تواجه جهود التسوية الإسرائيلية الفلسطينية أحد منعطفاتها المهمة من خلال الحوار الذى تجريه واشنطن مع المسئولين الإسرائيليين خلال زيارة نيتانياهو للولايات المتحدة والتى يعول عليها الجانبان الكثير من حيث مدى إمكانيات دفع الحوار الثنائى الفلسطينى الإسرائيلى من جهة أو مدى مراعاة الجوانب المتعلقة بما تراه واشنطن من ضرورات لخدمة إمكانيات التسوية وبما يعنى الكثير فى إطار الأهداف الأمريكية وضرورات حركتها فى المنطقة ككل من ناحية أخرى. بدت المواقف المطروحة لا تحتاج لكثير من الشرح أكثر من حاجتها لكثير من الحلول التوفيقية تجاه التفاوض الفعلى، ومع الدفع الأمريكى فى اتجاه مشاورتها مع إسرائيل فإنها تحرص على طرح اعتباراتها الخاصة وبالتالى فإن رئيس الوزراء الإسرائيلى وضح انه يواجه الرغبة الأمريكية فى الحركة بصياغة قد تحولها للضغط على الجانب الآخر ومن ذلك يبدو حرص نتنياهو على إبداء تسريب إعلان تجميد الاستيطان فى فترة من ثلاثة إلى تسعة شهور يتم خلالها تحقيق تقدم فى المواقف المستهدفة مع الجانب الفلسطينى، حيث تعتمد أفكار نتانياهو على ثلاثة أشهر يتخللها تجميد كامل للبناء يعقبها تسعة أشهر يمكن خلالها القيام بأعمال محدودة لأغراض الاستجابة فقط للنمو الطبيعى للسكان بالمستوطنات وهو الأمر الذى يترك فرصة كبيرة للتلاعب بالمواقف تحت ضغط التوقيتات. من ناحية أخرى فما زالت المواقف الإسرائيلية تربط بين استئناف التفاوض والاستجابة لبعض مطالبها الخاصة لاسيما مع توجيه مزيد من الاهتمام بالربط بين المسار الفلسطينى وبعض ما تضمنته مبادرة السلام العربية فى محاولة لإحياء ما تضمنته من ايجابيات قد تركز عليها إسرائيل بحيث تظل باقى المطالب المطروحة فى درجة اقل وضوحاً فى الأهمية. وعلى ذلك فقد أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلى صعوبة إبدائه أى تغيرات علنية على موقفه من حيث الحرص على تشديد بانتظار رد الفعل الفلسطينى منحيث الالتزام بالمفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة مع التلويح بأن أية محاولة للالتفاف على المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة واعتبار أن أية محاولة للالتفاف على المفاوضات المباشرة أو التوجه إلى الهيئات الدولية أمور لن تساعد على دفع السلام. وبالتالى فقد حرص رئيس الوزراء الإسرائيلى على دفع بعض المواقف الأساسية و منها أهمية عدم التركيز على ما يسمى بعقبة الاستيطان فى نفس الوقت الذى أوضح رغبة إسرائيل فى التوصل لاتفاق إطار مع الفلسطينيين عبر التفاوض المباشر فى نفس الوقت الذى اشار فيه إلى التزامن مع تحقيق تسوية أخرى مع دول الجوار، وهى الأمور التى مازالت تستند إلى المنطق الإسرائيلى فى تحديد ما تطلبه إسرائيل من الآخرين دون أن تتطوع بإظهار القدر المقابل الذى يمكن أن تقدمه من جانبها و ذلك على أمل تحقيق أكبر قدر ممكن من الصفقة لصالحها. تستهدف إسرائيل بالتالى سبر أغوار التنازلات التى يمكن للجانب الفلسطينى بل العربى تقديمها قبل قيامها بالكشف عن مواقفها النهائية المطروحة فى المقابل لاسيما أن إسرائيل عادة ما تظهر رغبتها فى مواجهة حصار السلام بتأكيد مفاهيم الأمن الإسرائيلى وبما تكتفى معه بإبداء استعدادها للتجاوب مع ما تراه واشنطن من أفكار خاصة بالأمن الأمريكى داخل منظومة الشرق الأوسط بصفة عامة. وإذا كانت إسرائيل عادة ما تلجأ إلى الهجوم الدبلوماسى فى فترات مطالبتها بتقديم مقابل ملموس لتحريك الأوضاع فى المنطقة فإن هذا يعد مناخا مناسباً تثير معه عادة مسألة العلاقات مع الدول العربية المجاورة (سوريا – لبنان – أوضاع حزب الله) كوسيلة سواء للتشكيك فى المسارات الفلسطينية أو المساومة بالمطالب الإسرائيلية بل الأمريكية فى المقابل. وبصفة عامة فإن حركة إسرائيل لإبداء التجاوب فى حلول معينة ما زالت تلقى بثقلها على مجمل التحركات المطلوبة لدفع جهود السلام والتى قد لا يكون من المناسب فيها إلقاء تبعات الحركة على جانب آخر - فقد يكون الجانب الفلسطينى - فى إطار محاولات الحصول على مزيد من التنازل - بعيداُ عن تنازلات تبدو صعبة من الجانب الإسرائيلى بصفة خاصة.