علي الرغم من كون وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الأفضل علي مستوي العالم، إلا أن ما واجهته من إخفاقات في السنوات الثماني المنصرمة سواء في العراق أو في أفغانستان، فرضت عديدًا من التحديات والضغوط مما يحتم علي الرئيس الأمريكي الجديد، باراك أوباما، ضرورة السرعة في اتخاذ القرارات التي من شأنها تجنيب الولاياتالمتحدةالأمريكية مخاطر جمة محتملة، خاصة في ظل ما تواجهه وزارة الدفاع الأمريكية من تدني في مستوي الخدمات العسكرية المقدمة، وارتفاع تكاليف الحرب، لاسيما في ظل سلسلة من الضغوط تتمثل في تدهور الاقتصاد الأمريكي، والعجز في الميزانية، والدَينِ الأجنبي، مع ارتفاع تكاليف الحرب، إلي جانب الالتزامات تجاه موظفيها. وهو الأمر الذي سيفرض علي فريق البنتاجون الجديد نوعين من التحديات، يتمثل أولاها: في تقديم النصيحة، أما ثانيها: فيتمثل في تقديم الدعم، وتوفير القيادات اللازمة لإعداد القوات المسلحة الأمريكية لاسيما القوات الخاصة، في وقت عانت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال السنوات الماضية من سوء تقدير التطورات التي يشهدها النظام الدولي. وفي هذا الإطار نعرض لدراسة بعنوان "ميراث وزارة الدفاع: التحديات والاختيارات التي سيواجهها فريق البنتاجون القادم The Defense Inheritance: Challenges and Choices for the next pentagon team"، أعدها كلٌّ من ميشيل إيه. فلورنوي Michele A. Flournoy وشوان بريملي Shawn Brimley ، ونشراها في عدد خريف عام 2008 من دورية واشنطن The Washington quarterly الفصلية. تركز الدراسة بصورة أساسية علي التحديات والخيارات المطروحة أمام فريق البنتاجون الجديد، وفي هذا الصدد تعرض الدراسة عددا من التطورات التي شهدها النظام الدولي علي المستوي العسكري، والحروب التكنولوجية. خاصةً وأن وزارة الدفاع الأمريكية قد صرحت بأن الصين تقوم بعمليات اختراق لأجهزة حكومية حساسة تسعي من وراءها لبناء قيادة عسكرية في الفضاء الإلكتروني new cyberspace military command علي أساس حرية الحركة في الحصول علي معلومات الحرب في الفضاء الإلكتروني. الرئيس الجديد يرث ميزانية محطمة بدايةً، أكدت الدراسة أنه لا شك في أن الرئيس الأمريكي الجديد،باراك أوباما، سيواجه ضغوطًا شديدة تتعلق بالميزانية، بالنظر إلي مؤشرات انخفاض النمو الاقتصادي الواضحة، وما تواكبه من تكاليف عدة في برامج مثل الأمن الاجتماعي، الرعاية الطبية، المساعدة الطبية للفقراء، التي تؤثر بصورة أو بأخري علي خيارات الإنفاق المطروحة أمام البنتاجون. وقد أشارت الدراسة إلي ثلاثة أمثلة، هي: "أنظمة الحرب المستقبلية Future Combat System" والعربات المدرعة التي ارتفعت بنسبة 54% إلي 131 بليون دولار. كذلك فقد ارتفعت تكاليف وحدة رابتور إف المقاتلة التكتيكية للقوات الجوية الأمريكية The Air Force's F-22A Raptor Tactical Fighter بنسبة 177 بينما انخفض رقم الشراء بنسبة 71%. وأشارت الدراسة إلي أن الأمر يفرض تساؤلات، وخيارات عدة علي الإدارة الأمريكيةالجديدة تدور في فلك حجم الإنفاق الذي ينبغي علي الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تحدده. وهو تساؤل يفرض خيارات يصعب علي الإدارة العسكرية، أو الكونجرس حتي اليوم تحديد إجابته. الموازنة بين الأولويات الحالية والمستقبلية يفرض واقع التغيرات في النظام الدولي، وما يواكبه من أزمة مالية في السوق الأمريكي علي فريق البنتاجون الجديد جملة من الخيارات الصعبة حول عدد من السياسات المختلفة، وقد عرضت الدراسة في هذا الشأن بعض التحديات التي سيواجهها فريق البنتاجون الجديد. يتمثل التحدي الأول في توزيع حجم المخاطرة بين عدد من القرارات الاستراتيجية الحالية، مثل الحرب في العراق، العمليات العسكرية في أفغانستان، الحرب الدولية علي الإرهاب، وتقليل التدفقات العسكرية