حديد عز يتجاوز 43,000 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 29-9-2024    إجراءات مشددة لتأمين المنطقة الخضراء.. متظاهرون يحاولون اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد (فيديو)    مجدي عبدالغني: الأهلي يحتاج لعودة خالد بيبو.. وتقدمت ببلاغ للنائب العام    عيار 21 ب3575.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الأحد    الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب مئات الأهداف التابعة لحزب الله في جميع أنحاء لبنان الليلة الماضية    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    طقس اليوم: حار نهارا معتدل رطب ليلا.. والعظمى بالقاهرة 33    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    جيش الاحتلال: دمرنا قاذفات صواريخ لحزب الله كانت موجهة نحو إسرائيل    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    بعد اعتذارها.. شقيق شيرين عبد الوهاب يرد عليها: «إنتي أمي وتاج رأسي»    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    موعد مباراة ريال مدريد ضد أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    الجيش السوداني يواصل عملياته لليوم الثالث.. ومصدر عسكري ل«الشروق»: تقدم كبير في العاصمة المثلثة واستمرار معارك مصفاه الجيلي    «غرور واستهتار».. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على الهزيمة أمام الزمالك    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    لافروف: إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة للحرب    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزيه أبو عفش: خوّنت لأنني بقيتُ ما كنتُه
نشر في نقطة ضوء يوم 24 - 02 - 2018

كسر الشاعر نزيه أبو عفش (1949) عزلته ليأتي من بيته في مرمريتا (60 كلم عن مدينة حمص) من أجل لقاء مفتوح معه في دمشق. واللقاء الذي نظمته جمعية «عين الفنون» جمع نخبة من المثقفين والفنانين وفتح الجدل واسعاً حول حال البلاد بعد سبع سنين من الحرب. أبو عفش افتتح اللقاء بقراءات من دواوين عدة، ثم افتتح الحضور النقاش مع صاحب «هكذا أتيت هكذا أمضي» وأجاب في مستهل كلامه: «في هذه الحرب لم أكتب الشعر، بل كتبتُ ما أسميته «يوميات ناقصة» ويبدو أنها ستظل ناقصة إلى وقت طويل. منذ فترة كتبتُ نصاً عنوانه «سورية التي كانت» وهي في الحقيقة ومنذ أربعين عاماً كان اسمها «سورية التي كانت» فما بالكم اليوم؟ الحلم مثل الأمل هو زوادة اليائسين والخاسرين الذين يحلمون والأمل لا يلزم إلا هؤلاء».
الحوار مع أبو عفش بحث في معنى الهزيمة الثقافية وتجلياتها على الأرض السورية: «عدم الاستسلام سهل، هذا أسميه «تيسنة»... لن أستسلم ولا أريد أن أستسلم، نعرف بعضنا أننا تيوس، المشكلة أننا نعرف أننا لن نستسلم، لكن المشكلة بأن نعرف بأننا انتهينا. قبل أن نفتح هذا الحوار كنت أتكلم مع الأصدقاء عن هذا الشيء الصغير على الخارطة الذي اسمه سورية. وكانت أنطاكية وفلسطين ولبنان والجولان في سورية الكبرى. كما كانت إدلب والقامشلي أيضاً في سورية! بعد قليل نقول لن نستسلم، الله يشفينا بأننا لا نريد أن نستسلم! هنا لا أتكلم عن الجغرافيا، هل أكشف لكم سراً: إنني ومنذ أن بدأت الأحداث في سورية ألتزم الحذر الشديد عندما أصعد على سلّم البناء الذي أسكن فيه بدمشق؟ هذا الحذر ليس جغرافياً».
وجهة نظر إنسان
«كم من البلاد أيتها الحرية» ليست نبوءة، يجيب الشاعر مؤكداً قناعاته القديمة في العدالة والحرية: «لقد كان هذا الكتاب مجرد وجهة نظر إنسان وليس الشاعر فقط كما يصفه البعض بأنه يستشرف ويتنبأ. الشاعر هو من يرى، وأنا كأي إنسان رأيتُ ما يحدث اليوم قبل سنوات، كما أنني أرى في هذه اللحظة سورية عام 2040، أراها الآن بكل وضوح. على العكس لم أغير قناعاتي القديمة، وما زلت حتى الآن أكتب «كم من البلاد أيتها الحرية؟» حتى الآن أكتب: «تعالوا نعرّف هذا اليأس» و «ما ليس شيئاً». إنني بهذا المعنى أعيدُ كتابةَ ما كتبتُه منذ عقود. أقلّدُ نفسي، وأعيد وأكرر نفسي، لكنني لم أقل أن ما يحدث اليوم هو ثمن الحرية، ما يحدث اليوم هو ورطة أوقعنا فيها من ظنوا أن الطريق إلى الحرية لا يكون إلا على هذا النحو. لماذا لم ينتبه أحد إلى أنني كتبتُ وفي الصفحة الأولى من كتاب «كم من البلاد أيتها الحرية» وبعد العنوان مباشرة: «وأما أنا فأرى أن الحرية قضيةٌ عظمى تستحق أن يعفى الإنسان من الموت في سبيلها. لم أتغير أيها الأصدقاء، فهذه ديانتي من الأساس».
