ننشر نتيجة التنسيق الثاني لمرحلة رياض الأطفال بمدارس الجيزة (صور)    عيار 21 يرتفع الآن للمرة الثالثة بالصاغة.. أسعار الذهب اليوم تسجل رقمًا قياسيًا جديدا    أسعار الطيور والدواجن بكفر الشيخ... الأرانب ب120 جنيها    محافظ الفيوم يوجه بتوفير علاج علي نفقة الدولة ومساعدات مالية لعدد من المواطنين    تعليق الدراسة في جميع مدارس وجامعات لبنان    مران الزمالك.. جاهزية شلبي ودونجا.. تعليمات فنية للجزيري وناصر.. وحضور حفني وإدارة الأبيض    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    فانتازي يلا كورة.. جاكسون يحفظ مكانة تشيلسي على القمة    حالة الطقس غدًا الثلاثاء 24-9-2024 بمحافظة البحيرة    مهرجان القاهرة السينمائى يعلن عن جائزة مالية لأفضل فيلم يرصد معاناة فلسطين    الكشف على 3560 مواطنا خلال قافلة طبية في ناهيا بالجيزة (صور)    بعد تفجيرات لبنان.. إيران تحظر أجهزة اتصال خوفا من الإختراق    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    كاتب صحفي: مشاركة منتدى شباب العالم فى قمة المستقبل نجاح كبير.. فيديو    كل ما تريد معرفته عن ضوابط عمل اللجان النوعية بمجلس النواب    محافظ دمياط: مبادرة المشروعات الخضراء تعكس جهود الدولة للتعامل مع البعد البيئى (صور)    شراكة بين المتحدة للرياضة والاتحاد المصري واستادات لإنشاء دوري الأكاديميات    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    السجن المشدد 15 عامًا لعاطل بالإسكندرية بتهمة القتل والسرقة    وزير الأوقاف لمحرري الملف الديني: الأزهر على رأس المؤسسات الدينية في مصر    يونيفيل: أجرينا اتصالات مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي أملا في خفض التصعيد    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    أحمد عز ومنى زكي ضمن الأعلى إيرادات في شباك التذاكر السعودي    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    أبو الغيط يلتقي رئيس وزراء فلسطين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    مدارس وقوافل وتطوير.. كيف دعمت حياة كريمة جهود التنمية في محافظات الجمهورية؟    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    الجمهور يهاجم وليد فواز بسبب إيمان العاصي في "برغم القانون"    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    رغم تغيبه.. تنازل ضحيتا الفنان عباس أبو الحسن عن الدعوى الجنائية    اليوم العالمي للغات الإشارة: هل تختلف بين البلدان؟    نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة: أنا مطمن إننا هنكسب الأهلي    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب داخل شقة سكنية في الوراق    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    جامعة الأمم المتحدة للسلام تحتفل باليوم العالمي.. وتتتعهد بتقديم تعليم ملهم للأجيال القادمة    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    بيراميدز يكشف حجم إصابة محمد حمدي ومدة غيابه    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    إصابة فى مقتل    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ادوارد الخراط : أنا مع كتابة الجسد لأنه مقدس وليس مبتذلا لارتباطه بالروح
نشر في نقطة ضوء يوم 26 - 12 - 2009

أخرجه القدر من براءة شبابه الأول ليلقى به فى بحر متلاطم من الحياة الشاقة التى بقدر ما أهلكته، بقدر ما خلقت بداخله قوة مختزنة، جعلته قادراً على مواجهة الحياة وترويضها لصالحه، أنه إدوار الخراط الروائى الكبير الذى أعترف خلال حواره بأن أدبه غارق فى المصرية، وأن الاتهامات التى تنهال عليه تسعده وأنها أقل من أن تتسبب فى إيلامه ، لأنها تثبت له أنه مازال يعمل، ومازال قادر على العطاء. فإلى نص الحوار :
- دعنا نبدأ بأدوار الخراط الشاب هل تحمله للمسئولية بعد وفاة والده أنضجه مبكراً ؟
لم يكن من الممكن أن أتحمل مثل تلك التجربة بدون أن يكون بداخلى مخزون من الصلابة الطبيعية والإيمان والقراءة مما يكفل لى القدرة على المقاومة القوية للمشاكل، وبذلك قد تبلور بداخلى عدة مقومات و استعداد مبكر نظراً لكونى الابن الأكبر لأخوة بنات بالإضافة لقراءاتى المتعددة التى ساعدت على اتساع مداركي، فقد كانت مكتبة المدرسة العباسية الثانوية بالأسكندرية عامرة بكتب التراث والفن الحديث والأدب، كما كان هناك مكتبة البلدية الفنية عامرة هى الأخرى بكتب رائعة، مما دفعنى لأقضى فيها فترة الصيف كله عاكفاً على قراءاتها ويخيل لى أننى قرأتها كلها تقريباً ، كل هذه المقومات كانت هى الخلفية التى ساعدتنى على اجتياز المحنة ورسب بداخلى جزء من نضوجى فالحياة هى التى تنضج الإنسان ، وعلى أثر وفاة والدى عملت محاسباً فى مخازن البحرية البريطانية بالأسكندرية.

