تفاصيل تطورات الحرب على غزة وكواليس استهداف ثكنتين عسكريتين للاحتلال.. فيديو    وزير الخارجية الأمريكي يتوجه إلى مصر لبحث وقف إطلاق النار في غزة    رئيس الوزراء البريطاني: يجب على الناتو أن يضع أوكرانيا في أفضل وضع ممكن    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    محافظ البحيرة تشهد فعاليات مبادرة «YLY»    محافظ قنا يشهد فاعليات اختبارات الموسم الثالث لمشروع كابيتانو مصر    أحمد فتوح.. من الإحالة للجنايات حتى إخلاء السبيل| تايم لاين    مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي    محافظ سوهاج يوجه بمتابعة استعدادات المبادرة الرئاسية «بداية»    استخدام جديد للبوتكس: علاج آلام الرقبة المرتبطة بالهواتف المحمولة    طبيب أعصاب روسي يحذر من آثار تناول القهوة    طارق الشناوي عن خلاف عمرو مصطفى ودياب: تبديد للطاقة.. الهضبة اخترق حاجز الزمن    الغرف السياحية: أقل عمرة تبدأ من 32 ألف.. والضوابط الجديدة أدت لزيادة الأسعار    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ثروت سويلم: سيتم الإعلان عن شكل الدوري الجديد وسيكون مفاجأة    عاجل - استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري قبيل اجتماع الفيدرالي الأمريكي    أحمد سليمان: الزمالك يدعم فتوح.. وحسم موقف اللاعب من المشاركة في مباراة السوبر    عاجل| غوتيريش: "لا تبرير للعقاب الجماعي للفلسطينيين"    هبوط مفاجئ ب924 جنيهًا .. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 (تحديث)    وفاة أربعيني غرقًا في بحيرة زراعية بالوادي الجديد    محسن صالح: كنت أتجسس على تدريبات المنافسين لهذا السبب    أحمد سليمان: الزمالك يدعم فتوح.. واللاعب خارج مباراة السوبر    "ريمونتادا" رايو فاليكانو تهزم أوساسونا في الدوري الإسباني    احتجاج آلاف الإسرائيليين بعد تقارير إقالة "جالانت" من وزارة الدفاع    «بعد زيارة مدبولي».. عمرو أديب: العلاقات المصرية السعودية دائما قوية مبهرة وجبارة    الشرطة الفنلندية توقف 3 أشخاص يشتبه بتورطهم في أنشطة لتنظيم داعش    إصابة شخصين إثر تصادم دراجة نارية وسيارة فى بنى سويف    المجلس القومي للشباب ببني سويف يحي ذكرى المولد النبوي الشريف    تعرف على أقل سعر لرحلات العمرة هذا العام    محافظ المنيا يشهد احتفالية الليلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي    استبعاد مدير مدرسة اعتدى على مسئول عهدة في بورسعيد    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    خاص.. غزل المحلة ينجح في ضم "بن شرقي" خلال الميركاتو الحالي    كرة نسائية - رغم إعلان الأهلي التعاقد معها.. سالي منصور تنضم ل الشعلة السعودي    الشوفان بالحليب مزيجا صحيا في وجبة الإفطار    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    الإعدام غيابيا لمتهم تعدى على طفلة بكفر الشيخ    مصرع طالب سقط من قطار في منطقة العجوزة    ننشر صور ضحايا خزان الصرف الصحي بإحدى قرى المنيا    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    شيرى عادل عن الانفصال: أهم شىء أن يتم باحترام متبادل بين الطرفين.. فيديو    قرار من نقابة المهن التمثيلية بعدم التعامل مع شركة عمرو ماندو للإنتاج الفني    أحمد موسى: إحنا بلد ما عندناش دخل مليار كل يوم.. عندنا ستر ربنا    النائبة آمال عبد الحميد تطالب الحكومة بسقف للإيجارات: الشباب يطرد من السكن واللاجئ يسكن    أخبار 24 ساعة.. إتاحة رابط لتظلمات الدفعة الثانية بمسابقة 30 ألف معلم    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني    سعر الزيت والأرز والسلع الأساسية بالاسواق اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    الفوري ب800 جنيه.