وأضاف في ردوده على الأسئلة: «لقد نسيتُ هذه الصناعة التي يسمونها الشعر، فبدأت بكتابة «يوميات ناقصة» تحديداً منذ أواخر آذار (مارس) من عام 2011. وقتها لم تكن قد بدأت ما تسمى الثورة السورية، ولم تكن قد بدأت أيضاً الحرب على سورية، لكنني شممتُ الرائحة في تونس وليبيا، وصادف ذلك موعد أمسية شعرية لي في مسرح المدينة في بيروت، فاعتذرتُ من الحضور وقتذاك، وقلتُ لهم بأنني لن أقرأ لكم شعراً، بل سأقرأ لكم من اليوميات التي أكتبها هذه الأيام، وفعلاً وأنا أقرأ قلتُ لهم أن النسخة الثانية من السيناريو الليبي هو ما يحدث اليوم في بلادي. عاتبوني وقتذاك بأنني تنكرتُ للثورة وتنكرتُ لكلامي وقصائدي عن الحرية والعدالة. لقد رأيتُ وشممتُ دماً، ليس لأنني تنبأتُ، بل لأنني شممتُ الرائحة بقراءة بسيطة للغاية، فالأميركيون الذين يصنعون الأسلحة والأوبئة والأمراض والإيدز لن يسمحوا لنا نحن السوريين بأن ننال حريتنا. هل تعلمون أنه لو استطعنا أن ننال حريتنا ماذا كانت ستفعل أميركا بنا؟ كانت ستقتلعنا من جذورنا، لماذا؟ لأنه ممنوع علينا ذلك. بكيتُ عندها في مسرح المدينة وبحضور أصدقائي غسان مطر وسماح إدريس ووزير الدفاع الحالي في لبنان يعقوب الصراف. ونلت حقي من الشتائم والتخوين وأكثر من هذا، فقط لأني بقيتُ ما كنتُه. كل شيء كتبته وقتها: «ليتها لا تحدث هذه الحرية». لقد رأيتُها في تونس ورأيتُها أكثر في ليبيا، لتبدأ ألاعيب الفيس بوك فكتبت: «البيت على وشك الانهيار، دعونا نوقف الاقتتال على من يحمل المفتاح»، ليرد عليَّ شخص هو ابن رئيس جمهورية سورية السابق وابن من أبناء الحزب الحاكم ليقول لي: هذا ليس بيتاً! حسناً! ليس بيتاً...إنه كوخ! ولكن هل نسمح أن ينهار فوق رأسي ورأسك ورأس الجميع؟ وأنت وسواك يعرفون أنه سوف ينهار. من وقتها حتى الآن».
ليتها لم تحدث
ومما قال: «العام الفائت صديقي وحبيبي منذر مصري كتب «ليتها لم تحدث»، صفقوا له، أما أنا فعندما كتبت: «ليتها لا تحدث» شتموني وأنا من قلتها قبل ست سنوات مثلما قلتها لمحمد ملص. اليوم إذا جلبنا جثث الأموات الذين سقطوا في هذه الحرب الحرة العظيمة ألن يكون المشهد أهم من مشهد تحرير لينينغراد؟ لكنّ الذين ماتوا فيها، هؤلاء الذين رأيناهم على الشاشة هم أموات فعلاً، وأُمَّهاتهم حتى الآن يغصصن كلما تذكّرنهُم. أعرف أمهات يمكن أن يبكين لمجرد ان يسمعن أغنيةً لفيروز، هؤلاء ألا يوضعن في الحسبان؟ هؤلاء الكذا مئة ألف رجل وامرأة وطفل الذين ماتوا في هذه الحرب إذا وضعناهم في نسق طولاني، ألا يشكلون طريق ذهاب وإياب من دمشق إلى القامشلي؟ هؤلاء ألم يفكر بهم أحد؟ هؤلاء أليس لهم أمهات وآباء وأبناء؟ هذه الحرية أليس لي نصيب منها بأن لا يشهّر بي لهذه الدرجة؟ ألا تظلمني الحرية الى هذه الدرجة؟ ألا تهدر دمي؟ بعد لقائي مع منذر مصري كتبت: «اليوم الثلثاء في 28/9/2017/ استعدتُ صديقاً. بالنسبة لي اليوم انتهت الحرب».
«قبّح الله الحرية، أنا أخاف من هذه الحرية، يضيف أبو عفش ويعقب. أحتاج اليوم نظاماً، أريد ستالين، أريد القيصر إيفان الرهيب؟ زادوا الهجوم علي، كل ما سجلوه على ستالين من فاتورة القتلى لا يعادل من تقتلهم أميركا في ساعات على مستوى العالم. الخوف أن تطرق بابي هذه الحرية ليلاً وتستجوبني. لن أغش، أنا في السنوات الأخيرة لم أعد أعرف ما هو الشعر من سواه؟ صدقاً لم أعد أعرف أين يقع الشعر؟ لدرجة أنه في كثير من الأوقات صرت أقرأ أشعاراً لامرئ القيس ولمالك ابن الريب والصعاليك، فأقول لنفسي هل يكون الشعر كما يكتب هؤلاء؟ وأعود واقرأ لواحد من النكرات الذين لم يمض على كتابتهم للشِّعر سوى أيام، فأرسل له تحيات على الملأ، وأفرح لهذا النص الذي يولد. أتساءل اليوم: يا ترى فيما لو تعافيت كإنسان، ولو لم تمر عليّ هذه السنوات السبع العظيمة كيف كان ممكنا أن أكتب الشعر؟ وكيف كان لنصي أن ينمو أو يتغير؟ لا أعرف؟ لكن أظن أنني لن أكتب كما أكتب الآن. فالآن أكتب الغصّة بصيغتها الخام، أما الشعر فأكيد سوف أكتبه في شكل آخر. اليوم أحن إلى قصائدي التي كتبتها من مثل :ساعة الذئب، كاليغولا، القلعة، نوتردام... أحن إلى هذه القصائد، لكن العافية العصبية والروحية لا تساعدني على كتابة مثلها، لقد كان حلمي أن أبقى هناك مع تلك القصائد، ولكن من يسمح لك اليوم أن تبقى مع أحلامك؟ يبدو أن هذا ليس من حقك، الآن أعيش مع الكوابيس».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.