يشتكي معظم الأحزاب السياسية المعارضة في السودان من ضآلة الفرص الإعلامية المتاحة للمرشحين في المؤسسات المملوكة للحكومة. ويري أغلب هذه الأحزاب أن تلك الوسائل مسخرة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم وحده، وهو ما دعا بعضها للشكوي من مفوضية الانتخابات وبعضها لمقاطعة عدد محدود من الساعات التليفزيونية خصص للمرشحين. وتري مساعدة الأمين العام لحزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي ان حزبها هو صاحب فكرة إنشاء مجلس إعلامي تابع للمفوضية القومية للانتخابات "ولكن فكرتنا تم تفريغها من محتواها". وتضيف أن المركز الصحفي للانتخابات التابع للمفوضية يشرف علي ساعتين فقط من البث اليومي في مؤسستي الإذاعة والتليفزيون الرسميين في حين أن محطة النيل الأزرق التي تمتلك الدولة نصفها لا تشارك في تخصيص أي وقت. وقالت مريم إن الآلية الراهنة مجرد ديكور وهي تعني "المشاركة بدون مشاركة" وأوضحت أن المركز الإعلامي لا يتدخل لحل المشاكل والرد علي الشكاوي، مؤكدة أن حزبها يتمسك رغم ذلك بالاستفادة من هذه السانحة حتي يتواصل مع جمهوره. وأبدت مريم انزعاجها الشديد مما سمته الرقابة التي تمارس علي هذه الحصص. من جانبه قال الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية ين ماثيو إن حزبه تفاجأ منذ البداية بأن أجهزة الإعلام القومية هيمن عليها الحزب الوطني الحاكم، واقتنع بأنها لن تفي بمتطلبات العدل وتكافؤ الفرص بين الأحزاب، ولذلك قرر مقاطعة تلك الأجهزة، دون أن يعني ذلك مقاطعته للانتخابات. ولكن مسئول الإعلام الخارجي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم ربيع عبد العاطي يري أن هناك آلية إعلامية تعمل بعدالة بين الأحزاب، وقال إن حزبه لا يعتمد علي تلك الفقرات ولكن له وسائل أخري عبر وسائل الإعلام الخاصة والخارجية. وأكد أن الناس في الأحزاب "يخلطون بين الزمن المتاح للمؤتمر الوطني وبين تلك المساحات التي يستغلها بمبالغ مدفوعة". غير أن القيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي عثمان عمر الشريف حمل بشدة علي مفوضية الانتخابات وقال إنها "فشلت في تحويل أجهزة الإعلام إلي أجهزة قومية، وفي إعطاء فرص متساوية من ساعات البث للأحزاب السياسية. واضاف أن المفوضية أعطت الأحزاب ساعتين في حين أعطت 22 ساعة لحزب المؤتمر الحاكم، وحكم عليها بأنها "غير محايدة وغير شفافة" ودعا إلي محاكمتها أدبيا، وقال إنه يحملها وزر كل ما يترتب علي بعدها عن الحياد. أما المستشار الإعلامي للمفوضية أبو بكر وزيري فرد علي ما سماه دعاوي الأحزاب بأنها ليست وجيهة، لأن القانون واضح يكفل لجميع المرشحين استخدام جميع وسائل الإعلام بجميع أشكالها والاستفادة منها لأغراض الحملة، وأكد أن المركز يسهر علي تنفيذ القانون. ومع أن وزيري يعترف بأن الولاة والوزراء وغيرهم من المسئولين الحكوميين يستغلون وسائل الإعلام الرسمية أثناء نشاطاتهم للدعاية للحزب الحاكم، فإنه لا يري في ذلك خرقا من المفوضية لقانون الانتخابات القومية، وإن كانت الأحزاب تري فيه ظلما. واوضح انهم سيقومون بتقويم لأداء أجهزة الإعلام أثناء الحملة، مستندين في ذلك إلي الدليل الإعلامي الذي وزعوه علي الصحافة وكان موضع اتفاق من الجميع. وفي إشارة إلي توجيه من رئاسة الجمهورية في السودان بزيادة الأوقات المقدمة للأحزاب، قال وزيري إن هناك شعورا لدي الحزب الحاكم نفسه بضرورة تغطية أنشطة الأحزاب الأخري، وقال إن ذلك هو معني التوجيه الرئاسي. لكن وزيري اتهم الأحزاب من جهة أخري، بأنها تريد أن تمول لها مساحة في الصحافة مثل تلك التي تتوافر لأحزاب قال إنها "غنية" وأسند كلامه بأن بعض الأحزاب لا تستوفي الوقت الموفر لها أصلا.