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وكيفية تجديدها من المنزل    وكيل صحة الإسماعيلية تبحث استعدادات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    حدث بالفن| خطوبة منة عدلي القيعي ومصطفى كامل يحذر مطربي المهرجانات وعزاء ناهد رشدي    «أمرها متروك لله».. شيخ الأزهر: لا يجوز المفاضلة بين الأنبياء أو الرسالات الإلهية (فيديو)    حصر نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بمستشفى أبوتشت المركزي بقنا لتوفيرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب "تهويد" القدس
نشر في نهضة مصر يوم 08 - 10 - 2009

لم يعد أمام حركتي فتح وحماس إلا إنهاء الانقسام الذي قسم الوطن المحتل منذ يونيه 2007 وضرب القضية الفلسطينية في مقتل مما أغري حكومة المتطرفين اليهود التي يقودها بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود وافجيدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل، بيتنا تمضي قدماً باتجاه تصفية القضية الفلسطينية من جذورها والانتقال بالصراع إلي مرحلة جديدة تسعي خلالها إلي اعتراف الفلسطينيين ليس بحدود الدولة العبرية القائمة علي أرض فلسطين التاريخية ولكن أيضاً بتكريس "يهودية" إسرائيل كشرط لاستئناف المفاوضات والاقرار بحل الدولتين وهو ما يعني عملياً التخلص من حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي تقره القرارات والمواثيق الدولية فضلاً عن فتح الطريق إلي تهجير فلسطين الداخل "عرب إسرائيل" الذين يشكلون 20% من سكان الدولة العبرية.
وقد أغري الانقسام الفلسطيني الذي تكافح القاهرة لوضع نهاية له في 22 أكتوبر الجاري عبر توقيع اتفاق مصالحة تاريخية بحضور كافة الفصائل الفلسطينية وتحت مظلة عربية حكومة نتنياهو إلي ربط استئناف المفاوضات بالاعتراف بيهودية إسراذيل وهو ما رفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن" غير أن هذا الموقف المبدئي لم يمنعه من حضور اللقاء الثلاثي في واشنطن ومصافحة نتنياهو بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما حتي يقطع الطريق علي الجانب الإسرائيلي لاتهامه بافشال مساعي الرئيس أوباما لانجاز حل الدولتين للصراع العربي الإسرائيلي باعتباره مصلحة أمريكية تخدم الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط وحول العالم.
فشل الاجتماع الثلاثي
ورغم أن الاجتماع الثلاثي لم يسفر عن دفعة قوية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ نهاية عام 2008 بل إن البيت الأبيض عمد إلي الهبوط بسقف التوقعات منه واعتبره مناسبة لالتقاط الصور الفوتوغرافية ليس إلا.. إلا أنه كان فرصة كي ينقل أبو مازن رؤيته لاستئناف المفاوضات وتمسكه بتجميد كل أشكال الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة ومحيط مدينة القدس وهو ما تقوم به إسرائيل حالياً.. وأكثر من هذا تعكف حالياً علي تنفيذ مخطط مدروس تسمح بمقتضاه للمتطرفين اليهود بتنفيذ سلسلة من الاقتحامات المبرمجة لباحة المسجد الأقصي "أو جبل الهيكل بالمسمي الإسرائيلي" وتأدية شعائر تلمودية وذلك ارضاء للمتطرفين اليهود من جهة واختيار رد الفعل الفلسطيني والعربي والإسلامي إزاء هذا التصعيد المقصود والمتعمد تمهيداً لتقسيم الحرم القدسي الشريف وتكرار سيناريو المسجد الإبراهيمي.
