فى الوقت الذى يرى فيه معظم الأمريكيين أن أوباما ورث الركود الاقتصادى عن سلفه «بوش» إلا أن الكثيرين منهم يرون أن سياساته فى مواجهة الركود كانت سبباً فى تفاقم الأزمة، وارتفاع معدلات البطالة، ومع ما تظهره الاستطلاعات من مأزق يعانيه حزب أوباما، يواجه الرئيس الأمريكى وحزبه الديمقراطى تحدياً كبيراً فى انتخابات التجديد النصفى عندما يختار الناخبون الأمريكيون جميع أعضاء مجلس النواب وعددهم 435 عضواً إلى جانب 37 عضواً من مجلس الشيوخ فى وقتِ تراجعت فيه شعبية أوباما وحزبه الديمقراطى، إذ أنه من المتوقع - حتى كتابة هذه السطور - أن يتكبد الديمقراطيون خسائر كبيرة فى انتخابات الكونجرس النصفية، حيث ترى معظم استطلاعات الرأى أن فرص الجمهوريين أكبر بكثير، كما أظهر استطلاع جديد للرأى أجرته وكالة أنباء «اسوشيتدبرس» أن غالبية الناخبين ينظرون بإيجابية للجمهوريين فيما يتعلق بإدارة ملف الاقتصاد، وإيجاد فرص العمل وذلك على حساب الديمقراطيين، إلا أن الرئيس الأمريكى «أوباما» يأمل فى أن يساعده أداؤه فى بعض الملفات والتحديات الداخلية وخاصة خطته الأخيرة لإنعاش الاقتصاد والتى تتضمن تخصيص 50 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية فى التغلب على تراجع شعبية حزبه الديمقراطى بشكل غير مسبوق منذ عام 1994. وعلى الرغم من أن حزمة التحفيز الاقتصادى التى دخلت حيز التطبيق قبل عام بتكلفة تصل لنحو 787 مليار دولار قد جنبت الولاياتالمتحدة من الوقوع مرة أخرى فى أزمة كساد مماثلة لتلك التى شهدتها فى الثلاثينيات من القرن الماضى إلا أنه ما زالت هناك توقعات بأرقام قياسية جديدة فى الميزانية. وقد أعلنت وزارة المالية الأمريكية أنها أنهت العام المالى بعجز 1.294 تريليون دولار فى الميزانية مما شكل نسبة أقل من العام الماضى الذى وصل فيه العجز إلى مستويات قياسية بلغت 1.416 تريليون دولار وتشير التوقعات إلى أن العجز فى الميزانية سيكون كبيراً فى الأعوام المقبلة، ومن المتوقع أن يجلب العام المالى الجديد الذى بدأ فى أكتوبر الماضى نقصاً فى الميزانية الأمريكية سيرتفع لأكثر من تريليون دولار. وفى الوقت الذى يؤكد فيه أوباما أن اقتصاد بلاده يشهد تحسناً رغم ما يواجهه من رياح معاكسة نظراً للقلق الراهن إزاء ارتفاع العجز فى الميزانية وارتفاع نسبة البطالة إلى مستويات قياسية، زادت التكهنات بحدوث كارثة اقتصادية كبيرة لأكبر اقتصاد فى العالم حيث كشف استطلاع للرأى صادراً عن أحد المعاهد الاستراتيجية نشر الشهر الماضى أن 65% من الأمريكيين يعتقدون أن هناك انكماشاً جديداً سيحدث، كما أفاد استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» ومحطة «NBC» أن 65% من الأمريكيين يؤمنون بفكرة أن الولاياتالمتحدة فى حالة انهيار. وفى كلمة ألقاها الرئيس الأمريكى بولاية «رودايلاند» فى إطار حملة انتخابات التجديد النصفى للكونجرس أعرب عن تفاؤله إزاء مستقبل الاقتصاد الأمريكى، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية التى تعيشها البلاد قد جاءت نتيجة مسيرة طويلة من الأخطاء وأن هذه الأوضاع تتطلب وقتاً كافياً، كما دافع عن جهود إدارته فى توفير الوظائف وتحسين أوضاع الاقتصاد، وأن حكومته قامت مؤخراً فى إطار سعيها لخفض البطالة بمنح كل شركة توفر وظائف للعاطلين فى أمريكا تخفيضاً ضريبياً يسمح بها بتعويض كافة المعدات التى ستقتنيها العام المقبل، حيث فقد الاقتصاد الأمريكى خلال فترة الركود والتى امتدت من أواخر 2007 إلى 2009 أكثر من خمسة ملايين وظيفة ليرتفع عدد العاطلين إلى أكثر من 15 مليون ويشكل معدل البطالة نسبة 9.6%.