 1988 ولكن تم اعتقالها وحددت إقامتها وعرض عليها إطلاق سراحها فى مقابل مغادرتها للبلاد لكنها رفضت، وفى عام 1990 دعا المجلس العسكرى الحاكم إلى انتخابات عامة فى البلاد، شارك فيها حزبها وفاز بأغلبية الأصوات ورشحها الفوز لمنصب رئاسة الحكومة وأخفقت فى تسلم مقاليد المنصب واستمر وضع الإقامة الجبرية مفروضا عليها وظلت فيه إلى أن أفرج عنها، وفى أثناء تلك الفترة حصلت على جائزة نوبل للسلام لدعمها النضال السلمى عام 1991، ولكنها لم تتمكن من استلامها واستلمها ابنها، وفى سبتمبر 2000 وضعت ثانية قيد الإقامة الجبرية وأفرج عنها بلا شروط فى مايو 2002 لكنها وضعت فى السجن بعد نحو عام إثر صراعات بين مؤيديها ومؤيدى الحكومة وظلت طوال تلك الفترة قيد الإقامة الجبرية حتى أفرج عنها الشهر الماضى. لكنها استثمرت تلك الفترة على أفضل وجه وفى مجالات عديدة منها إتقان اللغة الفرنسية واليابانية ودراسة ما لم تكن ملمة به فى الماضى مع الانتظام فى ممارسة الرياضة وتأمل وضع ميانمار فى الحاضر والمستقبل.