المهم أن حكومة نتنياهو التي لم تبد أي مرونة مع جهود الرئيس أوباما محل صراع الشرق الأوسط ورفضت تجميد الاستيطان للمساعدة علي استئناف المفاوضات مكتفية بالتلويح بوقف مؤقت للاستيطان في الضفة، وهو ما يعكس موقفاً مراوغاً ومضللاً، ولاسيما أنها غداة إطلاق هذا التصريح كان وزير الدفاع ايهود باراك يعطي الضوء الأخضر لبناء نحو ثلاثة آلاف منزل جديد بزعم أن تصاريح بنائها تعود إلي فترة سابقة.
تحدي أوباما
ويبدو أن غياب الضغط الأمريكي الحقيقي وانقسام الموقف الفلسطيني بين فتح وأخواتها وحماس وحلفائها هو ما شجع إسرائيل علي تحدي جهود أوباما بل وإملاء إرادتها علي الجميع والسعي لفرض أمر واقع في القدس بهدف إخراجها من دائرة المفاوضات النائية وحرمان الدولة الفلسطينية في المستقبل من اتخاذ القدس الشرقية عاصمة لها.
ويبدو أيضاً أن حكومة نتنياهو عبر اقدامها علي التصعيد في المسجد الأقصي ثالث الحرمين الشريفين تلعب بالنار وتقامر باشعال انتفاضة فلسطينية ثالثة متجاهلة عن قصد أو بدون قصد أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون إلي باحة الأقصي نفسها كانت السبب المباشر في اندلاع انتفاضة الأقصي في سبتمبر 2000 والتي سرعان ما امتدت إلي بقية الأراضي المحتلة.
وفي هذا السياق حذرت السلطة الفلسطينية تل أبيب من اشعال برميل بارود ينطلق من القدس مؤكدة أن سعي الاحتلال لتقسيم قبلة المسلمين الأولي ومعراج الرسول محمد مثلما حدث في الماضي من تقسيم للحرم الابراهيمي الشريف في مدينة الخليل.
وقالت إن السياسة المراوغة التي ترمي إلي خلق حقائق جديدة علي الأرض ستشعل برميل الباورد وستعيد المنطقة كلها إلي حلقة مفرغة تنسف كل دعوات التسوية وتحكم بالاعدام علي المسار السياسي.
وألقي بيان وزارة الإعلام الفلسطينية بالكرة في ملعب القوي العظمي مذكراً بالضجة التي أعقبت تدمير حركة طالبان الأفغانية كما قيل "بوذا" في مدينة باميان في مارس 2001 والتي لم تنته حتي الآن.. وحذر البيان من استمرار سياسة ازدواجية المعايير الأخلاقية والسياسية.
تخاذل عربي
ومن المؤسف أن الموقف العربي الذي وصفه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي بالانهيار في أعقاب تأجيل مناقشة تقرير القاضي ريتشارد جولدستون الخاص بجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال عدوانها الأخير علي قطاع غزة.. قد لاذ بالصمت والتجاهل لما يحدث فيما عدا بعض الاستثناءات حيث حذرت مصر علي لسان وزير الخارجية أحمد أبو الغيط من رغبة الممارسات الإسرائيلية في المسجد الأقصي.. كما ندد الأردن بالتصعيد الإسرائيلي ودعا إلي وقف الانتهاكات فوراً، معتبراً أن القدس "خط أحمر" بالنسبة له.
