فاجأتنا "شيرين"، وأغلب الظن انها ستفاجيء كل من يقرأ هذا الحوار، عندما قالت إن آخر فيلم سينمائي شاركت ببطولته هو "هالو أمريكا" مع النجم عادل إمام، الذي عرض عام 2000! ومن بعده لم تقدم أي فيلم سينمائي واكتفت بمشاركتها في الأعمال الدرامية التليفزيونية وآخرها "ناصر" مع باسل الخطيب و"نسيم الروح" مع د. سمير سيف والعملان من تأليف الكاتب الكبير يسري الجندي، كما شاركت أيضا في بطولة "العائد" و"الهاربة"! هل يتناسب هذا مع موهبة وطموح "شيرين"، وكيف تهجرها السينما إلي هذه الدرجة بينما يجمع الكافة أن السينما المصرية وصلت إلي أعلي معدل إنتاجي لها في الفترة الأخيرة في عام 2008؟ هل تعانين ندرة في الأعمال التي تعرض عليك مقارنة بزميلاتك؟ دعني أوضح الحقيقة بالضبط: فأنا لا أخشي من القول إنني وزميلاتي "بنات جيل الوسط"، وكذلك أولاده، تعرضنا لظلم كبير، فالجيل القديم احتكر أدوار البطولة في السينما المصرية، وجاء جيل الشباب ليتواصل مسلسل الاحتكار، وبالتالي لم يعد لنا مكان في الحالين، واذا حدث وعرضت علينا أعمال في الأفلام التي يطلقون عليها "شبابية" فلا يصبح أمامنا سوي أن نقبل مرغمين بالأدوار التي تدور في مرحلة الشيخوخة، وبالتالي نصبح مرغمين علي قبول أدوار الأخت أو الأم، اذا كان للبطل عائلة، ففي الغالب نجده نبتا شيطانيا، ولا جذور له علي الاطلاق. هل تلقين بأسباب المشكلة في ملعب الكتاب؟ لا.. لأن الكتاب مظلومون، وغالبا ما يطلب منهم المنتج أو النجم "تفصيل الفيلم"، وهو مرغم علي أن يستجيب لهذا الطلب وإلا فلن يجد لنفسه مكانا علي الساحة، فالسينما اليوم تلبي رغبة النجم وحده، ربما باستثناء فيلم "خلطة فوزية"، الذي يرجع الفضل في ظهوره بهذا الشكل الجماعي إلي إلهام شاهين منتجته وبطلته. لكنك تعانين مشكلة حتي في المسرح بدليل أن مكتشفك سمير غانم مثلا لا يستعين بك في مسرحياته؟ أولا لابد من التأكيد علي عمق العلاقة التي تربطني والنجم سمير غانم، لكن عدم تعاوننا معا يرجع إلي أسباب كثيرة، أولها عدم ملاءمة أدوار مسرحياته الجديدة لشخصيتي وأيضا استعانته بفتيات يمثلن عنصر جذب جماهيريا ويحملن مواصفات معينة لا آراها تتوافر في، ولا تناسبني. هذا تقييمك لمسرح سمير غانم أم المسرح الخاص بوجه عام؟ هذه فرصة لأتحدث عن المسرح الخاص بوجه عام، ففي الماضي كنت تستطيع أن تتابع ما بين 10 و15 عرضا مسرحيا لفرق القطاع الخاص لكنك اليوم لن تجد أكثر من فرقتين، وغالبا ما تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع، بدليل انك نادرا ما تشاهد "أفيش" مسرحية قطاع خاص.. وهذا أمر غريب! وفي رأيك أين تكمن أزمة المسرح؟ في ارتفاع أسعار تذاكره وسط تردي الأحوال الاقتصادية للمجتمع. فمن الذي يضحي بقوت أولاده لكي يذهب إلي مسرح تبلغ تكلفة تذكرة الصفوف الأمامية فيه ألف جنيه أحيانا؟ ولماذا توقف التعاون بينك والنجم عادل إمام سينمائيا؟ لانني لا أستطيع الذهاب إلي النجم عادل إمام لأتسول فرصة أو أسأله لماذا لم تأخذني معك في أفلامك الأخيرة، فمن الممكن ألا تكون هناك الشخصية التي تلائمني، ونحن نعرف أن "الدور ينادي صاحبه"، وعندما أتوجه بالتهنئة للنجم عادل إمام علي فيلم جديد له لن أسأله: "لماذا لم تشركني معك"؟ فأنا موجودة في مكاني، ومن يريدني فعليه أن يأتي ويعرض علي الدور. حالة من الانطواء أصابتك إذن في الفترة الأخيرة؟ علي الاطلاق.. لكن يمكن القول إنها "عفة" أو "احترام للنفس"، فلا ينبغي علي الفنان، وأنا شخصيا لا أحب ذلك، أن يكون مبتذلا أو يعرض نفسه لمهانة عندما يطرق الأبواب بحثا عن فرصة عمل لنفسه أو يتواجد في السهرات الخاصة لكي يعقد صفقة أو يصبح في الصورة. هل رحت ضحية التليفزيون الذي سرقك من السينما؟ بالطبع لا.. بدليل أن عددا كبيرا من نجمات السينما تحولن في الفترة الأخيرة إلي التليفزيون مثل نادية الجندي ونبيلة عبيد ويسرا، وحتي سهير رمزي عندما فكرت في التراجع عن اعتزالها، عادت بمسلسل تليفزيوني وليس فيلما سينمائيا، فالتليفزيون الآن أصبح ملجأ النجوم الكبار، بعد أن احتل جيل الشباب وحده الساحة السينمائية، ولم يعد الواحد منهم في حاجة إلي التليفزيون بل ليس لديهم وقت له. هل توافقين علي فيلم يحقق ايرادات تجارية لكنه لا يحصل أي قيمة فنية؟ بالطبع لا.. وهنا أتذكر ما قاله لي الراحل أحمد زكي يوما: "من يبيع نفسه فقط هو الذي يقبل هذه النوعية من الأفلام". هل تشعرين بالغيرة من نجاح بعض الذين لا يستحقون النجاح؟ الغيرة تولد الحقد في كل الأحوال.. وأنا دائما ما أنظر إلي هذه المسألة بوصفها "قدرية بحتة" خصوصا أن الفنان يقدم أفضل ما عنده وادراك النجاح توفيق من ربنا. هل فكرت في لحظة أن عدم تواجدك علي الساحة بالشكل المطلوب يرجع إلي هجمة الفنانين العرب كما يطلقون عليها؟ أنا لست من أنصار هذا الرأي، ولا أظن أن وجود النجوم العرب في مصر أثر سلبا علينا، فهي ظاهرة قديمة كان نجومها صباح وعبدالسلام النابلسي ونجاح سلام وغيرهم وكلهم كانوا نجوما كما كان الفنانون المصريون أيضا نجوما.. وكانت المنافسة شريفة وخلاقة، فليس صحيحا أن هناك فنانا سوريا أخذ لقمة عيش الفنان المصري أو انتزع مكانه، فالموهبة هي التي تفرض نفسها والجمهور وحده هو الحكم والفيصل علي استمرار فنان عربي أو طرده من الساحة. هل تشعرين بالرضاء عن نفسك أم لديك شعور بالظلم؟ بل أشعر بحالة من الرضاء التام عن كل أعمالي التي قدمتها، سواء في السينما أو في التليفزيون أو في المسرح، وأظنها ستحتل مكانة جيدة في ذاكرة الفن المصري.