جاء الرد الباكستاني القوي علي هجمات الناتو داخل أراضيها ووقف خطوط إمداد الحلف إلي أفغانستان وإجبارها الولاياتالمتحدة علي الاعتذار ومطالبتها بوقف الضربات الصاروخية الأمريكية وبالتعويضات المالية، كل ذلك رأي فيه مراقبون أن إسلام آباد بدأت تعيد صياغة سياستها في الحرب علي ما يسمي الإرهاب. فقد تحولت باكستان في الأيام الأخيرة إلي محرقة لخطوط إمداد الناتو بعد قرار وقفها من السلطات الباكستانية، واتسعت رقعة مهاجمة هذه الخطوط لتشمل جميع الأقاليم حيث تمكن مقاتلو طالبان من حرق أكثر من 150 عربة وصهريجا، وذلك عقب مقتل ثلاثة جنود باكستانيين بنيران طائرة تابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان نهاية شهر سبتمبر الماضي، مما وضع علاقة الناتو بباكستان علي صفيح ساخن. وذهب قائد الجيش الباكستاني الجنرال إشفاق كياني إلي تحذير الناتو من أن باكستان لن تسمح بالمطاردة الساخنة داخل أراضيها. صاحب ذلك وعيد من رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بأن بلاده سيكون لها خياراتها في الرد إذا تكررت الهجمات، الأمر الذي دفع رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأدميرال مايك مولن إلي تقديم اعتذاره عما حدث، ملتزما بعدم تكراره. ويري رئيس تحرير صحيفة الشرق طارق وارث أن وقف باكستان لخطوط إمداد الناتو هو ما أجبر الولاياتالمتحدة علي الاعتذار، مضيفا في حديث مع الجزيرة نت أن حرب أفغانستان ليس لها أن تستمر إذا ما تعطلت خطوط الإمداد القادمة من الأراضي الباكستانية. وأثني وارث علي الموقف الباكستاني الذي رأي أنه استغل بنجاح لأول مرة ورقة الإمدادات لصالح تعديل ميزان القوة مع الناتو والولاياتالمتحدة. ويشير وارث في هذا الصدد إلي مطالبة الخارجية الباكستانية الحازمة بوقف الضربات الصاروخية الأمريكية بوصفها خرقا لسيادة البلاد وذات آثار سلبية علي علاقات البلدين، مما يشير إلي ميول إسلام آباد نحو تغيير سياستها في الحرب علي "الإرهاب" التي جرت الويلات علي أمن البلاد واستقرارها. وكان لافتا أن تتناقل الصحف الباكستانية أخبار مطالبة باكستان لأول مرة الناتو بتعويضات مالية عن استخدام شبكة طرق البلاد خلال مدة تزيد عن سبع سنوات بمبلغ قدره 600 مليون دولار، فضلا عن حماية أمن الخطوط، التي يبدو أن الشركات الخاصة المعنية بحمايتها فقدت تماما السيطرة علي الوضع. كل ذلك يشكل ورقة ضغط جديدة علي الناتو. ويري المحلل السياسي سيد سليم شهزاد أن الجيش الباكستاني وضع حدا هذه المرة لمبدأ المطاردة الساخنة التي كان يظن الناتو أن من حقه ممارستها داخل الأراضي الباكستانية. ويشير إلي أن إسلام آباد تضغط حاليا للحصول علي تقنية الطائرات من دون طيار عبر تشديد معارضتها للضربات الصاروخية الأمريكية العابرة للحدود.