هل قرأت القرآن؟.. كان هذا سؤالى لرئيس وزراء هولندا الأسبق (فان آخت).. فبادرنى الرجل بسؤال مماثل: وهل قرأت الإنجيل؟.. فقلت: نعم ولدى أكثر من إنجيل فى منزلى! فاندهش فان آخت ورد بأدب جم: أعدك بأن أقرأ القرآن بعد هذا الحوار. هذا هو الفارق الشاسع بين رجل ومسئول مثقف ومتحضر.. وبين إرهابى أحمق.. بل ومجنون.. كما وصفه وزير خارجية ألمانيا.. أنه تيرى جونز ذلك القس المعتوه الذى هدد بحرق نسخ من القرآن الكريم.. ثم تراجع كالجرذ الأجرب. قبل أسابيع قليلة لم يكن أحد خارج بلده جونز يعلم من هو.. ولا هى آراؤه وتوجهاته المدمرة.. فأتباعه لا يتجاوزون الخمسين عضوا (رسميا).. ولكن بعد أن أطلق شرارة الحقد الأعمى على الفيس بوك طفح صديد الحقد الغربى على أسطح وسائل الإعلام.. خاصة على شبكة الإنترنت ليكشف عن كراهية عميقة للإسلام والمسلمين ولرسولهم الكريم.. عليه أفضل الصلوات والتسليم. وليس غريبا أن تكشف صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الشهيرة عن (أن أعضاء بارزين وفى مواقع السلطة الفعلية) يؤيدون دعوة جونز لحرق القرآن الكريم.. وهذا هو منبع الخطر.. فهذا القس الإرهابى جاهر بدعوته.. ونفذها غيره.. فتح الباب لهم ليطلقوا العنان لأحقادهم وكراهيتهم لكل ما هو إسلامى وكل من هو مسلم. ولكن هناك آخرين- فى مواقع المسئولية يعتقدون ذات أفكار جونز.. ويسيرون على نهجه.. أو يسير هو على دربهم، هؤلاء الذين يقودون الحملات العسكرية منذ الحادى عشر من سبتمبر 2001، الذى جاء لهم فرصة كبرى لشن هذه الحملات الصليبية (كما قال بوش الابن الذى رحل غير مأسوف عليه). بمعنى آخر فإن اليمين الأمريكى المتطرف والمتحالف مع الصهيونية هو الذى يقود هذا التيار الخطير الذى يحكم ويتحكم فى الولاياتالمتحدة.. وبرغم تولى الحزب الديمقراطى مسئولية قيادة أمريكا.. إلا أن نفوذ وتأثير هذا التيار المتطرف مازال قائما ومتصاعدا.. ويتعمد قادته افتعال الأحداث واستغلال كل المناسبات (بما فيها الحادى عشر من سبتمبر) لتأجيج مشاعر العداء والكراهية ضد العرب والمسلمين. وليس أدى على ذلك من إدانة منظمة العفو الدولية جو الاضطهاد السائد ضد المسلمين فى أمريكا وقالت (أمنستى) أنها تشعر بقلق عميق لتزايد المعلومات التى تتحدث عن جرائم تم ارتكابها ضد المسلمين.. وتصاعد المشاعر المعادية لهم.. وأوردت المنظمة أمثلة لذلك.. ومنها: الاعتداء على سائق أجره مسلم فى نيويورك وحرق مسجد بمدينة تينسى.. وتخريب مركز إسلامى فى كاليفورنيا.. وأكدت منظمة العفو أن هذه الجرائم تغذى أجواء من الخوف والتمييز والاضطهاد ضد المسلمين، وهذه الجرائم لا مكان لا وسط مجتمع ينادى بقيم الحرية والعدالة والمساواة! هذا ما تقوله المنظمات الحقوقية الغربية عن أحوال زعيمه العالم الحر!! وهى أحوال تضر ولا تسر! ونحن نحاول أن نعدد بعض الجرائم التى ارتكبها هذا القس المغمور والمتخلف ونحن هنا لا نسبه