مدير الأكاديمية العسكرية المصرية: أطالب الجيل الجديد من القادة الضباط بمواكبة التطور العالمي وبذل الجهد للحفاظ على السلام    وزارة العمل تتنظم ندوات للتوعية بالإسعافات الأولية والسلامة المهنية في 4 محافظات ضمن فعاليات مبادرة بداية جديدة    3 وزراء يفتتحون مركزًا لاستقبال الأطفال بمقر "العدل"    مصر تعيش بروح أكتوبر    اقتحمناه في 4 ساعات.. اللواء محمد فكري: معركة "جبل المر" أصابت العدو بالذعر    «الإسلامية لتمويل التجارة» تدعم مصر ب1.3 مليار دولار خلال 6 أشهر    وزير النقل: القطار الكهربائي السريع يخدم رجال الأعمال والاستثمار    تعرف على تفاصيل بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة في العاشر من رمضان    صندوق النقد الدولي يؤكد إجراء المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة    حزب الله: استهدفنا قاعدة سخنين للصناعات العسكرية في خليج عكا برشقة صاروخية    "القاهرة الإخبارية": الحكومة البريطانية تطالب رعاياها بالخروج الفورى من لبنان    فوز تاريخي.. الأهلي يهزم برشلونة ويتوج ببرونزية مونديال الأندية لكرة اليد    «المركب هتغرق بيكم».. تعليق ساخر من شوبير على مفاوضات الإسماعيلي مع فوتا    بشرى سارة للأهلي.. فيفا يصدر قرارات جديدة بشأن الأندية المشاركة في كأس العالم للأندية    موتا: الشجاعة منحتنا الفوز على لايبزج    الزمالك يضم لاعبة الأهلي قبل مباراة القمة ب24 ساعة    انتداب المعمل الجنائي للتعرف على سبب حريق شقة بأوسيم    حالة الطقس غدًا الجمعة 4-10-2024 بمحافظة البحيرة    غلق أكاديمية تمريض غير مرخصة في بني سويف    أغنية فيلم «عنب» لإسلام إبراهيم تتصدر تريندات مواقع التواصل الاجتماعي    متحف القصر الإمبراطوري يحتضن معرضا خاصا بالثقافة الكونفوشيوسية    «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية    برغم القانون الحلقة 15.. أكرم يقرر إعادة الأبناء إلى ليلى بشرط    بالفيديو.. عمرو الورداني: الشخص المتطرف يعبد الله بالكراهية    بالتعاون مع "حياة كريمة".. جامعة سوهاج تطلق قافلتها التنموية الشاملة فى قرية القصاص بمركز المراغة    أحدث تقنيات التشخيص والعلاج بجراحات الأوعية الدموية بمؤتمر دولي في جامعة المنصورة (صور )    أضف إلى معلوماتك الدينية| فضل صلاة الضحى    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد احتفال المستشفى الأمريكي بطنطا بمرور 125 عامًا على تأسيسها    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    مصرف «أبو ظبي الإسلامي- مصر ADIB-Egypt» يفتتح الفرع ال71 بمدينتي    سفير السويد: نسعى لإقامة شراكات دائمة وموسعة مع مصر في مجال الرعاية الصحية    عروض إنشادية وفنية.. المنطقة الأزهرية بالقليوبية تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    إصابة شاب بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    مهرجان الإسكندرية السينمائي يحتفي بتاريخ الفنان لطفي لبيب    «ينفذ يناير القادم».. «الرعاية الصحية» توقع برنامج توأمة مع مستشفيات فوش الفرنسية    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    وزارة الطوارئ الروسية تعيد من بيروت 60 مواطنا روسيا    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    كيف تحجز تذاكر حفل ريهام عبدالحكيم بمهرجان الموسيقى العربية؟    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    بسبب الاعتراض على مهاجمة إسرائيل.. إيران تستدعي السفيرين الألماني والنمساوي    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشرقون "والمستغربون" و"جزئية" المعرفة!
