على سطح الكرة الأرضية يعيش البشر.. ولكن حول السطح الجلدى لكرة القدم يحيا شعب البرازيل.. يأكل ويلعب ويحب ويرقص وينتج أيضاً ويحقق المعجزات الاقتصادية واحدة تلو الأخرى كأغلى الأهداف التى ينجحون فى إحرازها فى شباك التخلف والماضى المؤلم الذى انتصروا عليه.. والحاضر الذى يبشرهم بمستقبل واعد. قديماً كانت البرازيل مستعمرة برتغالية، اكتشفها «بيدرو كابرال» القائد البرتغالى عام 1500م وسخر الهنود سكانها الأوائل للعمل فى المزارع وتعرض عدد كبير منهم للإبادة والسجن والتعذيب، وبعد تصفيتهم قرر البرتغاليون إحضار الأفارقة الذين استعبدوهم واختطفوهم لإعمار هذه المستعمرات الغنية بالأراضى الخصبة الشاسعة، وبعد اكتشاف الذهب والماس فى جنوب البرازيل جاء الآلاف من البرتغاليين لجمع هذه الثروات بالدم والقهر.. وتشتعل حركات المقاومة حتى عام 1889 وتحصل البرازيل على استقلالها وتستمر رحلة المعاناة خلال فترات من الحكم الاستبدادى لعدد من الحكام الطغاة. مطالب عادلة وبطولة/u/ وقد قرر «لويس اغناسيوس ولا سيلفا» ماسح الأحذية وعامل الخراطة السابق والرئيس الحالى للبلاد أن يتقدم لشغل منصب الرئاسة بعد نجاحه كنقيب للعمال وقاد إضراباً ضم 80 ألف عامل للمطالبة بتحسين أجورهم وظروفهم المعيشية وحكم عليه بالسجن عدة مرات واستمر حاملاً لواء المعارضة للنظام العسكرى الديكتاتورى الذى حكم البلاد لأكثر من عشرين عاماً وبعد خروجه من السجن عام 1982 قرر تأسيس حزب العمال وتقدم لشغل كرسى الرئاسة وفشل ثلاث دورات عام 1989 و1994و1998وفاز2002 بأغلبية ساحقة و بدأ مشواره الرئاسى الذى استمر 8 سنوات وكانت البرازيل تعانى من الفقر الشديد وديون لصندوق النقد الدولى على صورة قروض لم ترد بقيمة 30 مليار دولار وفى عام 2005 أعلن ولا سيلفا نجاحه فى تسديد الديون وفوائدها كاملة بسبب سياسته الاقتصادية الحكيمة وفى عام 2009 أصبحت البرازيل دائنة للصندوق ولديها احتياطى يقترب من 250 مليار دولار محققاً بذلك معجزة اقتصادية ساهمت فى إنقاذ 30 مليون فرد من تحت خط الفقر. وتدعيما لبرنامجه الإصلاحى يقرر ولا سيلفا أن يرشح تلميذته (ديلما روسيف) لتخلفه لمنصب الرئاسة بعد انتهاء فترة ولايته الثانية وتعتبر روسيف أول سيدة يتم ترشيحها لهذا المنصب فى تاريخ البرازيل. ويقول ولا سيلفا: إن التصويت على ابنته روسيف سيكون بمثابة تصويت على السياسة الحالية التى ينتهجها والتى جعلت البرازيل تعيش فترة رخاء غير مسبوق. ويضيف قائلاً:«إنها ستشارك فى الانتخابات القادمة» بهذه البداية القوية بدأت ديلما روسيف حملتها الانتخابية التى استمرت 3 أشهر وانتهت بفوزها بأغلبية ساحقة وبنسبة 56% مقابل 44% لمرشح المعارضة (جوزيه سيرا) للحزب الاشتراكى الديمقراطى الذى اعترف بهزيمته وتعهد بقيادته للمعارضة فى مواجهة الرئيسة روسيف أول رئيسة للبرازيل صاحبة التاريخ النضالى والنشأة البرجوازية. فهى ابنة لمهاجر بلغارى وتاجر غنى وأم برازيلية انضمت سراً إلى الثوار اليساريين عام 1969 تحت أسماء مستعارة منها (لويزا وإندا وإستيلا) ولصفوف منظمة (الطليعة المسلحة الثورية) لمقاومة النظام الديكتاتورى العسكرى وتم القبض عليها وحكم عليها بالسجن والتعذيب لمدة 3 سنوات وبعد خروجها من السجن أصبحت من قيادات منظمة الطليعة وتزوجت أحد أعضائها ورزقت بابنة وطلقت مرتين وقررت استكمال دراستها وحصلت على شهادة فى الاقتصاد من الجامعة الفيدرالية بإقليم ريو جراندى ثم حصلت على الماجستير والدكتوراه وفى نفس الوقت واصلت نضالها وأسهمت فى إنشاء الحزب الديمقراطى العمالى ثم انضمت لحزب العمال اليسارى ليختارها الرئيس المحبوب صاحب الشعبية الجارفة لولا سيلفا كوزيرة للطاقة بعد إثبات براءتها من فضيحة الفساد الكبرى التى تورط فيها عدد من كبار الأعضاء فى حزب العمال الحاكم و بعد نجاحها كلفها الرئيس سيلفا بتشكيل الحكومة لتستكمل السياسة الإصلاحية. ومن أشهر الحكايات التى يتكلم عنها المؤيدون لها هى بطولتها فى مواجهة مرض السرطان الذى أصيبت به فى الغدد اللمفاوية وتطلب علاجها الخضوع للعلاج الكيميائى ومع هذا لم تتخلف عن عملها يوماً واحداً واستطاعت أن تقهر المرض اللعين وتشفى منه تماماً. بطولات وتحديات/u/ كما أنها أسهمت أيضاً فى حصول بلادها على فرصة استضافة بطولة كأس العالم عام 2014 وبطولة الألعاب الأولمبية عام 2016. وتعلن ديلما روسيف التى أطلق عليها الفرنسيون (جان دارك البرازيل) فى أول خطاب لها بعد فوزها بمنصب الرئاسة أنها تتعهد باستكمال المشوار الذى بدأه الرئيس المحبوب لولا سيلفا وتهزم الفقر الذى مازال يعانى منه شعبها ومحاربة الفساد بكل صوره وستسعى للاستغلال الأمثل لموارد البلاد وستتبنى سياسة الاستثمار فى مشاريع البنية التحتية استعداداً للبطولات العالمية التى تستضيفها البلاد فى السنوات القادمة. وهاجمت بشراسة المضاربة فى العملات الذى تمارسه الدول الغنية. وأضافت أن تولى الرئاسة عقب الرئيس بولا أمر صعب ويمثل تحدياً لها، لكنها ستعرف كيف تحافظ عليه وستبنى عليه بهذه الكلمات الواثقة بدأت روسيف فترة رئاستها الأولى لتقود مسيرة ثامن أكبر اقتصاد فى العالم لدولة تمتلك أكبر مساحة فى أمريكا الجنوبية وبشعبية ودعم وفره لها الرئيس لولا سيلفا وبكلمات سيذكرها التاريخ بأنها قد تكون أول سيدة تشغل منصب الرئاسة ولكنها أبداً لن تكون الأخيرة.. ففى أوائل العام القادم ستدخل ديلما روسيف القصر الرئاسى البلانالتو بصفتها الرئيس رقم 40 للجمهورية البرازيلية والرئيس رقم 5 منذ نهاية النظام العسكرى عام 1989. ويذكر أن الاسم الرسمى للبرازيل هو جمهورية البرازيل الاتحادية وتضم 26 ولاية و5565 بلدية وعدد سكانها يتجاوز 193 مليون نسمة وفقاً لإحصاء المعهد البرازيلى الجغرافى للعام الحالى.