ونقذفه.. بل هو الذى يقذف نفسه بنفسه! فهو جاهل جهلا مطلقا بالإسلام والقرآن الذى دعا إلى حرقه.. لم يقرأ منه حرفا.. بل وألف كتبا مناهضة له، هذا الجاهل الحاقد.. يسير دائما (مسلحا) ليس بالإيمان أو اليقين بالله.. كما هو مفروض فى أى رجل دين حقيقى وليس مزيفا.. ولكن يسير مسلحا بمسدسه.. ويضعه على مكتبه ونصب عينيه أمام جهاز الكمبيوتر وهذا مؤشر على الخوف والروح العدوانية المتأججة داخله لعلى. لم أر رجل دين بمثل هذا المظهر الغريب المريب.. الأقرب إلى شياطين الإنس.. فعلا.. وليس افتعالا! وإضافة إلى الجهل فهو رجل منحرف وشاذ.. حيث أشارت وسائل الإعلام الأمريكية إلى اعتقاله فى وقت سابق بتهمة تبادل الصور الإباحية للأطفال على شبكة (لايم واير) هل هذا هو النموذج لرجل دين بروتستانتى؟.. هل هذا هو النموذج لأى رجل دين؟.. بل هل هذا هو النموذج للإنسان.. أى إنسان؟ التهمة الثالثة التى ألصقها جونز بنفسه هى تهديد الأمن والسلم العالمى.. نعم هو بهذه الدعوة الإرهابية الخطيرة خلق مناخا عالميا من التوتر والكراهية والتشاحن.. وكان يمهد لمرحلة أخرى أشد خطورة من الصراع الغربى الإسلامى والعالم لا ينقصه مزيدا من النيران والحروب والصراعات. وعندما يأتى رجل جاهل ومنحرف وشاذ ويهدد السلم والأمن العالمى.. فيجب ألا تقف دول العالم ومنظماته مكتوفة الأيدى وأن تتحرك بسرعة قصوى.. مثلما تنهض لإنقاذ كلب أو قط ضل طريقه أو أصابته وعكة خفيفة! الجريمة الرابعة هى أن جونز هدد مصالح وأمن الولاياتالمتحدةالأمريكية ذاتها، والمسألة لا تقتصر على الجنود الأمريكيين فى أفغانستان والعراق.. بل يمكن أن تتجاوز ذلك إلى المصالح الاقتصادية والتجارية.. وعندما اتصل وزير الدفاع الأمريكى بالقس المغمور وناشده العدول عن عزمه حرق القرآن.. فإن كان يذكره بهذه المصالح الحيوية التى يهددها بنواياه الشريرة وأفعاله الشائنة وإذا كان الدستور الأمريكى يكفل حرية التعبير فإن ما قام به جونز لا يدخل تحت هذا الإطار.. ومن حق الرئيس الأمريكى- القائد الأعلى للقوات المسلحة- التدخل للحفاظ على الأمن القومى لبلاده.. وهذا مدخل دستورى وقانونى أصيل.. ومن أجله خاضت الولاياتالمتحدة الكثير من الحروب والصراعات.. لذا فإن من حق أوباما التدخل لمنع وقوع صراعات وحروب جديدة بسبب هذا القس الأخرق. التهمة الخامسة ل جونز هى التجديف وازدراء الأديان.. نعم هذه جريمة ثابتة بحق هذا الإنسان الذى أعلن عداءه المطلق للإسلام وألف كتاب (الإسلام من الشيطان).. بل رفع الملصقات داخل وحول كنيسة تحمل نفس العبارات القذرة التى تدل على جوهرة الشيطانى ومعدنه الخسيس.. ولو افترضنا جدلا أن جونز هاجم الديانة اليهودية وأحد الشخصيات الصهيونية - وهو لن يفعل ذلك خوفا على مصالحه - فلن تقوم له قائمة.. وسوف تكون نهايته.. كما حدث ل هيلين توماس عميدة صحفيى البيت الأبيض التى أطاح بها اليهود لمجرد أن قالت كلمة حق