نشر في نهضة مصر يوم 28 - 02 - 2010


"إنك لا تستطيع أن تناقش موضوع المحيطات
مع ضفدع تعيش في بئر، فهي محصورة بعالمها المحدود! ولا تستطيع التكلم عن الثلج لحشرة صيفية، فهي محكومة بفصلها الوحيد! ولا تستطيع أن تتكلم عن "طريق المعرفة" لباحث متحيز، ففكره مقيد بجزئية الاختصاص والمعرفة!" _ من نصوص الطريقة التاوية.
تطرح فكرة "الاختصاص المعرفي" تساؤلات محورية في المدي الذي يمكن لباحث أن يسبر أعماق الحقيقة وأن يخرج بنتائج موضوعية ودقيقة في بحث ما، كما تطرح إشكاليات عندما تتعلق بالأخذ والتلقي من علوم أخري. وبدهيا لا يجادل اثنان علي المنحي "الاختصاصي" الذي سلكه العالم المعاصر بما يقتضيه التبحر في علم معين من سنوات وربما "حياة" أكثرمن باحث لسبر أعماق حقيقة ما وتثبيت أو دحض نظرية ما، ولكن بالمقابل تطرح تساؤلات مشروعة في مدي وأهمية وامكانية "تضافر" علوم متشابكة في البرهان علي مدي صدقية بحث معين وإعطائه عمقا دقيقا في البرهان والقرب من الحقيقة."جزئية المعرفة" هي إشكالية متجذرة في البحث العلمي والأكاديمي وتخيم بظلالها علي مختلف الأصول والفروع للمباحث العلمية والأكاديمية والأدبية والفنية. وهي ظاهرة يمكن وصفها بالحديثة نظرا لتشعب العلوم وتطورها وتفرعها لتخصصات دقيقة بشكل متسارع وغير مسبوق. وهي إشكالية لازمت الباحثين والمستكشفين والمخترعين والعباقرة منذ الأمس القريب. وثمة تساؤل يبرز في هذا الإطار وهو: هل توجد وسيلة علمية أو منطقية للتغلب علي "جزئية المعرفة" أم أنها إحدي آفات العلم الحديث التي لا بد منها؟ الإجابة هي نعم ولا في نفس الوقت. فالتخصص الدقيق في فروع العلوم والمعارف يلغي إمكانية تجاوزها بغير تعلمها واتقانها والتبحر فيها، وفي نفس الوقت فهناك ضرب من "أصول" الفكر والعلم الذي يعتمد العقل الذي هو مناط البحث والتحليل والتفكير وهو ("الفلسفة" المقرونة بالثقافة الواسعة). فالمثقف تعريفا ليس هو من يعرف كل شيء لكنه "الشخص الذي يعرف شيئا من كل شيء"! كما أن هناك وسيلة أخري للتغلب علي جزئية المعرفة في العلم الواحد بإدراك "أصول العلم" بما يمكّن الباحث من "الاستنباط" والقياس والتحليل المنطقي. فالمعماري المهتم والمتخصص تخصصا دقيقا في التصميم الحضري مثلا، لا يمنعه ذلك من الإلمام بتاريخ العمارة ونظرياتها أو تاريخ الفن عموما إلماما يقترب من دوائر التخصص والتبحر لانتماء الفروع لذات الأصل، وهذا كله مقرون بتملك ذهنية برهانية تحليلية تعتمد العقل والمنطق في القراءة والتحليل. وذات الأمر ينطبق علي متخصص في علوم الطب والتشريح وعلوم الأدوية _ فلا يمنع الطبيب "العام" مانع من الإلمام بفروع من الطب تقع خارج دائرة تخصصه العامّ أو الدقيق وهكذا. فالانتقال من دوائر الفروع ضمن ذات العلم أو التخصص العام ممكنة ومتاحة وأقرب للتحقيق منها من الانتقال من دوائر خاصة جدا من علم لآخر. وبالرغم من كلامنا هذا إلا أن المتأمل يلاحظ أن العقل الإنساني غير محدود بقدراته وإدراكاته وما يمكن للإنسان أن يتقنه في حياة واحدة. فالمرء يمكنه اتقان أكثر من لغة، ويتبحر في علوم ونحويات وبلاغة لغته الواحدة الخاصة، ويتقن في ذات الوقت أصول الحساب والجبر والرياضة العقلية، وبالتدريب والمران والممارسة يمكنه إتقان علوم مختلفة _ وأمثلة وشواهد الماضي العربي والمسلم تثبت ما ذهبنا إليه، لنجد علماء مسلمين مثل ابن سينا والرازي وغيرهم وقد برعوا في أكثر من علم. ومن قبلهم برع أرسطو وأفلاطون في علوم متعددة متباينة. لكن الملاحظ لسيرة هؤلاء العلماء جميعا أن "الفلسفة" كذهنية منطقية ومنهجية عقلية تحليلية كانت رابطا وقاسما مشتركا بينهم _ وبين علومهم المختلفة التي أتقنوها.
