في الاتجاه ذاته سوف تتعمق الشراكة الأمريكية- العراقية القائمة الآن. ومن شأن برامج التبادل والتواصل بين البلدين أن تسهم كثيراً في تعزيز التنمية الديمقراطية والاقتصادية في العراق. كما تسهم هذه البرامج في المحافظة علي التراث الأركيولوجي والثقافي للعراق، فضلاً عن مساهمتها في تعزيز التفاهم بين شعبي البلدين. عند النظر إليه من علي بعد، ليس العراق ذلك البلد الذي يدعو إلي التفاؤل البتة. غير أن الذين مكثوا فيه لبعض الوقت، وشاهدوا مستوي التحسن الكبير الذي طرأ علي وضعه الأمني، يستطيعون إعادة النظر في ذلك التشاؤم الذي يوصف به العراق من علي بعد. فهل نحن علي كل هذا القدر من الإحباط من تلكؤ المشرعين العراقيين الذين تم انتخابهم منذ شهر مارس من العام الحالي في تشكيل حكومة وطنية جديدة؟ الإجابة هي بل بالطبع. ولكننا مسرورون في الوقت ذاته من قدرة الحكومة المؤقتة الحالية علي الإبقاء علي المكاتب والدوائر الحكومية مفتوحة وقادرة علي أداء مهامها ووظائفها. وكذلك يبدي كثيرون منا قلقاً علي تنامي معدلات العنف خلال الشهور الأخيرة الماضية. لكن ما يطمئن أن تؤكد الأغلبية العراقية -التي هي الهدف المباشر للهجمات الدموية الانتحارية- رفضها للقصاص والرد علي العنف بعنف مضاعف. وفي العام الماضي كان العراق قد أجري انتخابات برلمانية عامة، وصفها المراقبون الدوليون بأنها كانت حرة ونزيهة، بينما نفذت قوات الأمن العراقي عمليات متقدمة اتسمت بدرجة عالية من المهنية والكفاءة. وفي الوقت نفسه أبرم العراق عدداً من الصفقات والعقود ذات الصلة بتطوير حقول النفط والإنتاج فيها مع ائتلافات من كبريات شركات النفط العالمية. هذا وتلزمنا حزمة من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية وتلك المتصلة بسيادة القانون بتحديد أولويات وأسبقيات جهودنا، ونحن نسعي إلي تحقيق أهدافنا بعيدة المدي مسترشدين في ذلك ب"اتفاقية الإطار الاستراتيجي" من أجل بناء دولة ديمقراطية مستقرة مزدهرة وذات سيادة، من شأنها إحداث تغيير هائل في المشهد الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها، فضلاً عن إسهامها في تعزيز سلم المنطقة وأمنها الإقليميين. ولنحاول أن نتصور هنا ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع مستقبلاً. فبحلول عام 2025 يتوقع هدوء التوترات العرقية- الطائفية الناشئة عن الصراعات من أجل السلطة، بعد مضي سنوات من التفاوض الصبور بين مختلف الكتل والجماعات، وكذلك بفضل استدامة الجهد الدبلوماسي الأمريكي المبذول لإطفاء نيران هذه الصراعات. كما يرجح أن تلعب الجهود الهادفة إلي توطيد سيادة القانون باعتباره مبدأً موجهاً للحكم الرشيد في العراق، دوراً محورياً في عملية التحول هذه. وبحكم عملنا مع مختلف منظمات المجتمع المدني العراقية، فإننا نعمل علي تضمين ثقافة احترام حقوق الإنسان في جميع المؤسسات القانونية والقضائية وكذلك مؤسسات الأمن الوطني. وفي الوقت ذاته سوف تسهم عملية بناء المؤسسات والقدرات عبر سلسلة من البرامج التي تنفذها "الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية" في التنمية الوطنية العراقية. ومن الحكمة أيضاً أن اتخذنا قراراً بإنشاء