قائد القوات الجوية الأسبق: الاستطلاع الجوي نجح في تصوير جميع مراحل إنشاء خط بارليف    رابط الاستعلام عن نتيجة المدن الجامعية عبر موقع الزهراء 2024    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والقوات المسلحة بذكرى انتصارات أكتوبر    الإثنين، فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي للنقابة الفرعية للصحفيين بالإسكندرية    110 مليارات دولار استثمارات تراكمية لمشروع "رأس الحكمة" بحلول 2045    العقارات تتصدر قائمة التداولات الأسبوعية بالبورصة بقيمة 6.1 مليار جنيه    الجيش الأمريكي يعلن قصف 15 هدفا في اليمن    أول قرار من الأهلي ورد سيراميكا... القصة الكاملة لتصريحات أحمد قندوسي    "تأجير الملعب لأكاديمية الأهلي".. إلغاء مباراة دلفي وإنبي في دوري السيدات (مستند)    تصريحات مثيرة من مجدي عبد الغني ضد الخطيب و أكرم توفيق و كهربا    محادثات مع سيدات.. حبس فني تحاليل بتهمة ابتزاز طبيب في العياط    أحمد عبدالحميد يواجه أمير كرارة في "ديبو"    تركي آل الشيخ يعلن موعد عرض مسرحية "طالبين القرب"    عادل حمودة: أحمد زكي مرض نفسياً بسبب الفن.. وجمعته علاقة حب بفنانة شهيرة    روح أكتوبر    اعتداء وظلم.. أمين الفتوى يوضح حكم غسل الأعضاء أكثر من ثلاث مرات في الوضوء    حسام موافي: عيد الأم فرصة للتذكر والدعاء وليس للحزن    "السبب غلاية شاي".. إحالة موظفين بمستشفى التوليد فى مطروح للتحقيق -صور    «بداية جديدة».. 1190 مواطنا استفادوا من قافلة طبية ب«الشيخ حسن» في مطاي    طريقة سهلة لتحضير بسكويت الزبدة بالنشا لنتيجة مثالية    المطرب محمد الطوخي يقدم "ليلة طرب" في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    وزير الرياضة يطمئن على جاهزية استاد القاهرة لاستضافة مباراة مصر وموريتانيا    محافظ بيروت: حجم الأضرار في العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية كبير جراء العدوان الإسرائيلي    أسعار تذاكر العمرة 2024.. قبل حلول شهر رجب وأبرز الضوابط    مركز التأهيل الشامل بشربين يستضيف قافلة طبية مجانية متكاملة    الطب البيطري بدمياط: ضبط 88 كيلو لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية    النجمة الفرنسية ماريان بورجو : محمود حميدة عملاق وأنا من جمهوره    أعضاء حزب العدل في المحافظات يتوافدون للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    شركات عالمية ومصرية وإماراتية.. تفاصيل إطلاق شراكة لتعزيز الابتكار في المركبات الكهربائية الذكية    المرصد العربي يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    مستوطنان إسرائيليان يقتحمان المسجد الأقصى ويؤديان طقوسا تلمودية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب لبنان    الصليب الأحمر: الشرق الأوسط على شفا صراع مسلح    الحكومة تبدأ تسليم المرحلة الأولى من أراضى مدينة رأس الحكمة.. وأكبر منطقة صناعية بالمنطقة لتوطين المنتج المحلي    «الجمارك» تكشف موقف سيارات المعاقين الجديدة غير المفرج عنها    الشوط الأول.. الأهلي يتقدم على الزمالك في أول قمة تاريخية لكرة القدم النسائية المصرية    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    رهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين في لبنان... منتسِبة تروي اختبارها الروحانيّ    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    «العمل» تعلن 4774 فُرصة عمل تطبق الحد الأدنى للأجور في 15 محافظة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    الأنبا توماس يستقبل رئيس وزراء مقاطعة بافاريا الألمانية    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    الاستعلام عن حالة فتاة سقطت من شرفة منزلها بأكتوبر.. وأسرتها: اختل توازنها    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    هل اعترض كولر على منصب المدير الرياضي في الأهلي؟.. محمد رمضان يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خوليو رامون ريبيرو .. هاجس النص وهُوية اللغة
نشر في نقطة ضوء يوم 27 - 01 - 2018

تُشكل الواقعية لدى أغلب كتاب القص في أميركا اللاتينية الرافد الأهم في مضامين نتاجهم القصصي، والواقعية التي نقصدها هنا ليست واقعية الوقائع الكبرى ذات الأثر الفعال والحاسم على حركة المجتمعات والشعوب، وليست الواقعية السِّحرية، بل هيَ واقعية الأحداث اليومية للفرد ومعطيات هذه الأحداث وقطعا أسبابها ونتائجها.
