لا نبالغ إذا قلنا إن فرسان السينما والغناء والدراما في الزمن الجميل كانوا فنانين بحق لا يبغون مكاسب مالية بقدر ما يبغون فناً حقيقياً يعيش أبد الدهر حتى لو كان في هذا خسارة مالية جسيمة بالنسبة لهم، ولكنهم كانوا على يقين أنهم يقدمون فناً حقيقياً عالمياً تستفيد منه الأجيال المتعاقبة، قبل أن نستعرض أسماء هؤلاء نقول إن الاحتفال بعيد الأضحى المبارك كان بالتراث العظيم لهؤلاء من أفلام دينية وتاريخية.. وأغنيات دينية خالدة لولا التراث ما كنا وجدنا شيئاً يعبر عن العيد والأفلام التي عبرت عن كفاح وتضحيات المسلمين الأوائل تعود لأقطاب الزمن الجميل الذين قدموا أعظم وأقوى الأفلام الدينية والتاريخية. في مقدمتهم المنتجة والفنانة آسيا التي تصدت لأضخم إنتاج في تاريخ السينما المصرية بفيلم الناصر صلاح الدين إنتاج 1962، شارك في بطولته كوكبة من كبار النجوم والنجمات. أحمد مظهر، نادية لطفي، ليلى فوزى، محمود المليجى، صلاح ذوالفقار، زكى طليمات، حمدى غيث، عمر الحريرى، ليلى طاهر، أحمد لوكسر وإخراج يوسف شاهين تناول الفيلم كفاح العرب ضد الصليبيين والانتصار بقيادة صلاح الدين الأيوبي كان نتيجة الفيلم خسارة جسيمة جداً لآسيا، لم تستطع التغلب عليها ربما حتى رحيلها. الفنانة الكبيرة ماجدة الصباحي التي تصدت لإنتاج أكثر من فيلم دينى منها هجرة الرسول مع إيهاب نافع وعدلي كاسب وحسن البارودي وسميحة توفيق وإبراهيم عمارة. وهذا الفيلم يعرض في جميع المناسبات الدينية، وأهدته ماجدة للتليفزيون المصري مجاناً، الفيلم إنتاج 1965، والفيلم الرائع عظماء الإسلام أنتجته ماجدة أوائل السبعينيات وشارك في بطولته مجموعة من نجوم الصف الثاني في ذلك الوقت منهم حسن عابدين ونادية رشاد وإسلام فارس، الفيلم تناول السيرة الذاتية وكفاح الخلفاء الراشدين، سيدنا أبوبكر الصديق وسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب وسيدنا عثمان بن عفان وسيدنا على بن أبي طالب، الفيلم يبدو فقيراً إنتاجياً ولكنه يقدم قيماً عظيمة أرساها المسلمون الأوائل، الفيلم إخراج نيازي مصطفى. والفيلم التاريخي «وا إسلاماه» إنتاج مشترك بين الشركة العربية للسينما والشركة الإيطالية للسينما 1963 بطولة أحمد مظهر ولبنى عبدالعزيز وحسين رياض ورشدي أباظة وتحية كاريوكا وعماد حمدى ومحمود المليجى وأخرجه اثنان المخرج الإيطالي ريكو موميا والمخرج المصري الراحل شادى عبدالسلام، تناول الفيلم كفاح المصريين ضد التتار والانتصار عليهم بقيادة سيف الدين قطز. وفيلم «بلال مؤذن الرسول» بطولة يحيى شاهين وعزيزة حلمي وإخراج أحمد الطوخي 1950، ورغم ظروف نكسة 1967 تصدت المؤسسة العامة للسينما لإنتاج أكثر من فيلم دينى في بداية السبعينيات منها فجر الإسلام بطولة يحيى شاهين ومحمود مرسي ونجوى إبراهيم وسميحة أيوب وعبدالرحمن علي. و«الشيماء» بطولة: سميرة أحمد وأحمد مظهر وأمينة رزق وإخراج حسام الدين مصطفى وغناء سعاد محمد. ولا ننسى فيلم «رابعة العدوية» إنتاج 1964 بطولة نبيلة عبيد وفريد شوقي وحسين رياض وعماد حمدى وإخراج عاطف سالم وغناء كوكب الشرق أم كلثوم والأغنيات العظيمة الرضا والنور وعرفت الهوى. توقف تماماً إنتاج الأفلام الدينية منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضى اختفي المنتج الجرىء وأصبح الجميع يبحث عن المكاسب المالية فقط وانحدرت السينما حتى وصلت لأدنى مستوى في السنوات الأخيرة. الدراما الدينية منذ النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي تصدى التليفزيون المصري في عصره الذهبي لإنتاج مسلسلات دينية على أعلى مستوى نذكر منها «على هامش السيرة» و«محمد رسول الله ». وفي الثمانينيات والتسعينيات وحتى أوائل هذا القرن كانت هناك مجموعة كبيرة من المسلسلات الدينية منها «لا إله إلا الله» و«عمر بن عبدالعزيز» للراحل نور الشريف و«أبوحنيفة النعمان» للقدير محمود يس و«عمرو بن العاص» لنور الشريف و«إمام الدعاة» للفنان الكبير حسن يوسف الذي تناول حياة الإمام محمد متولي الشعراوي والإمام الغزالي وابن ماجة والطارق. وبفعل فاعل توقف إنتاج الدراما الدينية رغم وجود كيانات إنتاجية مثل قطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامي، تلك الكيانات الحكومية عجزت تماماً في السنوات العشر الأخيرة عن إنتاج أعمال دينية وترك الساحة للقطاع الخاص وسيطرت الأعمال الاجتماعية المسفة أحياناً على الساحة الدرامية. الغناء نستطيع القول إن الغناء الديني المعبر مات بموت العمالقة في كل مناسبة دينية أو قومية لا تستمع إلا للغناء الأصيل بصوت العمالقة. كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم التي تطل علينا بصوتها الذي لا يوصف بأغنيات خالدة في مقدمتها «القلب يعشق كل جميل» التي غنتها عام 1972 تأليف الشاعر الكبير الراحل بيرم التونسي، ألحان العملاق رياض السنباطى، وهي أغنية خالدة تعبر عن وصف لمناسك الحج و«إلى عرفات الله» ورباعيات الخيام والثلاثية المقدسة والرضا والنور والأغنية الخالدة يا ليلة العيد أنستينا هذه الأغنيات تستمع إليها في كافة المناسبات الدينية. وأغنية أسمهان «عليك صلاة الله وسلامه» و«هلت ليالى» لفريد الأطرش. ولا ننسى القيثارة الراحلة ليلى مراد ورائعتها «يارايحين للنبى الغالي» التى غنتها 1953 للرد على المشككين في عقيدتها الإسلامية. وأدعية العندليب الراحل عبدالحليم التي غناها قبيل رحيله، وهى «أرجوك يا سامع دعايا» و«أنا من تراب» و«صحبة الورد» و«يا خالق الزهر». وغنى محمد فوزي «الحمد لله» وغنت نجاة الصغيرة "إلهى ما أعظم” وودعت شادية الغناء 1986 برائعتها «خد بإيدي» ولا ننسى إبداعات ياسمين الخيام وعلي الحجار وذلك على سبيل المثال وليس الحصر في كل المناسبات الدينية نعيش على هذه الأغنيات الدينية منذ عشرات السنين. وهناك مئات الأغاني وربما الآلاف تنتج سنوياً خالية من القيم الأصيلة والمشاعر الدينية الصادقة، ورحم الله زمن الفن الجميل.