يبدو أن رحلة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي آسيا التي هدف من ورائها إلي فتح آفاق اقتصادية جديدة، لن تمر دون أن تثير متاعبه، بعد أسبوع انتخابي قاس تلقي فيه حزبه الديمقراطي ضربة قوية أفقدته توازنه بمجلس النواب. فقد وجد إعلام اليمين الأمريكي الموالي للجمهوريين ما ذكرته وكالة برس ترس الهندية بأن النفقات اليومية لرحلة أوباما للهند تقدر بنحو مائتي مليون دولار، فرصة لتسديد المزيد من الضربات للبرنامج الاقتصادي للرئيس الديمقراطي. ومع انتشار الخبر سريعا علي الإنترنت والقنوات الفضائية وتزايد التساؤلات والتكهنات بدأت مزيد من المعلومات تخرج للعلن، منها أن وفد الرئيس يضم نحو ثلاثة آلاف شخص يشغلون 870 غرفة في فندق تاج محل الهندي التاريخي لثلاث ليال. وحسب تلك الأنباء تحرس الرئيس 34 بارجة حربية تجوب الساحل الهندي. ووفق تلك الحسابات فإن كامل رحلة أوباما التي تستمر عشرة أيام ستكلف الخزينة الأمريكية المترنحة ملياري دولار، كما أن الكلفة اليومية المذكورة والتي تبنتها أوساط المحافظين، في حال ثبوت صحتها، فإنها تفوق الكلفة اليومية لحرب أفغانستان المقدرة بنحو 190 مليون دولار. لكن مسئولي البيت الأبيض اعتبروا هذه التقديرات مبالغا فيها رافضين في ذات الوقت الإفصاح عن تكاليف الرحلة مستندين إلي ما سموه دواعي أمنية، كما نفت وزارة الدفاع نشر بوارج حربية لحماية الرئيس معتبرة ما ورد في هذا الخصوص بأنه "افتراء محض لا أساس له". وكان أوباما قد زار خلال إقامته في الهند مدينة مومباي مركز الهند التجاري، وكذلك العاصمة نيودلهي ومعالمها التاريخية والسياحية برفقة عدد كبير من رجال الأعمال الأمريكيين المتطلعين لفرص مع بلد سكانه أكثر من مليار نسمة. وفي غياب معلومات دقيقة شرع الإعلام الأمريكي المعارض والمؤيد للرئيس في تقديراته الخاصة لتكلفة رحلة أوباما الآسيوية التي يزور في مستهلها الهند ثم إندونيسيا وكوريا الجنوبية واليابان، وتتزامن مع حضوره قمة العشرين. واستطلعت (سي إن إن) آراء شخصيات من المعسكرين فكانت أكثر المواقف حدة من الجمهورية ميشيل باشمان التي قالت "إن الرحلة تكلف دافعي الضرائب مائتي مليون دولار في اليوم" وهو ما اعتبرته تبذيرا وإسرافا غير مسبوق في تبن لموقف الوكالة الهندية. وقارنت محطات إذاعية ومواقع إلكترونية بين رحلة أوباما هذه ورحلة الرئيس الأسبق بيل كلينتون للهند عام 2000، والتي قالت إن تكلفتها اليومية بلغت 37 مليون دولار، كما أن رحلة كلينتون لأفريقيا عام 1998 ومدتها 11 يوما وبوفد وصل ل1300 شخص، كلفت في مجملها 42 مليون دولار دون حساب فارق السعر. كما شككت مواقع إلكترونية قريبة من الديمقراطيين في الرقم، وقالت إن مقارنة بين عدد الوفد والتكلفة تعني أن الفرد الواحد يكلف أكثر من 66 ألف دولار في اليوم، وهو ما اعتبرته تقديرا مبالغا فيه، كما أشارت إلي أن فندق تاج محل، مكان إقامة أوباما، يضم 560 غرفة بما فيها 44 جناحا وليس 870 غرفة كما أوردت وسائل إعلام أمريكية. وربما بسبب الملف الاقتصادي المتعثر للرئيس أوباما يأتي التركيز علي تكاليف رحلته، في حين يعترف مسئولون في إدارات سابقة، بأن رحلات الرؤساء الأمريكيين في العادة مكلفة وليس أوباما استثناء. ووفق تقديرات مصادر القوات الجوية الأمريكية، فإن ساعة طيران بالطائرة الرئاسية تكلف مائة ألف دولار مما يعني أن رحلة 13 ساعة إلي مومباي ستكلف مليونا وثلاثمائة ألف دولار. هذا بالإضافة لتكاليف خدمة الاستخبارات والسيارات المصفحة المحمولة جوا وبقية المعدات ومنها أجهزة تصوير سينمائية من هوليوود للتغطية التليفزيونية، وأجرة الفنادق والمستلزمات الأخري المطلوبة للرؤساء. وقدرت بعض الأوساط الحكومية أن أقصي تكلفة لرحلة أوباما مع زوجته ميشيل قد تصل لنحو خمسين مليون دولار في اليوم، ومع ذلك فهي في نظر خصومه السياسيين عالية في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي مصاعب ورثها أوباما من رئيس جمهوري خاض حربين مازالت أمريكا تدفع فاتورتهما.