لا يستطيع أحد ان ينكر عبارات الرئيس مبارك المتكررة لإدانة العمل الاجرامي ومقتل ستة من الأقباط واصابة آخرين في نجع حمادي، وقد سبقت هذه الحادثة اعتداءات علي بعض الأقباط في فرشوط، ويتضح لنا من تصريحات الرئيس مبارك المتكررة والمستنكرة اهتمام غير مسبوق لو قارنا ذلك باعتداءات سابقة، واسجل بعضا مما قاله الرئيس (إن العمل الاجرامي في نجع حمادي أدمي قلوب المصريين اقباطا ومسلمين، وأن عقلاء هذا الشعب من دعاته ومفكريه ومثقفيه واعلامييه يتحملون مسئولية كبري في محاصرة الفتنة والجهل والتعصب الأعمي، والتصدي لنوازع طائفية مقيتة.. تهدد وحدة مجتمعنا وتسئ لسمعة مصر) "أهرام 22 يناير ص1" وجاء في حديث آخر لمبارك بشأن الأزهر والكنيسة وتحميلهما مسئولية كبري تجاه الخطاب الديني وحتمية تصحيحه، وفي الحقيقة أن هذا التوجيه جاء متأخرًا عن موعده بعقود من الزمن فهذه الرسالة كان يجب أن تتحقق في بداية حدوث المشكلات والاعتداءات الطائفية التي نالت الأقباط وهذا الافصاح الطيب والتوجه المتأخر هو شئ جيد بلا شك، وهنا يأتينا السؤال الأكثر أهمية، هل قصرت الكنيسة في خطابها الديني نحو المجتمع المصري؟ إن الخطاب الديني المسيحي مبني علي تصرفات المسيحيين تجاه اخوتهم المسلمين في المجتمع وهي والحمد لله بخير افليس هناك من أحرق لا قدر الله مسجدا وليس هناك قبطي قتل شقيقه المسلم خلال الأحداث الطائفية ضد الأقباط والتي راح ضحيتها عشرات الأقباط عبر عقود مضت. كل ذلك والخطاب القبطي الذي يصدر من رجال الدين الأقباط لا يحمل اية اساءة لعقيدة أحد، وأدل شئ علي ذلك هذه القنوات المسيحية التي نراها في بيوتنا فهي لا تناقش عقائد الآخرين ولا تتحدث عنهم بسوء، علي النقيض تماما ما تبثه الفضائيات عبر بعض القنوات من سموم ضد العقيدة المسيحية يشوه فكر بعض الأفراد في المجتمع ويعتبر هذا جزءًا من الخطاب الديني الذي نتمني تصحيحه رغم الاعتراف بصعوبة ذلك؟! نأتي بذلك إلي وضع الخطاب الديني المسيحي، وان كان هناك ما يجب استكماله في الخطاب الديني المسيحي فنري أن ذلك يمكن اتمامه بالتعاون بين الكنيسة والأزهر لنري ما هو المطلوب من الكنيسة عن قناعة، فلكل منهما قيمة عظيمة فلو اجتمعا سويًا من خلال الاتفاق علي ثوابت وأسس مدروسة للنهوض بقضية ذلك السلام الاجتماعي والإخاء القائم علي المحبة المتبادلة بعيدًا عن تكرار القبلات وما يشبهها، وأن تفعيل الخطاب الديني السليم والناضج يكون حصادا لعدة لقاءات بين الأزهر والكنيسة، ويا حبذا لو انضم إليهما الاعلام من خلال مسئولين اعلاميين ممن يصنعون سياسات الاعلام في مصر، وعن الاعلام ايضا سألني صديق مسلم عن زكريا بطرس فكانت اجابتي أن زكريا هذا "مشلوح" من الكنيسة الأرثوذكسية المصرية وأضفت للصديق بأن الخطاب الديني الاسلامي توجهه لن يتغير قبل زكريا بطرس أو بعده فلماذا الربط بين هذا الرجل والخطاب الديني الاسلامي؟ نحن ما يهمنا الداخل وما يصدر فيه من الكنيسة ورجالها لأن خلط الأوراق والمقارنات بين أقباط مصر وأي مسيحي في الخارج يحتاج إلي تقنين ووقفة لأن مصر باقباطها ومسلميها تنفرد عن أي دولة في العالم كانت ثنائية الديانة أو علمانية فمصر ذاب في بوتقة مصريتها كل من جاء إليها والأقباط هم بالأصل مصريون وكل من جاء إليها صار مصريا ونجد هناك من عارض كلمات الرئيس مبارك وعلي سبيل المثال لا الحصر ما صرح به عضو مكتب الارشاد للإخوان المسلمين د. عصام العريان من تصريحات شديدة اللهجة ضد بعض القساوسة ووصفهم بالمحرضين ضد المواطن المسلم الأمر الذي جعل الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان وعضو أمانة السياسات بالوطني يوصف تصريحات "العريان" بالمتطرفة مشيرًا إلي انه ظهر علي حقيقته التي كان دائمًا يخفيها عن الآخرين من تسامحه والرغبة في تفاهمه مع الطوائف الأخري بينما ظهر العريان - علي حسب جهاد - بالمتطرف الذي يصطاد في الماء العكر ألم يكن ما رد عليه د. جهاد هو جزء من الخطاب الديني؟ واخيرًا اقول ان ما قاله الرئيس مبارك هو دعوة الغرض منها تصحيح وإحياء الدور الرائد للأزهر والكنيسة في توجه من شأنه تصحيح ما حدث عبر سنون مضت لتهيئة الجو لتستتب البلاد في مناخ يلفه الأمان ويحميه الاخاء والمساواة وعدم التمييز فهل تستجيب مؤسساتنا الروحية لإبرام عقد جديد من التفاهم والعمل المشترك من خلال خطة واحدة فهل هذا ممكن؟.. واعتقد انه ليس من بديل!