سعر الدولار أمام الجنيه في تعاملات الجمعة 25-10-2024    بوتين: إنشاء منصة استثمارية جديدة ضمن بريكس سيساعد أفريقيا على التطور    استشهاد 3 صحفيين في الغارة الإسرائيلية على بلدة حاصبيا جنوبي لبنان    تحذير عاجل من أمريكا لرعاياها في الخارج، ماذا يحدث اليوم    150 شهيدا وجريحا في غارة إسرائيلية على مربع سكني بجباليا شمالي غزة    الأردن يدعو المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات رادعة تلجم العدوانية الإسرائيلية    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    اليوم، إطلاق 5 قوافل طبية قافلة طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 27.. حالة الطقس اليوم    أحمد درويش: هناك معوقات للاستثمار الأجنبي وهذه روشتة العلاج    "وقولوا للناس حُسنًا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    فارس عوض: «وشي حلو على الأهلي والزمالك والجمهور بيورطني أحيانًا» (فيديو)    ترتيب هدافي الدوري الفرنسي قبل مباراة اليوم    اليوم، تعامد القمر على الكعبة المشرفة، وهذه طريقة تحديد القبلة أثناء الظاهرة    حملات تفتيشية مكثفة على الأنشطة التجارية بالشرقية    لو مسافر.. الأسعار المحدثة لتذاكر قطارات السكك الحديدية    بدون الالتزام بمحل الاقامة.. أين توجد وحدات المرور المميزة؟    قبل انطلاقها الليلة، كل ما تريد معرفته عن احتفالية "ليلة عيد الوهاب" بالسعودية    إقبال كبير من المواطنين على معرض دمياط للأثاث بالزقازيق    الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا بالمحافظات اليوم الجمعة    الدكتور محمد صلاح، السيرة الذاتية لوكيل تعليم المنوفية الجديد    توزيع الطعام وزيارة المقام في الليلة الختامية لمولد الدسوقي بكفر الشيخ    فريق طبي بالمستشفى الجامعي بطنطا ينجح في استئصال ورم سرطاني بالمريء    مستشار وزير الصحة ينصح الآباء: الختان جريمة ولا علاقة له بالدين والشرف    «مستواه لا يليق».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا لاذعًا على نجم الزمالك    رسالة صلاح عبدالله للاعبي الزمالك بعد خسارة كأس السوبر المصري.. ماذا قال؟    قائد الحرس الثوري الإيراني: إسرائيل تحفر قبرها تدريجيًّا وتهيئ نفسها للانتحار    السولية يفاجئ كهربا بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    محافظ البحيرة تتفقد محطة الزهراء لإنتاج البيض والمزرعة السمكية    حبس موظف لقيامة بقتل زوجته بالمطرية    أمطار غزيرة لمدة 96 ساعة.. موعد أول نوة شتوية 2024 تضرب البلاد (استعدوا للتقلبات الجوية)    وكيل الصحة يزور قسم الأطفال بحميات العباسية لتطبيق النموذج الناجح داخل سوهاج    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    جوتيريش: الوضع الإنساني في شمال غزة هو "الأسوأ منذ بدء الكابوس"    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    أحمد الغندور «الدحيح» يفتتح الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    يسرا اللوزي من مهرجان الجونة: "فرصة الناس تتقابل ونشوف مشاريع جديدة"    نسرين طافش: "كفايا عليا أحضر مهرجان الجونة عشان أشوف أحلى الأفلام"    بهاء سلطان يطرح أغنية «أنا من غيرك» من فيلم «الهوى سلطان» (فيديو)    ارتفاع مفاجئ بجميع الأعيرة.. سعر الذهب اليوم الجمعة بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا جديدًا    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تفعيل التوقيت الشتوي 2024    مصدر مسؤول: مصر أكدت للوفد الاسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال غزة    بالصور.. الاتحاد