والتساؤل الذي يطرح نفسه: منذ متي وإسرائيل تتحدث بلغة التحذيرات والتنديدات؟ لقد علمتنا خبرة نصف قرن من الصراع أن هذه الدولة لا تعترف بغير لغة القوة.. حدث ذلك عندما تجرعت مرارة الهزيمة لأول مرة في حرب أكتوبر 1973 مما دفعها إلي الجلوس علي طاولة المفاوضات.. وتكرر المشهد عقب انتفاضة الحجارة التي أفرزت اتفاقية أوسلو.. ثم تكرر ذات المشهد في عام 2000 عندما أنهت احتلالها لجنوب لبنان قبل أن تلقي هزيمة مذلة في مغامرة العدوان علي لبنان 2006 وتجبر علي إبرام صفقة تبادل الأسري بشروط سبق أن رفضها رئيس وزرائها السابق ايهود أولمرت.. وهو ما يتكرر حالياً مع الفصائل الفلسطينية التي أسرت الجندي جلعاد شاليط ونجحت في تحرير 20 أسيرة فلسطينية مقابل شريط فيديو قصير يثبت أنه علي قيد الحياة ضمن صفقة أشمل لاطلاق الجندي مقابل تحريري مئات الأسري في سجون الاحتلال.
بالون اختبار
تساؤل آخر لا يقل أهمية: هل ما يجري من تصعيد إسرائيلي مجرد صدفة أم أنه أمر معد سلفاً ولاسيما وأن القدس اختيرت عاصمة للثقافة العربية للعام الحالي.. بما يعني أن ما يحدث من انتهاكات حالياً ليس سوي "بالون اختبار" لعزيمة الفلسطينيين علي التحدي والصمود أم أن الانقسام أنهي علي ما تبقي من قوتهم ودفعهم لرفع الراية البيضاء أمام المخططات الإسرائيلية؟ ولا يمكن الفصل بين مخطط استفزاز الفلسطينيين واقتراب موعد إعلان الرئيس أوباما لرؤيته سجل الصراع في الشرق الأوسط.. والمعني أن إسرائيل تعلم حساسية القدس لدي الفلسطينيين والمسلمين والمسيحيين تسعي إلي جر الفلسطينيين باتجاه دورة جديدة من العنف واستئناف العمليات الاستشهادية وهذا ما يكفي لانسحاب أوباما من القضية برمتها.. أو علي نحو أدق "تجميد" مخططاته، ولاسيما في ظل الأزمات التي يحملها علي عاتقه وفي مقدمتها شبح الهزيمة التي يطارده في أفغانستان والأزمة المالية العالمية وأزمة مشروع الرعاية الصحية وكذلك الملف النووي الإيراني.
إن تهويد القدس واستهداف الأقصي قضية متجذرة في العقلية الإسرائيلية وقد أقدم متطرف يهودي علي دق المسجد الأقصي قبل 40 عاماً.. وما يحدث اليوم ليس منبت الصلة عن هذه الجريمة.. وعلي حد قول عمرو موسي فإن القدس تتعرض اليوم لأشرس مراحل تهويدها وأن ممارسات إسرائيل تشكل تحدياً سافراً للعالم العربي والإسلامي، مؤكداً أن الصمت الدولي يشجع إسرائيل علي المضي قدماً في مخططها.
واتفق مع الرأي السابق رئيس أساقفة طائفة الروم الأرثوذكسي المطران عطا الله حنا تحدث عن مؤامرة كبري علي القدس ومقدساتها ودعا العرب والمسلمين والمسيحيين إلي التحرك من أجل القدس قبل أن تضيع من بين أيديهم ويكمل مشروعه بالتطهير العرفي لسكانها الأصليين كما دعاهم إلي رفع أصواتهم للتنديد بالعنصرية الإسرائيلية.
وبدون أدني شك فإن المسجد الأقصي في خطر حقيقي ولا يستطيع أحد أن يتكهن بتطورات الموقف خلال الساعات المقبلة، ولاسيما في ظل حشد آلاف من قوات الأقصي وحرمان الفلسطينيين من دخوله بغرض تأمين صلاة آلاف اليهود أمام حائط المبكي ضمن احتفالات عيد المظلات اليهودي وهو ما ينذر باندلاع مواجهات دامية قد تتطور إلي انتفاضة ثالثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.