الحوار الوطني: عقد جلسة عاجلة السبت المقبل لدعم موقف الدولة تجاه ما يجري بالمنطقة    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    انخفاض مدفوعات فوائد الدين العام في مصر إلى 312.3 مليار جنيه    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    إيطاليا تعلن عن حزمة مساعدات جديدة للبنانيين النازحين بقيمة 17 مليون يورو    بوريل يدعو دول الاتحاد الأوروبي للسماح لأوكرانيا بضرب أهداف في روسيا    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    إيقاف صامويل إيتو 6 أشهر عن مباريات منتخب الكاميرون    تفاصيل القبض على عامل صور طالبة جامعية بدورة المياه في أكتوبر    أول رد من جورج قرداحي على أنباء اعتناقه الدين الإسلامي    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    كيفية التحقق من صحة القلب    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    الطقس غدًا .. الحرارة تنخفض إلى 30 درجة لأول مرة منذ شهور مع فرص أمطار    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    محافظ الإسماعيلية يتابع أنشطة التضامن الاجتماعي ضمن مبادرة بداية (صور)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    مرحباً بعودة «لير».. وتحية «للقومى»    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    خلافات في الأهلي بسبب منصب مدير الكرة    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هالبورغ روايته الأخيرة صنفت الأفضل في أميركا 2015
نشر في نقطة ضوء يوم 19 - 02 - 2016

عدد قليل من مؤلفي الروايات برز على الساحة الأدبية بالسرعة التي برز فيها الروائي غاريث ريسك هالبورغ. ففي أكتوبر الماضي، احتلت روايته الأولى: «مدينة تشتعل فيها النيران»، المؤلفة من 900 صفحة، عناوين الصحف، عقب أن دفعت دار نشر «ألفريد نبف»، مبلغاً قدره مليونا دولار للحصول على حقوق نشرها، ذلك في ظل تكهنات بأن العالم يشهد على ولادة الرواية الأميركية التي طال انتظارها.
أمضى هالبورغ ست سنوات في تأليف الرواية، من دون أن يخبر أحداً بالأمر، ذلك كي «لا يُحرج إذا ما اضطر إلى وضعها في الدُرج بعد استكمالها». ويقول في مقابلة أجراها معه الكس كلارك في صحيفة «غارديان» البريطانية، إنه عندما بدأ في تأليفها عام 2007 وعلى مدى أربع سنوات، كان يعتقدها لا تصلح للنشر.
وذلك قبل أن تصبح من أكثر الروايات المحتفى بها في الولايات المتحدة الأميركية عام 2015. ويبين في المقابلة أنه لا يشعر بانتمائه إلى مكان ما، بل إلى العدم، موضحا أنه مسكون بشعور باطني بمعرفته حيثيات عقد سبعينيات القرن ال20 دفعه للكتابة عنه. كما يؤكد أن ابتداع نسخة عن الواقع مشبعة بالألوان ومبالغ فيها هاجس يسكنه روائياً. ومن أبرز ما قاله في الحوار، أيضا، إن إحساسه بمؤامرة تستهدف الرواية الطويلة دفعه لكتابة 900 صفحة.
عوالم القراءة
ويعتقد، كما أشار في المقابلة، أن جانباً منها صاغه بعقلية شخص يشعر بالخوف والعزلة. وهالبيرغ الذي ترعرع عند أطراف مدينة هادئة في نورث كارولينا، يقول إنه كان طفلاً غريباً، يستوعب كل ما يدور حوله ولا يرشح منه شيء، فكل شيء حسب وصفه «كان يبدو أنه ينطوي على أمر مثير وله مغزى». وهو غاص في القراءة..
وكانت «نارنيا» و«الأرض الوسطى» و«نيويورك» ثلاث عوالم خيالية بالنسبة له. ويذكر أنه قرأ رواية «الهوبيت» خلال رحلة من أوهايو إلى المسيسيبي، وعاد متعباً من السفر إثر عودته «من الأرض الوسطى»، حيث تدور غالبية روايات تولكين.
ملامح وذكريات
ويؤكد هالبورغ أنه يشعر ب «عدم الانتماء»، وبأنه ترعرع داخل أحشاء الإحساس بالعدم، ويذكر كم كان بائساً خلال فترة من حياته، وكيف كان يقود سيارته في الطرقات الخلفية لنورث كارولينا الشرقية يدخن السجائر غير المرخصة، ويستمع إلى أداء المغنية الأميركية باتي سميث، التي بدت له «كما لو أنها الوحيدة التي تفهم الحياة»..