ويقينا أن التواصل مع هذه الأحداث وسبر هواجسها وبنائياتها يقدم للمتلقي شكلا من أشكال الإنصياعية للإستمرار في الوصول إلى النهاية التي يؤل إليها القاص من تلك الحبكة أو ذلك الإستدراج لما نسميه عادة ب الشخصية المركزية في القصة القصيرة وما يلازم هذه الشخصية من متممات ضمن الإطار العام الذي يقيمه القاص عند الدخول لمنتجه وتحريك موجوداته وإدامة الزخم، زخم اللغة، زخم الإسترسال، زخم المفاجأة، زخم الإضافات التي تأتي ضمن تحريك الشخوص والأماكن الإضافية مع احتساب البيئة التي ترتكز عليها عملية الإنتاج، ومع شيء مسبق لوضع ترتيبات للمفارقة ضمن انتقالات الحكاية وتطوير مداخلها وتشعباته.
ولعل البدايات في "الثلجة الأولى" قصة التشيلي المولود في بيرو خوليو رامون ريبيرو أحد أبرز كتاب القصة القصيرة في أميركا اللاتينية؛ البدايات أمامَ إسلوبه المؤطر بالشعرية ذات المرجعية العاطفية ومبناها التصويري المصحوبة بالحوارات المختصرة والمكثفة المعنى لتحقيق الضربات الإنتقالية من مشهد لآخر وفتح أبواب إضافية عبر بوابة المدخل الرئيسي، وكأن القاص ريبيرو أراد أن ينظر لشخصه أو بطله المركزي من جهات متعددة، ومن مقتربات داخلية عبر القنوات التي تربط تلك الأبواب بعضها مع البعض، وهو في كل مشهد يضيف وصلات جديدة تتركز على التحسس بحاجة النص القصصي إلى المزيد من عناصر التوسع، واستخدام تقنية المفاجأة عبر موصلاته لتغذية الأحداث وتشغيل أمكنتها وزمانها وقطعا تشغيل هواجس الحاجات الإنسانية في بيئة تشكو من الفقر والعوز والفاقة والفساد والمخدرات والعصابات المنظمة وسياط الدكتاتورية.
ولعل من الجدير بالذكر أن القاص خوليو ضمن المتواجدين في قائمة الأدب الإسباني حاله حال العديد من كتاب أميركا اللاتينية، وعانى وزملاءه من تأثير اللغة الإسبانية على لغته الأم، في قصته التي نحن بصدها والتي تتشكل ضمن ما ذكرنا وما سنذكرهُ من المعايير النقدية التي تتشاكل مع العديد من قصصه ومنها (نسور منتوفة الريش- كعكات المرينغي – المأدبة- ديمترو .. وغيرها من القصص) نجد أن الحيز المكاني حيز محدود ومعلوم كرقعة جغرافية وكوظيفة.
القصة تبدا من نزيل في (فندق) غرفة مستأجرة لرجل وهناك متسول لا يجد ملجأ يأوي إليه، ولكن الصدفة تقوده لهذه الغرفة، ويلقي أمتعته بها ويأتي ليلا ليطرق الباب وينام على أرض الغرفة وسط نصف قبول من الرجل المستأجر.
وتبدو الأحداث هنا طبيعية بدايات قابلة للإنشطار بدايات قابلة للتوالد ومن الممكن جعل الحكاية تتجه الى أفعالٍ إدرامية أو سيل من السرد الفنطاسي أو غيرهما من الأسلوبية التي تعمل على تصعيد الإثارة وتكريس قضية ما.