الأمريكية. في حين يتمثل التحدي الثاني في الاستثمار في أجهزة حرب المستقبل، علي سبيل المثال تطوير الإمكانيات الأمريكية لتتمكن من خوض الحرب غير نظامية المرتبطة بمواجهة التهديدات اللا تماثلية، أو منع انتشار الأسلحة النووية. أما التحدي الثالث، والأكثر صعوبة فهو الموازنة بين العمليات الحالية مع توفير حسابات للاستثمار، سواء لتطوير أو الحصول علي أجيال جديدة من أنظمة الأسلحة، وذلك في ظل ما تواجهه العسكرية الأمريكية من مخاوف، تتمثل أولها في ظهور أسلحة لا تماثلية تعتمد علي تكنولوجيا بدائية، مثل العبوات الناسفة، و"المتمردين الانتحاريين" في أفغانستان والعراق. فضلاً عن أهمية التعامل مع خطر الأسلحة المتقدمة، بتطوير مضادات الطائرات، الأقمار الصناعية، أو السفن الحربية، وربما حتي أسلحة الدمار الشامل. ومن هنا علي الإدارة الأمريكيةالجديدة المفاضلة عند صياغة استراتيجية الأمن القومي الجديدة، التي توضح المهام الأساسية التي علي القوات المسلحة الأمريكية أن تقوم بها. ومن ثم لابد أن يكون فريق وزارة الدفاع الجديد واضحًا بشأن الخيارات التي يريدها الجيش الأمريكي ليكون قادرًا علي توفيرها للرئيس سواء الآن أم في المستقبل. أجندة عمل وزارة الدفاع المستقبلية أشارت الدراسة إلي أن فريق البنتاجون الجديد سيكون ملزمًا بالنظر في عشر قضايا رئيسة، هي كالتالي: 1-زيادة حجم عدد القوات البرية الأمريكية، وتحديد نوعية الجنود الذين سينفذون المهام الأمريكية. 2-مستقبل قدرات القوات البحرية، وما تطرحه البيئة الأمنية من تحديات أمامها، مما يستدعي النظر في متطلبات البحرية، والتخطيط لمستقبل البيئة الأمنية، مع الأخذ في الاعتبار هدفين: أولهما: التوصل بصورة أفضل للمطالب الاستراتيجية الجديدة للبحرية الأمريكية. 3-إعادة توازن القوات الجوية، فمنذ نهاية الحرب الباردة وقد ظهرت مهمات قتالية جديدة للقوات الجوية، ومن ثم ففريق وزارة الدفاع لابد أن يشجع القوات الجوية لصياغة رؤية واسعة لأدوارها، ومهامها. 4-تطوير مفاهيم جديدة للعمليات في مناطق العمل الجديدة، فعلي سبيل المثال، تطوير الصين قدرات جديدة مضادة للأقمار الصناعية، وهو ما عرض الولاياتالمتحدة للهجوم بشكل يومي. وأشارت الدراسة إلي أن الإدارة الجديدة ستحتاج إلي العمل مع القطاع الخاص، والاستفادة من القادة السابقين، في تطوير مفاهيم وخطط الإدارة الدفاعية. 5-مواجهة أسلحة الدمار الشامل، فعلي الرئيس الجديد أن يقوم بتقييم مواضع القوة والقصور في جهود الولاياتالمتحدة الحالية بشأن وقف انتشار هذه الأسلحة، ومنع الإرهاب النووي، والتعامل مع القوي الإقليمية (قوي الممانعة) المسلحة نوويا. 6-تخفيض القدرات الأمريكية النووية، فهناك اتفاق حول تخفيض الولاياتالمتحدة من اعتمادها علي الأسلحة النووية، ومن ثم علي الإدارة الأمريكيةالجديدة تحديد ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستقوم بذلك أم لا؟. 7-لابد أن تقوم الإدارة الأمريكيةالجديدة بإعادة فحص الخطط الموضوعة، وتقييم وضع القوات المسلحة الأمريكية في العالم، فعلي سبيل المثال، كيف ستحقق القوات العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط احتواء النفوذ الإيراني المتزايد في منطقة الخليج العربي. 8-دعم وتحسين قدرات المتطوعين، فقد قبلت العسكرية الأمريكية نسبة كبيرة من المتطوعين ينقصها التعليم العالي. 9-إصلاح خلل الأداء في عملية الإدارة، فلابد أن يقوم وزير الدفاع الجديد بالاهتمام بإصلاح عملية إدارة البنتاجون 10-تحسين إمكانيات الدمج وتوحيد الجهد. 11-تخلص الدراسة في نهايتها إلي أن قدرة البنتاجون علي إسهامه في إنجاز الأهداف الاستراتيجية للأمة توقف علي حسن الأداء، والتعاون مع الأجهزة الحكومية الأمريكية الأخري. 12-وأيضاً يمكن أن يوفر البنتاجون النصائح الحاسمة، وأن يدعم جهود الكونجرس في الإصلاح المؤسسي.