وكما عدد كبير من جيله. وكان منجذباً لثقافة «البانك» التي كانت رائجة في تلك الفترة. ويشير في اللقاء، إلى أنه كان يقود سيارته لخمس ساعات للقاء أصدقاء له تعرف عليهم عبر كتابة الشعر..
وتبادل الأشرطة الموسيقية، ثم يترافق معهم «للتسكع في نيويورك». وتعرف من خلال بعضهم على ملامح حياة الترف الثقافي في تلك المدينة، يذكر أن والد أحد أصدقائه الأثرياء دفع 50 دولاراً مقابل شراء قميص بولو أسود لهم للتمثل بثقافة «البيتنيك»، وهي ثقافة كانت رائجة في فترة الخمسينيات من القرن العشرين.
وكل هذه التأثيرات واضحة تماماً في روايته «مدينة تشتعل فيها النيران». وما جذبه للكتابة عن فترة السبعينيات في القرن الفائت، والتي لم يعشها، كما يبين، وحدثت قبل ولادته، هو شعور باطني بأنه يعرف حيثياتها جيداً..
ويذكر أنه كان يستمتع خلال جلسات العشاء التي كان يقيمها والداه مع أصدقائهم، عندما تنطلق الأحاديث التي تمزج الإحساس «بنكهة أميركا الثمانينيات الخاصة» مع ذكريات أحداث السبعينيات ولحظاتها الجامحة، مثل:
اختطاف ابنة الناشر الشهير باتي هيرست، التي انضمت إلى خاطفيها في عملية سطو على مصرف. وكل هذه المشاعر التي تربطه بالماضي كانت عبارة عن «فوضى منطلقة من عقالها على نقيض ما كان يذاع في نورث كارولينا، أوائل حقبة الرئيس الأميركي ريغان».
رواية هالبورغ تحية للمدينة التي يصف تفاصيلها، كما لو أنه سار في شوارعها وعرج على متاجرها ومحطات حافلاتها، وهو أقر في إحدى المقابلات بأنه استعان بكتب عدة عن نيويورك لتأليفها، بما في ذلك «الشوارع تم تعبيدها بالذهب» للمؤلف كن أوليتا و«سيداتي سادتي البرونكس تحترق» لجوناثان مالر، لكن روايته ليست رواية تاريخية.
سبب وحافز
أما لماذا كتب رواية طويلة جداً؟ فيعزو هالبورغ ذلك جزئياً للظروف الاقتصادية والأدبية عندما شرع في تأليفها، وهي الفترة التي ظهرت فيها أولى بوادر الأزمة المالية، حيث كانت متاجر الكتب تنازع، وقراء الإنترنت يتحدثون عن تراجع القدرة على التركيز لفترات طويلة، وشعر حسب تعبيره، أن هناك «مؤامرة تستهدف الشيء الذي أحبه، أي الرواية»، وتحديداً الرواية الطويلة.
كان الالتزام بشكل السرد الطويل يزدهر على واسطة أخرى وهي شاشة التلفزيون، وهالبيرغ أحب مسلسلات الدراما، وكان يصطحب زوجته إلى بيت صديق لمشاهدتها، حيث إنه لم يكن يتحمل حينها تكلفة الاشتراك بالكابل. لكنه مع ذلك، كانت تراوده شكوك بأن الرواية أصبحت فعلاً كالمسلسلات التلفزيونية.
ويقول: «كنت أشعر بالسعادة لأن كاتب السيناريو الألمع ديفيد سيمون، قرأ النص بوضوح، وأحب رواية العصر الفيكتوري كما فعلت، وتعلم كل تلك الأشياء منها، لكنّ جزءاً مني كان يقول إنه لا يمكن تجسيد كل تلك الأشياء التي تدور في دواخلنا على الشاشة...».
ويشرح أن فكرة الكتاب خطرت على باله في عام 2003، فيما كان يركب حافلة إلى نيويورك، وهي رحلة كان يقوم بها منذ عمر 17. وما أن لمح الأفق المنكسر لمانهاتن انطلقت على جهاز «آيبود» بحوزته أغنية «ميامي 2017». ويقول: «لم أكن قد سمعتها من قبل». وتلك الأغنية التي أطلقت في عام 1976 تتحدث عن دمار نيويورك بعد 40 عاماً. وبالنسبة لهالبيرغ، بدا كما لو أن الماضي والحاضر ينهاران معاً في 11 سبتمبر.
تعد رواية «مدينة تشتعل فيها النيران» الصادرة عام 2015، الرواية الأولى لهالبورغ. وأدرجت كأفضل رواية في عام 2015 من قبل كبرى الصحف الأميركية، وما لبثت أن بيعت حقوق تحويلها فيلماً سينمائياً إلى المنتج سكوت رودن. وفي المقطع الأول منها، نعلم أننا في نهاية سنة 1976..