وهنا نجد أن القاص خوليا رامون ومنذ البداية بدا يتسلسل بوقائعه مع المتسول تسلسلا منطقيا واضعا إنسانيته بكف وخوفه بكفه الآخر، إنسانيته التي تحفزه لإيواء المتسول ليلا بعد أن ينام صاحب الفندق ويلقي المستأجر له المفتاح من نافذة الغرفة في الطابق الرابع، بعد وضعه بكيس من القماش، وخوفه من أن يكون هذا الشخص مطلوبا للشرطة بقضية ما ويكون الرجل المستأجر شريكا له بالجرم لإيواءء سراً.
ومن هنا تبدأ الحسابات لتنتهي بالمصادفة حين يعثر الرجل المستأجر ضمن حاجات المتسول البالية على دفتر يحتوي على نصوص شعرية كتبت باليد وعلى كتاب أدبي وتخطيط بقلم الرصاص لوجه سيده ومذكرات شخصية. يقول الرجل المستأجر (أي القاص) في الصفحة 17: "لقد أثرتْ فيَّ وهزتني بعض أبياته الشعرية: «جندي يمضي في قفر الشتاء، يداه زرقاوان من شدة البرد. يداه، وكذلك ما بين فخذيه»). ربما لهذا السبب شعرت بشيء من الاهتمام بهذا الشاعر المتشرد.
يبدأ القاص بعرض مشاهد عينية لرؤيا الثلوج وهي تتساقط على الشوارع وفوق البيوت والمحال وعلى مظلات المارة ومشاهد الناس التي تحتمي بعضها بالبعض أو التي تهرع الى مناطق آمنة، ثم يبدأ القاص بعرض أفكاره ولكن الى أين تهرع ذاكرة المتسول وبماذا تفكر ذاكرتي الآن، أفكر إذا حل الشتاء وازداد الصقيع على النافذة، سأقدم له كل ما أستطع وليقل عني أمام المتسولين الآخرين وفي الحانات الرخيصة بأنني رجل معتوه وأبله، تأخذ القصة منحنى آخر ببدء التفاعل بين الطرفين، في تلك الليلة تخلى له عن سريره:
يا توروبا هاك سريري الليلة لأنك مصاب بالبرد، وتذكر لليلةٍ واحدة، وأنا سأنام على الأرض. المؤكد هنا أن الأحداث ستأخذ شكلاً أخرَ ونعتقد ليس من الضرورة الإستمرار في تقديم مشاهد الأحداث وكشف مفاجأتها فهذا الأمر متروك للمتلقي، ولكن المهم أن نستكمل الخصائص التي تتسم بها أعمال خوليو رامون يبيدي ومنها أن شكل التقنية لقصصة ومنها قصته التي نحن بصددها شكل التقنية قد تأثرت بموجة التجديد التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية والتي شملت كافة الأنماط الأدبية، كما أنه في قصصه لم يتطرق إلى معالجات لمشكلات ما أو طرح حلول وإنما بنى نصوصه القصصية على المغزى الجمالي وتعويم الأسباب التي تُكون جداراً أمام الإنسان أي ضمناً أنه كان ينتمي رغم واقعيته إلى مفاهيم الأدب للأدب، وليس الأدب للحياة.
وقد يرى البعض أن هذا المفهوم يتعارض مع مفاهيمه الإنسانية في هذه القصة لكن عند قراءة القصة كاملة سيصل المتلقي إلى النتيجة التي ذكرناها.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن القاص خوليو رامون كان يسعى في "الثلجة الأولى" إلى إدراك هويته الثقافية والمؤشر النصي يشير أيضاً الى توليف المشاهد وعدم التوسع المطلق بالشرح أو التوسع بالتفاصيل الجانبية والمحافظة على حدود ما لموجوداته مع إدامة زخمها واستكمال وظائفها ضمن مجريات النص القصصي مع الإبتعاد عن الفكاهة الساخرة وتعقيد الألفاظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.