للفلسطينيين. ولو تفوه جونز بأبسط العبارات ضد اليهود لاتهموه بمعاداة السامية ولقدموه للمحاكمة سريعا.. وألقوا به فى غياهب السجون.. ولكنها الحرية العمياء والعدالة العرجاء.. والمساواة الكسيحة فى تلك البلاد الفسيحة. آخر اتهامات القس المذكور هى الابتزاز والاحتيال! نعم لقد ربط تيرى جونز تراجعه عن حرق القرآن الكريم بنقل المسجد المزمع تشييده فى نيويورك قرب مركز التجارة العالمى الذى أنهار فى 11 سبتمبر 2001.. ربط غريب ومريب ومن نسج خياله المريض، فلا علاقة بين الحدثين والموقعين، ولكنه يريد أن يجد مخرجا لمأزقه الذى حشر نفسه فيه.. يريد أن يقول لأتباعه من الشياطين.. ها قد حققت انتصارا ونقلت مسجد نيويورك وهو لم يحقق هذا أو ذاك. السؤال الأهم الذى يفرض نفسه هو: كيف نردع مثل هؤلاء المجانين من الظهور فى وسائل الإعلام ومن نشر أفكارهم المخربة؟ بداية يجب أن يتم تغيير مناهج التعليم الغربية المتطرفة التى غذت روح العداء والكراهية للإسلام والمسلمين وإذا كانوا يطالبوننا بتطوير التعليم.. فعليهم أن يبدأوا بأنفسهم.. وألا يتيحوا الفرصة لمثل هذه الأفكار المتطرفة بغزو عقول أطفالهم وإفساد علاقاتهم بأقرانهم من معتنقى الأديان المختلفة.. أيضا فإن وسائل الإعلام الغربية التى تسيطر عليها الصهيونية يجب أن تقوم بدور حيوى فى عدم السماح لأمثال جونز بناقده لعرض أيديولوجياتهم الفاسدة ونحن نعلم أنها مهمة صعبة وشبة مستحيلة فى ظل الأوضاع الراسخة منذ قرون. ولكن ليس مستحيلا أن نتحرك نحن العرب والمسلمين لنطالب بمحاكمة هذا الإرهابى تيرى جونز الذى يقوم بمثل ما يقوم به أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، كما قالت صحيفة الجارديان البريطانية، فالإرهاب لا يقتصر على العمليات الانتحارية وقتل الأبرياء.. بل إنه يتجسد فى حالة جونز الذى يدمر الأفكار والقيم والمبادئ السامية.. ويحارب نحو ربع سكان الأرض فى أغلى ما لديهم.. عقيدتهم ودينهم. وإذا كانت المحكمة الجنائية الدولية قد تحركت وسارعت لإدانة الرئيس السودانى عمر البشير وأصدرت مذكرة توقيف بحقه، فإن عليها أن تبادر وتهتم وتتحرك لتوقيف جونز ومحاكمته على هذا العمل الإرهابى، ونحن نعلم أن هذه المحكمة لن تتحرك من ذاتها.. ولكن يجب أن تشكل مجموعة من (المنظمات غير الحكومية) فى البلاد العربية والإسلامية وتتقدم بطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية للقيام بواجبها للدفاع عن كل الأجناس والأديان.. دون تمييز، ونحن ندعوك ياسيد أوكامبو يا مدعى محكمة الجنايات الدولية للتحرك لإخماد هذه الفتنة الكبرى.. قبل أن تتحول إلى نار تلتهم الأخضر واليابس فى كل القارات. بقيت رسالة أخيرة لا نوجهها لهذا الجرذ المذعور.. بل لكل البشر دون استثناء ألا وهى أن القرآن محفوظ فى قلوب وعقول وصدور المؤمنين به.. والنار التى دعا جونز لإضرامها فى القرآن.. سوف تأكله حقدا وغلا.. وتتركه رمادا.