والفلسفة ككلمة يونانية المنشأ والأصل _ تعني "حب الحكمة والمعرفة" _ هي مناط النشاط العقلي والذهني الذي يفتح القنوات للعقل كي يمارس دوره الذي وهبه الله تعالي له. وهي منهجية مارسها العقلاء في التاريخ البشري للتعامل مع الظواهر المحيطة وتفسيرها بالعقل ورد الأسباب إلي مسبباتها. فهي مفتاح كل العلوم والدواء "العقلي" للتعامل مع آفات التناقضات المحسوسة والمشاهدة وسبر أغوار بواطن الظواهر. والتساؤل هنا: هل يمكن للفلسفة وحدها أن تصل لكل الحقائق وأن تفسر كل المشاهدات والمحسوسات اعتمادا علي التحليل العقلي والبرهان المنطقي وحده؟ نحن نزعم أن الفلسفة "العقلية" بدرجاتها العليا يمكن بما زرعه الله تعالي في "طبيعة العقل" أن تتوصل لتفسيرات سليمة ومنطقية _ هذا من ناحية نظرية فقط، لكن درجات نجاحها تتفاوت بتفاوت القدرة العقلية وبما يمكن للعقل المحدود وبنسبة الخطأ البشري أن يضل به. ومن هنا فهذا التعميم أيضا هو محدود "بجزئية" هي جزئية "الإدراك" والقدرة الذهنية التي تقوي وتضعف بالممارسة والمران وتتحدد بتوافر عوامل معينة سنعرض لبعضها تاليا.
ولكن وأمام هذه القدرات الذهنية "المتاحة" للعقل البشري الذي يمكنه التوصل إلي بواطن الأمور إن سلك "منهجية الفلسفة" يظل محدودا أمام قدرة صاحبها علي إتقان علوم أساسية لا بد منها لإتمام عمليات الاستنباط والقياس والتحليل. ومن هذه العلوم الأساسية مثلا هي علوم اللغة، والتي تكاد تدخل في كل الأصول والفروع للعلوم البشرية برمتها. فبدون إتقان اللغة إتقانا لدرجات تصل لمراتب عليا في بعض العلوم _ كعلوم الشريعة مثلا
_ لن يتحرك المفكر من مكانه خطوة "عقلية"
واحدة مطلقا. وفضلا عن إتقان علوم أساسية فتوفر صفات وظروف معينة هي من أبجديات سلوك منهج "التفكير العقلي المنطقي". فلقمان الحكيم عليه السلام قال لابنه موصيا:" يا بني إذا شبعت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة"، وقال حكيم:"جسوم أهل العلم غير سمان"! فالعلاقة الجدلية بين العقل والمعدة وتوافر الشروط والظروف المناسبة للعقل كي يعمل عمله الطبيعي هي محورية وأساسية.
وفي مقابل هذه المجموعات من الأفكار والتقديم في دور الفلسفة مقابل تخصصات العلوم وتفرعاتها، يبرز تساؤلنا الرئيس في هذه المساحة حول المستشرقين وإنتاجاتهم المعرفية لحضارات غير حضارتهم، ودور باحثينا العرب المسلمين "المستغربين" في إنتاج معارفهم في معاهد الغرب وعلي أيدي أساتذتهم "المستشرقين" وجزئية المعرفة "المزدوجة سلبا" في حالة الاثنين _ المستشرقين تارة، و"المستغربين" المتتلمذين علي يدي "مستشرقين" في الغرب تارة أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.