- ولكن هل لم يكن لك وقتها وعى وطنى يمنعك من العمل فى البحرية البريطانية؟
لم أكن أملك الخيار فلقد كنت مضطراً لأن أعمل ولكننى ظللت محتفظ بوطنيتى التى قدروها فى البحرية البريطانية، مدركون الحس الوطنى عندي، وقد كنت أدخل المخزن وأنا معلق على قميصى إشارة مدنية -كانت شائعة فى هذا الوقت- مكتوب عليها "الجلاء Evacuation" وبهذا خرجت من هذا العمل مكتسب خبرة كبيرة لازالت تنفذ إلى أعمالي.
-
- المسئولية كانت كبيرة فكيف استطعت أن تدرس وتعمل وتدخل عدة حركات ثورية؟
كانت المسألة شاقة، وربما كان يمكن أن تكون أشق من ذلك لو لم يقفوا بجوارى فى مخازن البحرية، فقد كنت آخذ سيارة المخزن -التى كان يقودها كونسوتابل مالطي- ليوصلنى إلى كلية الحقوق ويعيدنى لأنقل المحاضرات فى العمل، وهذا يدل على أنهم كانوا مقدرين كفاح هذا الشاب الذى يدرس ويعمل ، وكنت برغم ضغط عملى أنجح فى حضور بعض المحاضرات وليس كلها، ويخيل لى أننى لم أكن أنام سوى بضع ساعات قليلة لأننى كنت أستذكر ليلاً وفى الصباح أستيقظ مبكراً لأذهب لعملي.
- إذاً دعنا ننتقل للحب الأكبر الذى لا ينسى مصر لماذا دخلت فى حلقة ماركسية تروتسكية؟
اجتمع بداخلنا آنذاك المطالبة بجلاء الاحتلال وسقوط الاستغلال أى وجود الحرية الوطنية والعدالة الاجتماعية، وعلى هذا حاول كل منا أن يلجأ للشيء الذى يساعده على تحقيق ما يموج بداخله فكان هذا هو الهدف من هذا العمل الثوري.
- ولكن لماذا الماركسية خاصة؟
للماركسية جانبين جانب تحرر وجانب إطلاقى أو شمولى أو دكتاتورى وقد انحزت للجانب التحررى الذى يدعو للعدل الاجتماعى الذى أبتغيه.
-
- هذا عن الماركسية فماذا عن جماعة الشباب المتأثرين بالسيريالية مع ألفريد فرج ومنير رمزي؟
السريالية نظرية أدبية ثورية اجتماعية شاملة تتعدى كونها مجرد نظرية سياسية، مما جعلنى أعجب بها خاصة فى مثل تلك الظروف السائدة آنذاك والتى جعلت النظريات والمذاهب والخيارات تموج فى الروح والعقل، بسبب المناخ الذى خلق استعداد لتلقى مثل هذه النزعات، التى تقوم على التمرد واستكشاف المجهول وتقصى الجوانب الكامنة فى الروح الإنسانية.
-
- من وحى كلامك يتضح أن السريالية كانت تعنى التمرد بالنسبة لك فهل هذا صحيح؟
نعم فلقد كان تمرد على الأوضاع الجامدة الثابتة والتى كتمت أنفاسنا سواء فى الأدب أو فى التنظيم الاجتماعى فانتميت إلى هذه الجماعة.
- ولكننى أرى أنك لم تنتمى للجماعة نفسها وإنما لأفرادها فقد قمت بترجمة شعر منير رمزى من الفرنسية للعربية هل ذلك لموهبته أم للعلاقة الإنسانية بينكما؟
لقد انتحر منير رمزى وهو شاب صغير وقد ترجمت له قصائده بسبب موهبته الحقيقية، وبسبب الصداقة والمحبة التى كانت تجمعنا مما دفعنى للقيام بهذه الترجمة العزيزة على قلبى وإصدار الكتاب مع د. محمد مصطفى بدوي.
