تصورنا أن أجواء التوتر التي كانت مخيمة علي العلاقة بين المخرج أحمد صالح والنجم أحمد السقا، والتي احتدمت في أعقاب الهجوم الذي شنه "السقا" علي فيلم "الديلر"، والذي وصل إلي حد تبرئه منه، بالإضافة إلي التقليل من قدر"صالح"، وإظهاره في صورة "ناكر الجميل"، قد هدأت حدتها، وأن بمقدورنا أن نستمع إلي وجهة نظر موضوعية من جانب المخرج أحمد صالح، ولهذا السبب توجهنا إليه، واستمعنا له، وهو يوجه بعض الرسائل التي نتمني أن تصل لاصحابها، وتؤتي ثمارها. ' عاني فيلم "الديلر" من ضعف كبير في السيناريو. فما السبب في رأيك؟ هذه وجهة نظر لا أسأل عنها؛ وإذا كان الاتهام يلقي بالمسئولية تقع علي كاهل كاتب الفيلم د. مدحت العدل فلست مخولاً بالدفاع عنه، لأنه كاتب له تاريخ كبير ومشهود به، وكتب سيناريو "الديلر" شكل رائع لكن يبدو أن الناس "عايزة السيناريو السهل" بينما ينتمي سيناريو "الديلر" إلي نوعية خاصة من الأفلام التي تحتمل أكثر من قراءة، كونه يعتمد علي مفارقات كثيرة، ولهذا السبب فهو يحتاج إلي مشاهدته أكثر من مرة. وربما عاب البعض علي الفيلم كثرة مفارقاته لكن هكذا هي الدنيا تزخر بمفارقات تفوق الخيال. وأستطيع القول من دون غرور أو مبالغة أن فيلم "الديلر"، علي الرغم من صعوبته واحتياجه إلي المشاهد الذي يفكر وهو يتابع أحداثه، سيصبح واحداً من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية . ' ماذا تقول إذن عن الثغرات الكثيرة التي ذكر النقاد من بينها تشابه بعض المواقف والشخصيات وفيلم "الامبراطور" ؟ فيلم "الديلر" ليس له أي علاقة بفيلم "الامبراطور" أو غيره من الأفلام، وظهور "مي سليم" في دور الفتاة التي أدمنت المخدرات لا يعني تشابهاً من أي نوع؛ فهناك ما يزيد عن خمسين فيلمًا ظهرت فيه حبيبة البطل تاجر المخدرات وهي مدمنة للهيروين، كما ينتظر تصوير ما يزيد عن خمسين فيلمًا جديدًا عن الظاهرة نفسها، وهو ما ينفي عن "الديلر" اقترابه من أفلام سابقة، خصوصاً أننا لم نقدم فيلماً عن المخدرات بل ناقشنا قضايا كثيرة مثل جيل الشباب الذي لفظته مصر، ويسيطر عليه حلم السفر إلي الخارج، كما أشرنا إلي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بعيداً عن "كليشيه" القوارب البحرية، وهي القضية التي لخصها د.مدحت العدل في الحوار الذي سأل فيه "فرحات" نضال الشافعي "يوسف الشيخ" أحمد السقا : "ايه اللي جابك تركيا؟" فأجابه "السقا" :"لقيت ماليش لازمة هناك". ' والصعود غير المبرر لخالد النبوي في أوكرانيا حتي صار زعيماً سياسياً مرموقاً ؟ هذا الصعود بررناه في الفيلم عندما أشرنا إلي زواجه من ابنة مسئول سياسي أوكراني فاسد، وتاجر سلاح كبير . ومن المعروف أن "الفلوس" تلعب دوراً كبيراً في السيطرة علي مقاليد الأمور في أوروبا الشرقية فضلاً عن الحق الذي تمنحه بعض الدول الأوروبية للمهاجرين إليها، والذين اكتسبوا جنسيتها فيما بعد، وهو ما ينطبق علي "الحلواني" خالد النبوي الذي أصبح من حقه الترشح في الانتخابات المحلية؛ فهو لم يرشح نفسه رئيساً للجمهورية الأوكرانية لكي نندهش وننظر إلي ما حدث بأنه غير واقعي أو غير قابل للتصديق . ' وما قيل عن اقتراب العلاقة بين "يوسف" ووالده "الشيخ" من سيرة سيدنا يوسف عليه السلام ووالده "يعقوب"؟ ده كلام فاضي.. والفيلم يخلو من أي تشبيه من هذا النوع . ' من صاحب ترشيح المطربة مي سليم للمشاركة في بطولة الفيلم ؟ "مي" بذلت مجهوداً كبيراً، ونفذت ما قلته بالضبط، فأنا من نوعية المخرجين الذين يوجهون الممثل ولا يؤمن بأن "التمثيل مسئولية كل ممثل"، وهي بدورها كانت مطيعة للغاية، وتلقت بعد عرض الفيلم الكثير من كلمات الاشادة من بعض النقاد . ' وما رأيك في مقولة أن "السقا" تميمة حظ لمن يشاركه بطولة أفلامه بدليل تألق مصطفي شعبان في "مافيا" وخالد صالح في "تيتو" و"حرب أطاليا".. وأخيراً خالد النبوي في "الديلر"؟ هذا حقيقي بدرجة كبيرة، وهذا يرجع إلي أن "السقا" نجم كبير، ويتمتع بذكاء كبير يتيح له الاختيار الجيد لطاقم التمثيل الذي يتعاون معه، ومن ثم يتحقق التألق، هو ما حدث مع مصطفي شعبان وخالد صالح وعمرو واكد في "ابراهيم الأبيض" واليوم خالد النبوي الذي كان في أفضل حالاته في فيلم "الديلر" . وهناك نقطة مهمة تفسر هذه الظاهرة تتمثل في أن "السقا" يلعب دور "الخير" بينما يجسد الآخرون الشخصيات الشريرة مما يسلط الأنظار عليهم، ولن أقول إنها نقطة ضعف "السقا" لكنه الذكاء الذي يجعله شديد الحرص علي تقديم أدوار الخير التي تقترب به من الناس. ' أراك تتحدث عن "السقا" بشكل طيب وهو الذي تبرأ من "الديلر" بعد ساعات قليلة من عرضه التجاري؟ لقد قرأت وسمعت مثل هذا الكلام من قبل لكنني لا أصدق حتي الآن أن "السقا" قاله؛ فمن المعروف أن "السقا" يحب أعماله وأدواره، ولا يمكن أن يتبرأ منها، بدليل أن "إبراهيم الأبيض" هوجم كثيراً ومع هذا لم يعلن "السقا" تبرؤه منه، كما تبرأ من فيلمه الأخير ومني، وهو الذي رشحني لاخراج فيلمي الأول "حرب أطاليا" ؟! ' ولماذا لم تبادر بسؤاله عن حقيقة ما قيل علي لسانه؟ كنت علي سفر .. ولما عدت وجدث أن "الديلر" حقق إيرادات عالية، وهو ما يدعوني للتوجه بالشكر إلي "السقا" و"النبوي" و"مي سليم" علي كل المجهود الذي قدموه للفيلم حتي ظهر بهذه الصورة . ' ومشاهده التي حذفتها في "المونتاج"؟ "السقا" أول من يعرف أن للمخرج الحق في ضبط إيقاع الفيلم، والحفاظ علي تماسك الأحداث، وفي سبيل هذا يلجأ مُرغماً إلي حذف بعض المشاهد، والشخصيات إذا لزم الأمر.والدليل علي عدم وجود نية مسبقة للتشويه أنني أبقيت علي مشاهد "الأكشن"، التي تقترب من الخمس والأربعين دقيقة، لأنها تخدم دراما الفيلم، وليست مفتعلة أو زائدة، ولكونها نتاج رؤيتي وكاتب السيناريو أيضاً، وليست "خناقات" و"مطاردات" أو مجرد "ضرب هستيري" . ' في الوقت الذي احتج فيه "السقا" علي حذف مشاهده بدت بعض الشخصيات "محشورة" مثل طلعت زين وسامي العدل ؟ سامي العدل وطلعت زين فنانان كبيران، وعندما يوافقان علي المشاركة، حتي ولو في أدوار صغيرة المساحة علي الشاشة فهذا فيه فخر للفيلم، ولفريق العمل بأكمله، خصوصاً أن دوريهما في الفيلم كانا مؤثرين درامياً بدرجة كبيرة، ووجودهما يحسب لهما، وانتهز الفرصة لأتوجه إليهما بالشكر أيضاً لوقوفهما معي ومؤازرتي في تجربة "الديلر" الصعبة . ' هل ندمت علي قرارك بعدم تصوير المشاهد المتبقية في السيناريو مما دعا المنتج محمد حسن رمزي إلي اختيار مساعدك لإخراجها ؟ لقد ندمت بالفعل لكن مساعدي سيف الصمدي لم يصور سوي عشرة مشاهد علي أكثر تقدير؛ من بينها مشهد عودة "السقا" بالأطفال إلي مصر، ومشاهد لخالد النبوي في أوكرانيا ومشاهد أخري لمي سليم . ' وإلي أين وصل الصدام بينك وبين المنتج محمد حسن رمزي ؟ لقد كان سوء تفاهم وانتهي تماماً، بعد تدخل المخرج الزميل خالد يوسف، ونجح بالمصادفة البحتة في تصفية الأجواء، عقب أن رتب لقاء بيني والمنتج محمد حسن رمزي حضره "خالد" ..و"الموضوع خلص في ساعة" عدت بعدها لاستكمال مراحل الفيلم. ' هل أثرت عليك الأزمة الأخيرة سلباَ وانصرف عنك المنتجون كما قيل؟ غير صحيح علي الإطلاق، بدليل أنني انتهيت مؤخراً من إخراج حلقات "لحظات حرجة"، الذي يعرض في الوقت الحالي علي قناة "الحكايات" بشبكة راديو وتليفزيون العرب a.r.t، كما قاربت علي الانتهاء من المراحل الأخيرة لحلقات الست كوم "حرمت يا بابا"، التي تُقدم في موسمها الثاني. حوار : سامية عبد القادر