لكن سوريا طلبت تأجيل التوقيع لاجل غير مسمي من اجل "مراجعة" النص والدفاع عن مصالحها بشكل امثل. وتعمل سوريا في الوقت نفسه علي توطيد علاقاتها مع القوي الكبري في المنطقة. وكانت سوريا التي تتلقي دعماً كبيراً منذ وقت طويل من حليفتها الكبيرة ايران، استقبلت في الثامن من أكتوبر الماضي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز التي كانت تربطه علاقة سيئة جداً بسوريا. وسمحت هذه الزيارة النادرة بالاعلان عن ضرورة تشكيل حكومة وطنية في لبنان التي كانت تعد إحدي نقاط الشقاق بين البلدين. كما وثقت دمشق علاقاتها مع أنقرة بشكل اكبر ووقعت معها منتصف سبتمبر الماضي اتفاقية حول تأسيس "المجلس الأعلي للتعاون الاستراتيجي" بهدف تحقيق تكامل اقتصادي كما فتحت الحدود بين البلدين بعد إلغاء سمات الدخول. واجرت سوريا وتركيا اللتان كانت علاقاتهما متوترة في الثمانينات والتسعينيات اولي مناوراتهما العسكرية المشتركة في ابريل الماضي. كما رعت تركيا في 2008 المفاوضات غير المباشرة لعملية السلام بين سوريا واسرائيل والتي دخلت الآن في طريق مسدود. ويقول المحلل رياض قهوجي المقيم في دبي "اذا ضمنت سوريا علاقات استراتيجية متينة مع تركيا" التي تسعي لان تصبح قوة اقتصادية دولية فان ذلك قد "يقلص من اهتمام السوريين باوروبا". واشار قهوجي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الادني والخليج للتحليل العسكري الي ان "سوريا ليست مضطرة لان تقدم تنازلات سياسية مع تركيا" كما هو الحال مع الاتحاد الاوروبي الذي يأخذ علي دمشق وضع حقوق الانسان في هذا البلد. ويري المراقبون ان سوريا الخارجة للتو من عزلتها الدولية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، اضحت محاوراً لا يمكن اغفاله وهذا ما نراه عبر الزيارات المتعددة التي يقوم بها المسئولون الاوروبيون والأمريكيون والعرب الي دمشق. كما ضاعفت فرنسا والولايات المتحدة من انفتاحهما علي سوريا لقناعتهما بان دمشق يمكنها المساهمة بشكل كبير بايجاد حلول في العراق ولبنان والصراع الاسرائيلي الفلسطيني. ويري قهوجي ان ذلك "يرفع من الثقة بالنفس" لدي السلطة في سوريا. من جهته اشار مدير مؤسسة كارنيجي للشرق الاوسط بول سالم المقيم في بيروت الي ان هذه المرحلة تشهد "شد حبال خفيف" بين سوريا والولايات المتحدة. ورغم ان الادارة الأمريكيةالجديدة برئاسة باراك اوباما قررت اعادة الحوار مع دمشق الا ان سوريا والولايات المتحدة ما زالتا مختلفتين حول الملفات المهمة. وتأمل واشنطن ان تتوقف دمشق عن "التدخل" في شئون جارتيها، لبنان والعراق وان تكف عن دعمها لحزب الله وحركة حماس. وعبرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مؤخرا في مقابلة تلفزيونية لقناة الحرة عن رغبتها بان "تري تغييرا في تصرفات واعمال سوريا".