-
- لم تكن هذه هى الترجمة الوحيدة فقد عملت مترجماً بالسفارة الرومانية فماذا تعنى لك الترجمة؟
الترجمة هى نوع من القراءة العميقة والحميمة للنص فهى تعنى محبة كبيرة لنص تدفعنى لترجمته رغبة أن يشاركنى فيه عدد أكبر مما يخلق نوع من أنواع التواصل مع النص ويحدث حالة من التحدى ناتجة عن نقل النص من لغة إلى لغة ومن ثقافة إلى أخرى.
-
- ولكنها دفعت البعض لاتهامك بالإفلاس الأدبي؟
إننى لم أقم بالترجمة منذ ما يقرب من عشرين عام فهى كانت فى مرحلة من المراحل، إلا أننى أجد الترجمة من أهم العناصر التى تساعد على إثراء الكتابة الإبداعية وهذا على عكس ما يدعون.
-
- نجدك مترجماً وروائى وخلطة كبيرة من الإبداع فأيهم أنت؟
أنا كإدوار الخراط أحوى كل هؤلاء، إلا أننى أعتبر نفسى بالأساس شاعر أتخذ طريق الشعر والقصة وجعلهم متواكبين معاً، وإذا أردت أن أرتب أوراقى الشخصية وأرتب ألقابى فأننى أولاً روائى ثم شاعر وبعد ذلك ناقد وأخيراً فنان تشكيلي.
-
- تحدثنا عن أحد أوراقك الشخصية وهى الترجمة فدعنا ننتقل لورقة السياسة كيف جاء عملك فى منظمة التضامن الآسيوأفريقي؟
لقد كنت أعمل فى السفارة الرومانية، وتوقف العمل فيها وأخذنى وقتها يوسف السباعى السكرتير العام لجميعة الصداقة الرومانية المصرية لأعمل مترجم ثم مستشار فنى فى مكان العظيم الراحل رمسيس يونان وبهذا قد استلمت وظيفته إلا أننى لم أحل محله أبداً.
- ولكن ذلك أوقعك فى اتهام تبعيتك ليوسف السباعى الذى ألحقك بالعمل بالمنظمة بسبب صداقتكم؟
هذا خطأ فصداقتى بيوسف السباعى جاءت نتيجة العمل معه فى المنظمة وليس العكس وقد ساعدت هذه المنظمة وعملى بها توطيد الصداقة ، وقد قلت ألف مرة وها أنا أقول للمرة الواحدة بعد الألف أننى لم أكتب كلمة عنه لا فى حياته ولا بعد مماته، فكيف أكون من أتباعه كما يتشدق بذلك بعض الإعلاميين الذى هم أنفسهم قاموا بتملق ونفاق يوسف السباعى وكتبوا مديحاً فيه.
-
- الاتهامات الموجهة لك كثيرة.. قاطعنى قائلاً وهو يضحك "أنا أرجو استمرار تلك الاتهامات لأنها تعنى بالنسبة لى الكثير فيه دليل الإنجاز والعمل فالذى لا يعمل لا يتهم وأنا لا أود أن أكون كذلك ، ولكن حياتنا الثقافية مليئة بالإشاعات التى سرعان ما تكتسب مصداقية لذا فهى تحتاج للفرز والصدق مع النفس والآخرين كما تحتاج لكثير من الغربلة"!
إذاً دعنى أنا الأخرى أهاجمك وأتهمك بأنك من أتباع إسكندرية فكيف تجيب على اتهامي؟ ضحك مؤكداً بملامحه المبتسمة على ما قاله وهو "إنها تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه فأنا كسائر الإسكندرانيين المتعصبين لها أعشقها وأحبها فالأسكندرية بلد سحرية أسطورية تكتنفها روح خفية لايمكن تفسيرها، ولهذا تؤثر على كثير من المبدعين سواء كانوا من أهل البلد أو من الزوار مما يجعلها قبلة المحبين".
-
- فماذا يبرز إلى ذاكرتك حينما يذكر أمامك اسم تلك الساحرة الأسكندرية؟
يبرز هذا الأفق المفتوح الذى يمثل سؤالاً مستمراً هذا البحر الذى لا يختلف ولا يتغير مهما تغيرت إسكندرية فكأنه خالد يطل على أفق لا نهاية له ، كما تبدو الأسكندرية فى ذاكرتى هذا المستودع الهائل للتراث والثقافات العريقة، إلى جوار ذلك أذكر على الفور حياتى الشخصية الحميمية سواء فى الطفولة أو الصبا أو الشباب أو الكهولة.