العام لشباب العمال بالأقصر ينظم ندوة تثقيفية حول "الشمول المالي"    تجديد الثقة فى المهندس ناصر حسن وكيلًا لتعليم الغربية    أكرم توفيق: طلع عينينا لنفوز بالسوبر أمام الزمالك    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    عمرو الفقي يعلن التعاقد مع متسابقي برنامج "كاستنج" للمشاركة في أعمال درامية    أخبار × 24 ساعة.. وزير الصحة: عدد سكان مصر يصل 107 ملايين نسمة خلال أيام    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    ضخ دماء جديدة.. ننشر حركة التغييرات الموسعة لوكلاء وزارة التعليم بالمحافظات    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تود هاينز: الإستقلالية في السينما حساسية فنية أكثر منها انتماء
نشر في نقطة ضوء يوم 29 - 10 - 2015

المخرج الأميركي القدير تود هاينز حلّ ضيفاً بعد ظهر الخميس الفائت، على عيد روما السينمائي (16-24 الجاري). كان الاحتفاء به مزدوجاً: تمثل أولاً في عرض جديده "كارول"، الفيلم البديع الذي شارك به في مهرجان كانّ الأخير (بطولة كايت بلانشيت وروني مارا) وعاد منه للأسف بلا جائزة؛ وثانياً في افساح المجال له للقاء الجمهور والحديث عن سيرة سينمائية انطلقت قبل نحو 30 عاماً وانطوت على ستة أفلام تُعتبر علامات مضيئة في تاريخ السينما الأميركية المستقلة. لم يكن غريباً أن يبدأ صاحب "لستُ هناك" كلامه من استقلاليته التي تجعله يعمل على هامش الصناعة الهوليوودية. بهدوء وود وابتسامة لم تفارق وجهه طوال الجلسة، قال: "لستُ مستقلاً فقط لأنني امتنعتُ عن العمل مع الاستوديوات الكبيرة. الاستقلالية حساسية فنية أكثر منها انتماء. عليَّ القبول بفكرة ان أفلامي مختلفة في الشكل، وتكاد تلامس التجريب. أدين بهذا الاختلاف لعنصرين: الممثلون الذين يأتون اليّ بشرعية اكتسبوها في شبّاك التذاكر، والمنتجة التي رافقتني طوال هذه السنوات، وهي دائماً حاربت من أجلي".
لم يكن تناول أفلام هاينز ممكناً، من "بعيداً من الجنة" الى "فلفت غولدماين"، من دون الإشارة الى الينبوع الذي ارتوى منه. في جملة التأثيرات التي اشتغل في إطارها، يحتل المخرج الأميركي دوغلاس سرك الصدارة. اكتشفه هاينز في الثمانينات عندما كان لا يزال طالباً، ووقع في غرامه. في نظره أن سرك لجأ الى لغة مصطنعة (الميلودراما)، لقول حقائق اجتماعية. طريقته كانت جد راديكالية نسوية قياساً بالفترة الزمنية التي اشتغل فيها. يعزو هاينز تقدير سرك في أميركا والعالم الى ثلاثة أطراف: مجلة "دفاتر السينما" الفرنسية، المنظّرة السينمائية الأميركية لورا مولفي، والمخرج الألماني راينر فرنر فاسبيندر.
بعد عرض مقاطع من فيلمه "فلفت غولدماين"، التي شاهدناه يتفرج عليها بفضول يشي بأنه لم يرها منذ زمن طويل، قال: "وددتُ ان أعود مع هذا الفيلم الى حقبة فريدة جداً من تاريخ ثقافة ال"بوب" وال"غلام روك" في أميركا. هذه المساحة الفنية كانت مكوّنة من لغة ممسرحة واستعراض، وأردتُ من خلالها ان أستكشف مفهوم الهوية. أخذتُ ما كان يفعله كثرٌ من الموسيقيين، وانطلاقاً من هذه المعطيات نسجتُ حكاية خيالية. رغبتُ في عالم موازٍ. انجازي الأهم في هذا الفيلم هو انني ظللتُ قريباً جداً من الفنانين".
عاد هاينز الى علاقته المهنية مع جوليان مور التي أدارها في فيلمين، "آمن" و"بعيداً من الجنة". أوضح انه لم يكن يعرفها آنذاك، يوم باشر تصوير فيلمه الثاني، فمور كانت قد بدأت لتوّها بالتمثيل، لكن بمجرد أنها قرأت السيناريو حتى وافقت عليه وعرفت بالضبط من أين تمسك بالدور. جسّدت الشخصية خير تجسيد، ومنذ ذلك اليوم شرعا في علاقة مثمرة، علماً انه لم يكتب دور "بعيداً من الجنة" وهي في باله.
