مصطلحان أو تعبيران لا أحب استخدامهما علي الإطلاق، وإن كانا للأسف ينتشران في لغة وسائل الإعلام وفي كتابات عدد من المثقفين والمفكرين.. المصطلح الأول هو الوحدة الوطنية، أما المصطلح الثاني فهو أقباط المهجر. بداية فإن البعض يستخدم مصطلح الوحدة الوطنية بنية طيبة للتأكيد علي وحدة شعب مصر.. ولكني أتساءل هنا وحدة بين من ومن؟ وهل هي وحدة بعد فرقة انقسام؟ وهل يليق أن نستخدم مصطلح الوحدة الوطنية في ظل إيماننا بقيمة المواطنة وضرورة الإعلاء من شأنها حيث إن المواطنة تعني المساواة بين الجميع.. بين المسلمين والمسيحيين والأغنياء والفقراء.. الرجل والمرأة.. وذلك في الحقوق والواجبات، فلا فرق بين هذا أو ذاك، إذ إن الكل سواء أمام القانون لا محاباة لأحد ولا مجاملة لأحد علي حساب الآخر. وأذكر أن كثيرين يتفقون معي في هذا الرأي ومنهم فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق، الذي في ندوة حول مستقبل المواطنة في مصر نظمتها مؤخرا جمعية محبي مصر السلام والتي أتشرف بأن أكون أمينها العام، استنكر هذا المصطلح مؤكدا علي أن مصر أمة واحدة وشعبها واحد، وأنها بلد الأمن والأمان والسلام والخير والترابط والتعاون والتحابب وأن سعادة الوطن هي سعادة لنا جميعا، وأنه علينا أن نتنبه لمن يحاول الوقيعة بيننا، لأن بلدنا مستهدفة، ولكن الحب الذي يربطنا أقوي كثيرا من أي فتنة. والبعض كذلك يستخدم مصطلح أقباط المهجر للإشارة إلي هؤلاء الأقباط، المصريين المسيحيين، الذين يعيشون خارج الوطن.. في أوروبا وأمريكا وعدد آخر من بلدان العالم ويهتمون بمناقشة هموم ومشكلات الأقباط الذين يعيشون داخل مصر، ويرفضون السياسة الداخلية في مصر ويزعمون وجود اضطهاد للأقباط. وإن كنت أرفض لغة التخوين والاتهام بالعمالة لصالح دول أجنبية وبعيدا عن أحاديث المخططات والمؤامرات وغيرها من الاتهامات الجزافية التي ليس لها أي أساس من الصحة، فإنني في الواقع أختلف بعض الشيء مع هؤلاء النشطاء من أقباط المهجر، وذلك علي وجه التحديد في طريقة تناول هموم الأقباط ومشكلاتهم، إذ أفضل دائما أن تتم مناقشة هموم الأقباط ومشكلاتهم داخل وطننا مصر، كما أفضل أن يأتي العلاج علي مائدة مصرية خالصة تضم المسلمين والأقباط أبناء الوطن الواحد وأصحاب التاريخ الواحد والمصير المشترك. كما أنني أرفض تماما استخدام مصطلح أقباط المهجر من باب أنهم أولا وأخيرا مواطنون مصريون دفعتهم بعض الظروف للهجرة إلي الخارج سواء للعمل أو الدراسة واستمرت حياتهم هناك، ومازالت مصر تعيش في قلوبهم، ومنهم من يحرص علي زيارة مصر وأهله فيها، وأتساءل هنا هل نقول أقباط المهجر في مقابل مسلمي المهجر؟! أليس هذا تكريسا لتفرقة بغيضة وانقسام نحن في غني عنه؟! أذكر أنني قمت بزيارة قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في أمريكا حين كان هناك في رحلة علاج منذ شهور قليلة، وقال لي قداسته إنه يوجد في أمريكا حوالي 256 كنيسة وكل كنيسة بها آلاف فهل من المعقول أن يوجد اتفاق بين هؤلاء الآلاف، كما أكد قداسته أن هؤلاء الذين يتميزون بالصوت العالي إنما هم قلة قليلة ربما لا يزيد عددهم علي أصابع اليد الواحدة. أعزائي القراء إنني أتمني أن نكف عن استخدام عبارة الوحدة الوطنية لتحل محلها عبارات من نوع مصر بخير وشعب مصر الواحد والمواطنة للجميع كما أتمني ألا نستخدم عبارة أقباط المهجر وأن نقول المصريين بالخارج، وذلك حتي لا نكرس انقساما وتفرقة نحن في غني عنهما.