- وهل لكل هذا المخزون الرائع فى ذاكرتك استرجعت ذكرياتك عن الأسكندرية فى كتاباتك؟ مما لا شك فيه أنها أثرت على بصورة جلية فلم أدرى بقلمى إلا وهو يكتب عنها الكثير والكثير وأكبر دليل على ذلك رواياتى "ترابها زعفران" و"أسكندريتي" و"يا بنات إسكندرية".
- هذا عن الأسكندرية فماذا عن الصعيد؟
أبى فى الأساس من أخميم من الصعيد الجوانى الذى يمثل تاريخ مصر الضارب فى أعماق الزمن بكل أصالته وشموخه وعراقته ، وقد سنح لى القدر فرصة زيارة الصعيد عدة مرات سواء فى الطفولة المبكرة أو الشباب، وبالرغم من أنها كانت زيارات قصيرة إلا أنها كانت عميقة جداً مما أضاف لى خبرة رائعة أختزنها فى ذاكرتي.
-
- وهل هذه الذكرى المختزنة هى التى دفعتك لكتابة ملحمة الأقباط فى صعيد مصر "صخور السماء"؟
بالطبع الصعيد يعد بمثابة مخزون بداخلى خرج فى هذه الملحمة وغيرها من القصص القصيرة التى تكونت فى رأسى خلال زياراتى القصيرة للصعيد.
-
- فكيف وجدت واقع الأقباط فى الصعيد؟
هم جزء لا يتجزأ من مجتمع مصر كله وأى محاولة تمييز أو التفرقة محاولة فاسدة لأنه لا يوجد فرق فى حياتهم بسبب الديانة على الإطلاق فالمصريين مثل بعضهم البعض وهذه حقيقة ثابتة فى التاريخ والأحوال اليومية وليست كلام للإنشاء أو الدعاية.
-
- وماذا عن اتهام النقاد لك بأن أدبك غارق فى القبطية؟
أختلف معهم فاتهامهم هو الغارق فى الخطأ! لأن ذلك الاتهام ناتج عن قراءة مغلوطة وسيئة النية لأن أدبى غارق فى المصرية بكل جوانبها، وقد كتبت عن أهل مصر الأقباط وغير الأقباط وحتى إن كنت كتبت عن الأقباط فإنهم جزء من شعب مصر.
- أحتار فيك يتهموك بأدبك الغارق فى القبطية ويفاجئون بأنك محب للثقافة الإسلامية خاصة الصوفية فلماذا؟
لقد تعرفت على الصوفية من خلال قراءاتى فاننى كنت ولا زلت أقرأ فى الدين الإسلامى والديانات الأخرى، فوجدت الصوفية فى كل الأديان مما أثبت لى أنها حالة روحية قبل أن تكون تلك الحالة الدينية بمعناها الضيق للمعتقد الدينى ، فالصوفية تتجاوز العقائد الدينية الجامدة لحالة من الرحابة والتسامى الروحى والتجرد عن المنفعة الشخصية، أو المسعى المادى المباشر القريب مما ثبت أنها ليست هى الخرق المهلهلة ولا الزهد عن الطعام والشراب إنما حالة متسامية عليا لها قيمتها العليا التى ينبثق عنها أدب أو كتابة رفيعة المستوى حافلة بالجمالى المحتشد بعناصر جمالية كثيرة.
-
- وماذا عن الأشتباك ما بين أعمالك والنقاد؟
أنا لا أؤمن بمسألة الحجر على حرية أى شخص فى قول أى شيء ولذا أرى أنه من حق كل ناقد أن يرى فى كل عمل ما يراه وله الحق المطلق فى أن يخطأ أو يصيب فى رؤيته ويكون فى المقابل الحق للكاتب فى الرد عليه وتصويبه إلا أن الأعمال الجيدة كفيلة بالرد عن أى دفاع بالكلام ، ولكن النقد القائم على أسس دراسة وتأمل سليم وموضوعية هو النقد الحقيقى الذى يؤخذ به وليس النقد القائم على انحيازات وأفكار مسبقة سيئة النية.