مكاتب فرعية لسفارتنا في بغداد، بما في ذلك افتتاح قنصليات في كل من أربيل والبصرة. ومما لا شك فيه أن يسهم افتتاح مكاتب فرعية للسفارة في محافظتي نينوي وكركوك في دعم جهودنا الرامية إلي تفادي نشوب النزاعات وتشجيع التواؤم السياسي بين مختلف الجماعات والكيانات. وبحلول عام 2015 يتوقع أن ترتفع صادرات النفط العراقي للأسواق العالمية إلي ما يقارب ال4 ملايين برميل يومياً. ومن شأن الاستثمار الرشيد في مشاريع البنية التحتية والتعليم، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وإحراز تقدم نحو الانضمام إلي عضوية منظمة التجارة العالمية، أن تهيئ جميعها الظروف الملائمة لتطوير اقتصاد سوق متكامل ومتنوع المصادر، تكون ركائزه الأساسية هي الطاقة والزراعة وازدهار القطاع الخاص. ولعل من أهم مؤشرات حلول السلام المستدام في العراق، عودة مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين العراقيين، بفضل المساعدات والجهد الدبلوماسي الذي تبذله الولاياتالمتحدة في هذا المجال. وفي الوقت ذاته سوف يعمل العراق علي بناء علاقات مستقرة بناءة مع دول الجوار. فعلي سبيل المثال، سوف يسهم تحسن العلاقات بين العراق والكويت، في حل الفصل السابع -المتعلق بالكويت- من قرار مجلس الأمن الدولي بحلول العام المقبل، إلي جانب حل جميع المسائل ذات الصلة بالحدود البرية والمائية بحلول عام 2012. كما يتوقع انضمام العراق إلي مجلس دول التعاون الخليجي بصفة المراقب، في حين يستمر النقاش حول عضويته الكاملة في المجلس. وفي مجال الأمن الإقليمي، يتوقع للعراق أن يتخذ خطوات جدية نحو التصدي لعقود من انعدام الثقة والشكوك المتبادلة بينه وجيرانه. وفي رؤيتنا لعام 2025، أن العراق سوف يبدأ بتطبيق اتفاقيات متعددة الأطراف مع كل من سوريا والأردن وتركيا والكويت والمملكة العربية السعودية، تهدف إلي تحقيق قدر أكبر من الشفافية في الشؤون العسكرية. ولا نستبعد أن تنشأ في نهاية الأمر، منظمة للتعاون الأمني الإقليمي -شبيهة بمنظمة التعاون الأمني الأوروبي- للتصدي لمختلف القضايا والمسائل الأمنية. ولكننا في الوقت نفسه، نتوقع أن تزداد الجارة إيران عزلة إقليمية. وفي حين يستمر العراق في جني ثمار تعزيز التبادل التجاري الدولي والإقليمي معاً، يتوقع أن تتأثر إيران سلباً باستمرار عقود من العقوبات الدولية المفروضة عليها. وفي الاتجاه ذاته سوف تتعمق الشراكة الأمريكية- العراقية القائمة الآن. ومن شأن برامج التبادل والتواصل بين البلدين أن تسهم كثيراً في تعزيز التنمية الديمقراطية والاقتصادية في العراق. كما تسهم هذه البرامج في المحافظة علي التراث الأركيولوجي والثقافي للعراق، فضلاً عن مساهمتها في تعزيز التفاهم بين شعبي البلدين. ولما كان العراق يحتل موقعاً استراتيجياً يتوسط العالمين العربي والإسلامي، فإن من شأن استقراره وسيادة الأمن فيه، إضافة إلي نجاحه في بناء علاقات مستقرة بناءة مع جيرانه، أن تسهم جميعاً في مستوي الاستقرار الأمني الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وهذا ما تتواصل الجهود الدبلوماسية الأمريكية إلي تحقيقه من خلال التعاون التام مع الحكومة العراقية والشركاء الدوليين.