والمكان هو قرب رصيف تحميل حيث يشعل مشردون خارج مصحات عقلية، النار في حلكة الليل، وتظهر إشارات السير التي تضيء: «سر /‏توقف»، والتي كانت مستخدمة في تلك الفترة قبل الاستغناء عنها في أوائل القرن.
حبكة لغز
أحداث الرواية تدور في نيويورك سبعينيات القرن الماضي، حيث تتعرض فتاة مراهقة، تدعى سامانتا سيسارو، لإطلاق نار في سنترال بارك ليلة رأس السنة، ويبدأ التحقيق في القضية من قبل الشرطة، حيث تتكشف الشخصيات الواحدة تلو الأخرى. ويتردد صدى اللغز عبر العائلات والصداقات وأروقة السلطة، إلى أن تصل الرواية إلى ذروتها في الفوضى التي عمت المدينة في أعقاب انقطاع التيار الكهربائي في 13 يوليو 1977.
دروب وشخصيات
وفيما ترقد الفتاة في غيبوبة، ندخل عوالم أصدقائها ومعارفها وشخصيات الرواية الأخرى التي تعبر عن أجيال متباينة وطبقات وأعراق وأجناس متباينة. فنتعرف على والدها الحزين الذي باتت أعماله على شفا الإفلاس، وهو ما يثير اهتمام صحافي محبط، كما نلتقي بصديق سامانتا تشارلي المغرم بها والذي يعاني من الربو، والاثنان منجذبان إلى ثقافة وموسيقى البانك.
وهناك الأميركي الأسود مرسر، الأستاذ في مدرسة الفتيات الذي وجدها في سنترال بارك، ونعلم أن مرسر يحاول كتابة رواية باسمه، وأن صديقه وليم هاملتون - سويني، سليل إمبراطورية عقارية وقائد فرقة «بانك» سابقاً..ومدمن مخدرات يعمل على إنهاء رسم لوحة فنية، ونتعرف على شقيقته ريغان. ويدخل في الحبكة أيضاً أستاذ مدرسة، ومصرفي حاقد وفوضوي من البانك، ومفتش شرطة مصاب بشلل الأطفال يواجه ضغوطاً للتقاعد، ويحاول أن يفهم ما علاقة كل منهم بعملية إطلاق نار في سنترال بارك عيد رأس السنة.
حالتان
وهالبورغ تمكن من وصف نيويورك في فترة تعمها الفوضى والجريمة والإدمان، وفرغت خزائنها وتهاوت بنيتها التحتية تحت ضربات أزمة اقتصادية حادة. وهو يصور التشويهات على أسطح المرافق العامة والمحلات التجارية المغلقة، والناس في الشوارع المهجورة والضجيج المستمر على مدار الساعة.
لكن في موازاة حالة التفسخ وتدمير الذات، كانت المدينة أيضاً على أعتاب إعادة ابتكار نفسها في مجال الإبداع الفني، تنقل صحيفة «غارديان» عن إحدى شخصيات الرواية قولها: «الاقتطاعات في الميزانية والجريمة والبطالة ضربت المدينة بوحشية، وكان يمكنك الإحساس بالتوتر الناجم عن الفوضى... »، ثم تضيف:
"بقدر ما كان الوضع محزناً كانت الساحة بطرق عدة مثالية لمراهقين في الصف التاسع بعائلات مشغولة عنهم وهويات مزورة، حيث كان بالإمكان الذهاب للاستماع إلى تسجيلات الراب في بداياتها وموسيقى ال «نيو وايف» التي ترتبط بموسيقى الروك لل «بانك» في السبعينيات من القرن ال20"
94 فصلاً
الرواية تنطوي على حب وخيانة وعنف مجتمعي وتفسخ إنساني في ظل أجواء من الصفح والتعاطف، مضافاً إليها مشاهد من موسيقى ال «بانك». وتتألف من 94 فصلاً وحبكة واحدة، وكل مقطع يسرد حكاية تشكل نافذة على نيويورك «المدينة حيث العشاق والمناضلين والقدّيسين والقتلة»..
وفقاً لرون تشارلز من صحيفة «واشنطن بوست». وهالبورغ كرس أكثر من 900 صفحة لتكوين وجه مدينة بأكملها بكل تعقيداتها، والانتقال بين سرد متعدد وأطر زمنية لوصف أحوال سكان نيويورك وثقافتهم وتطلعاتهم وأحلامهم من أجل التقاط روح ذاك العصر المضطرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.