للجسد قيمة إنسانية
-
- هذا عن معنى النقد فى قاموسك فدعنا ننتقل لمصطلح آخر فى نفس القاموس وهو كتابة الجسد ما تعنى لك؟
أنا مع كتابة الجسد، فالجسد شيء مقدس وليس مبتذلا لارتباطه بالروح، فالفنان الحقيقى هو الذى يكتب عن الجسد والروح، فالجسد بدون الروح يصبح جثة، وإن لم يتحقق ذلك تصبح كتابة عدمية ومبتذلة، ليس لديها أى قيمة حقيقية فتتحول بذلك لما يسمى بالبورنو ، ولكنها كتابة تحتاج لإدراك حقيقى راقى ينتج عن قراءة متفهمة وخبرة مباشرة تساعد على أن يكون للجسد قيمة إنسانية كبيرة لا يمكن النفى منها أو التهاون فيها.
-
- هذا عن قيمة الجسد فى الكتابات فماذا عن قيمة العامية فى الروايات هل تلجأ لها لتقترب من القاريء؟
لا أبداً فأنا حينما أكتب أرفض وضع اعتبارات مقحمة على العمل الفنى كأن أحسب حساب لما يريده القاريء أو لا يريده فليس هناك مرونة لأن ينظر الكاتب لما يريده القاريء لأن ذلك يمكن أن يضر العمل الفنى ويصيبه بعطب ، وذلك بعكس السبب الرئيسى لاستخدامى للعامية فالنص هو الذى يملى شروطه وعلى أساس ذلك استخدم الحوار السردى "بالعامية" إذا ما تطلب الأمر ذلك.
-
- هذا يعنى أنك ترفض وجود حيطان عالية ما بينك وبين العمل الفنى فماذا عن "الحيطان العالية" ومنعها من النزول للسوق؟
نعم لقد أعترضت الرقابة على ثمان فقرات وهذا بعد أن أعترضت تماماً على إصدار الكتاب لوجود عبارات مخلة بالآداب ، وتكررت المسألة فى " مخلوقات الأشواق الطائرة" التى لم تصادر وإنما حجبت عن التداول لفترة معينة ولكنها عادت للتداول الآن بعد أن تغيرت الأمور وتطورت الرقابة.
-
- هل ظهور الروايات الآن يثبت تمردك على حجبها؟
لقد تمردت حقاً على السلطة وأخرجتها للنور، إلا أننى آنذاك كنت مضطراً للقيام بنوع من المصالحة أو الحل الوسط وقمت بالتعبير بفكرة أو جملة أخرى حتى أنتهى كل ذلك وعادت النصوص الأصلية لموقعها سالمة غانمة.
-
- هل كلامك يعنى أنه لم تعد هناك قيود أو رقابة على العمل الفني؟
تختلف الرقابة من فترة إلى أخرى حسب الظروف السياسية وكثير من المتغيرات الأخرى فقد كانت الرقابة مشددة على الإصدارات فى الخمسينيات إلا أنه الآن لا تعترض الرقابة إلا على الجنس والدين والسياسة كما تحولت من رقابة مسبقة على العمل إلى رقابة تأتى بعد ذلك، وقد يؤدى الأمر إلى تدخل الفقهاء للحكم إذا ما حدث.
-
- فكيف تقيم بصورة شاملة الحياة الإبداعية وواقعها المعاصر؟
بالرغم من القيود فى بعض البلاد العربية إلا أن هناك ازدهار وتطور وهناك مغامرات جديرة بالتقدير ولكن الإعلام -وخاصة التليفزيون- لا يولى للثقافة الاهتمام الجدير بها، مما يؤدى إلى انصراف الجمهور عن بعض الأعمال الجادة، ولكن يلاحظ عبر التاريخ أن الأدب الجيد لا يلقى تقديراً جماهيرياً واسعاً وفنياً وإنما يقبلوا عليه بصورة تراكمية فيما بعد ، وبالرغم مما يوجد من تدهور فى الأحوال سواء على الصعيد السياسى أو الاجتماعى إلا أنه سيظل للكتاب سحره ومكانته التى لن يتزحزح عنها حتى مع وجود النت والتليفزيون.

- وماذا عن أحلامك ؟
أننى بدأت كتابة رواية اسمها "رحمة والثعبان" ولن أقول عنها أى شيء قبل صدورها لأن الكلام عن العمل الفنى قبل إصداره يضره ، وبالنسبة للفن التشكيلى سأقيم معرض عن فن الكولا.. وربما فنون أخرى وسيواكب إقامة هذا المعرض إصدار دراسة فى كتاب اسمه "فى نور آخر.. تأملات ودراسات فى الفن التشكيلي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.