شاركت مؤخرا في حلقة نقاشية نظمها المجلس القومي لحقوق الإنسان عنوانها "الهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان في إطار الاتجار بالبشر"، والتي حضرها عدد كبير من أساتذة علم الاجتماع والمختصين، وقدموا أفكارا تستحق الاهتمام، وليسمح لي القارئ العزيز أن أعرض عليه بعض الرؤي التي شاركت بها، لاسيما وأن الهجرة غير الشرعية، وباعتبارها هجرة غير منظمة وغير رسمية، قد باتت مسألة تؤرق المجتمع المصري، وتحولت في الآونة الأخيرة إلي ظاهرة خطيرة ومزعجة، ففي الأدبيات أو الكتابات الخاصة بمعالجة تلك الظاهرة صرنا نسمع عبارات من نوع: الهجرة إلي الموت الفرار إلي المجهول النعوش الطائرة.. إلخ. إذ لا يمر وقت كبير إلا وتسلط وسائل الإعلام الضوء علي حادث مفزع يتعرض له فوج من الشباب المصري الحالم بالسفر إلي الجانب الآخر من البحر المتوسط، حيث تعود جثث هؤلاء إلي ذويهم ليواروها الثري بعد أن غرق مركبهم وضاعت أموالهم وتلاشت أحلامهم الشابة، ثم بعد وقت قليل نسمع عن القبض علي عصابة تعمل في الهجرة غير الشرعية، وإذا نجح بعض هؤلاء الشباب في الهروب إلي الجانب الآخر فإنه من المتوقع وفي كثير من الأحيان القبض عليهم وترحيلهم مرة أخري إلي مصر. وفي لغة الأرقام فقد أوضح تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان نهاية عام 2007 أن إحصائيات الأمن الإيطالية وحدها سجلت في الربع الأول من عام 2007 استقبال سواحل كالابريا 14 زورقا محملة بأكثر من 1500 مهاجر غير شرعي معظمهم من المصريين، وبلغ إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا إيطاليا عام 2007 عن طريق البحر نحو 1419 مهاجرا، لقي 500 مهاجر مصرعهم في البحر المتوسط حتي الآن مقابل 302 مهاجر فقط خلال عام 2006 بأكمله، وتشير الإحصائيات إلي أن عدد الشباب المصريين الذين تم ترحيلهم من دول جنوب أفريقيا خلال عام 2006 بلغ 6748 شابا، وتعد محافظة الفيوم أكثر المحافظات المصرية ارتفاعا في نسبة هجرة الشباب لأوروبا. كما أكد بيان صدر عن مركز الأرض لحقوق الإنسان أن ظاهرة الهجرة في ازدياد مستمر، حيث رصدت تقارير المركز أنه في عام 2008 فقط، تم إحباط أكثر من مائة رحلة لإيطاليا، وموت أكثر من 500 مصري غرقا أثناء هروبهم أو هجرتهم بشكل غير منتظم في البحر المتوسط، ومصرع 500 مهاجر مصري خلال عام 2006، وقال البيان إن الإحصائيات الدولية تقدر عدد الشباب المصريين الذين نجحوا في دخول دول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات العشر الماضية، بنحو 460 ألف شاب، من بينهم نحو 90 ألفا يقيمون في إيطاليا بشكل غير رسمي، وهناك حوالي 8 آلاف شاب من إحدي قري محافظات مصر يقيمون في مدينة ميلانو الإيطالية وحدها. ومن جانب آخر فإن الهجرة غير الرسمية، من خلال وسطاء وسماسرة غير شرعيين، تمثل جريمة ضد البشرية وضد الإنسانية ذلك لأنها تدخل في إطار الاتجار بالبشر من حيث تعريض حياة مجموعة من البشر للخطر بل وللموت في أحيان كثيرة، فضلا عن انتهاكات أخري. أعزائي القراء.. لاشك أن هذا الكلام خطير ينبغي دراسته جيدا والتوقف عنده والسعي بشتي السبل لاقتراح الحلول المناسبة.. وللحديث بقية.