في سياق حديثه عن رائعته السينمائية "لستُ هناك"، حيث كايت بلانشيت تجسّد واحدة من النسخ الستّ التي نراها لبوب ديلان، تذكّر أن ديلان صرّح في مجلة "رولينغ ستونز" بعد سنة ونصف السنة من عرض الفيلم، بأنه معجب به. ان المعالجة غير التقليدية التي قدّمها هاينز لحياة ديلان كانت الشرط الوحيد لكي يقبل المغني الأسطوري بإنتاج فيلم عن حياته. سأله المحاور طمعاً بالمزيد من التوضيح على لسان مخرج لطالما كانت الموسيقى هاجسه: "مَن هو بوب ديلان؟"، فأجاب ان الردّ على هذا السؤال مستحيل، ولهذا السبب أنجز الفيلم: "ديلان صاغ ملامح الستينات، والستينات صاغت ملامح ديلان. رفض ان يُعلَّب ونبذ الهوية. طال الشهرة والنجاح وعاشهما كشخص كامل، ولكن وجب عليه ان يتراجع وكان في كل مرة يقتل الديلان الذي كانه. في الفيلم، تطل كايت بلانشيت في دور ديلان لتقتل كريستيان بايل الذي كان ديلان قبلها، لكن الأخير كان يجسّد ال"فولك" بطابعها الارثوذكسي. آنذاك، كان تحت تأثير الأنفيتامين، ضعيف البنية، ويقفز على المسرح. كايت كانت خائفة من تجسيد الدور، من جانبي كنت متأكداً أنها ستبرع".
عندما وصل الحديث الى "كارول"، كشف هاينز للمرة الاولى أنه استوحى قليلاً من شخصية مونيكا فيتي في "الكسوف" لميكال أنجلو أنطونيوني من أجل بناء الشخصية التي تضطلع بها بلانشيت في هذا الفيلم الذي قد يدخل سباق ال"أوسكار" السنة المقبلة: "هناك شيء في اسلوب ثياب مونيكا يذكّرني بكايت. هذا الفيلم، ليس هناك مخرج لا يقع تحت سحر لغته البصرية ودقته وقدرته الهائلة على التقاط تفاصيل المجتمع الذي يصوّره. ثم هناك أيضاً النحو الذي يُستعمل به الحقل السينمائي".
فيلم آخر استعار منه هاينز من أجل كتابة سيناريو "كارول": "لقاء قصير" لديفيد لين: "عندما نشاهد هذا الفيلم، ولا سيما مشهد القطار، نكتشف شخصيتين، وسرعان ما يشغلنا سؤال: "حكاية مَن سيكون هذا الفيلم؟". وددتُ اعتماد تقنية سردية مشابهة في "كارول"، بحيث لن نعرف أبداً هل ستتبع حكاية كايت بلانشيت أم روني مارا".
في طبيعة الحال، كان هناك مرور اجباري عبر سينما راينر فرنر فاسبيندر. بعد عرض مقطع من "كل الآخرين اسمهم علي"، أفاض هاينز في الكلام عمّن يعتبره أحد مصادر الوحي لديه: "أنجز دوغلاس سرك عام 1955 "كل ما تسمح به السماء". كان نموذجاً راقياً للميلودراما وكان فيلمه المفضل. انها حكاية امرأة تُغرم برجل أسود. الحكاية أحدثت زوبعة اجتماعية في هاتيك الأيام. فاسبيندر شاهد الفيلم ووقع في غرامه، حدّ انه غيّر مفهومه للسينما. فالتقط الحكاية ونقلها الى ألمانيا لتصبح حكاية أرملة تنظّف المراحيض، وذات يوم تقع في حبّ شاب مغربي يصغرها سناً. وضع فاسبيندر الحكاية في سياق طبقي. انها أبسط قصة يُمكن العثور عليها، وفاسبيندر كان يحبّ السينما البسيطة من ايمانه بأنها الأقوى. تكفي رؤية الفيلم كي نلحظ كمية نظرات الادانة التي تحظى بها عاملة المراحيض. فاسبيندر كان سينمائياً مسيّساً، ينتمي الى جيل ما بعد الماركسيين. هذا النوع من السينما حيث تتبلور شخصيات تعيش في محيط قاسٍ، قاد خطواتي وكان له التأثير الأقوى في مسيرتي، منذ أول فيلم أنجزته وصولاً إلى "كارول"، فيلمي الأخير".
من مشاريع هاينز القريبة: فيلم عن عازفة الجاز بيغي لي (1920 - 2002)، سيكون من بطولة ريز ويثرثبون. "هذه مناسبة للعودة مجدداً الى عالم الموسيقى في أميركا". ختاماً، سأله أحدهم عن الممثل الراحل هيث ليدجر الذي أداره في "لستُ هناك"، فعلّق انه يشعر بالسعادة لأنه عمل معه ويشتاق اليه دائماً، الا انه في كلّ مرة ينظر فيها الى وجه ابنته الصغيرة، يشعر بأن والدها لا يزال حياً من خلالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.