أسعار المانجو في سوق العبور اليوم الثلاثاء 17-9-2024    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 في بداية تعاملات    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    حديد عز يسجل انخفاضًا ب829 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الثلاثاء 17 سبتمبر 2024    الاتحاد الأوروبي يعلن إجلاء ناقلة نفط أحرقها الحوثيون في البحر الأحمر    موقف أحمد فتوح النهائي من المشاركة في السوبر الإفريقي والعودة إلى تدريبات الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر والقنوات الناقلة.. ليفربول ضد ميلان    «الأرصاد»: طقس الثلاثاء حار على أغلب الأنحاء..والعظمى بالقاهرة 33 درجة    حالة الطرق اليوم، كثافات متحركة بشارعي رمسيس وشبرا مصر ومحور 26 يوليو    اليوم.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمي "تنظيم الجبهة"    وكيل صحة قنا يوجه بحصر نواقص الأدوية للبدء في توفيرها    حرائق مدمرة في بيرو.. مصرع 15 شخصا واندلاع النيران بجميع أنحاء البلاد    اختفاء مروحية على متنها 3 أشخاص في منطقة أمور الروسية    توقعات أرباح ستيل دايناميكس للربع الثالث أقل من تقديرات المحللين    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. اليوم 17 سبتمبر    تفاصيل انطلاق اختبارات «كابيتانو مصر» لاكتشاف المواهب الشابة بمحافظة قنا    نائب محافظ سوهاج: مستعدون لتنفيذ مبادرة «بداية» لتحسين جودة حياة المواطنين    اليوم.. انطلاق أكبر ملتقى للتوظيف بمحافظة المنيا لتوفير 5000 فرصة عمل    يديعوت أحرونوت: خطط حكومة نتنياهو في شمال غزة تورط إسرائيل    تامر حبيب يهنئ منى زكي باختيار فيلمها «رحلة 404» لتمثيل مصر في الأوسكار    أكرم حسني يحتفل بعيد ميلاد ابنته بطريقة كوميدية (صورة)    الأردن تُعلن استلام جثمان منفذ هجوم جسر الملك حسين    فيديو.. استشاري تغذية يحذر من الطبخ في «حلل الألومنيوم».. ويوضح طريقة استخدام «الإيرفراير» للوقاية من السرطان    نوستالجيا.. 20 عاما على أول ألبوم منفرد ل تامر حسني "حب" لمناقشة مواقف حياتية ب حالات الحب    ب أغاني سينجل ..محمد كيلاني يكشف عن خطته الغنائية المقبلة    أهالي قنا يحتفلون بالمولد النبوي بمسجد سيدى عبد الرحيم القنائي    ضبط مسجل خطر لسرقته الهواتف المحمولة بالمرج    بتكلفة 300 ألف دولار، تفاصيل الزواج الأسطوري لرجل أعمال سوداني بالقاهرة (فيديو)    مختار جمعة يرد على فتوى اسرقوهم يرحمكم الله: هدم للدين والوطن ودعوة للإفساد    استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في مصر.. تفاصيل    حزب الله يستهدف تحركات لجنود إسرائيليين في محيط موقع العباد    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    محافظ البحيرة تشهد فعاليات مبادرة «YLY»    مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي    أحمد فتوح.. من الإحالة للجنايات حتى إخلاء السبيل| تايم لاين    استخدام جديد للبوتكس: علاج آلام الرقبة المرتبطة بالهواتف المحمولة    طبيب أعصاب روسي يحذر من آثار تناول القهوة    محمد عبدالله: مباريات القمة مولد النجوم الجدد.. وهذه رسالتي لجوميز    تعرف على أقل سعر لرحلات العمرة هذا العام    خاص.. غزل المحلة ينجح في ضم "بن شرقي" خلال الميركاتو الحالي    محافظ المنيا يشهد احتفالية الليلة المحمدية بمناسبة المولد النبوي    كرة نسائية - رغم إعلان الأهلي التعاقد معها.. سالي منصور تنضم ل الشعلة السعودي    إصابة شخصين إثر تصادم دراجة نارية وسيارة فى بنى سويف    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    عضو الرابطة: الأهلي طلب تأجيل استلام درع الدوري.. واجتماع الأندية سيحسم شكل الدوري    محسن صالح: كنت أتجسس على تدريبات المنافسين لهذا السبب    استبعاد مدير مدرسة اعتدى على مسئول عهدة في بورسعيد    احتجاج آلاف الإسرائيليين بعد تقارير إقالة "جالانت" من وزارة الدفاع    الشوفان بالحليب مزيجا صحيا في وجبة الإفطار    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    تعرف على إحصائيات التنسيق الفرعي لمرحلة الدبلومات الفنية بمكتب جامعة قناة السويس    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    ضبط المتهمين بسرقة مبلغ مالى من تاجر في الهرم    المنافسة بالمزاد على لوحة "م ه م - 4" ترفع سعرها ل 13 مليون جنيه فى 6 ساعات    قطر: الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني مثال صارخ لتردي وغياب سيادة القانون    وزير الثقافة يفتتح "صالون القاهرة" في دورته ال 60 بقصر الفنون.. صور    إبراهيم عيسى: 70 يوم من عمل الحكومة دون تغيير واضح في السياسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات الأزمة الصومالية
نشر في نهضة مصر يوم 21 - 12 - 2008

إعلان أديس أبابا الأخير بسحب القوات الإثيوبية من الصومال مع نهاية الشهر الجاري يعني أن الولايات المتحدة تكبدت هزيمة أخري في منطقة القرن الأفريقي لتضاف إلي سلسلة الإخفاقات الطويلة التي ميزت السياسة الخارجية الأمريكية علي امتداد العالمين العربي والإسلامي.
فقبل عامين ونصف العام، وتحديداً في يوليو 2006 دخلت مجموعة صغيرة من القوات الإثيوبية الأراضي الصومالية بدعم ومساندة من الولايات المتحدة لترتفع أعدادها لاحقاً إلي حدود 30 ألف رجل، لتصبح بذلك القوة الضاربة داخل الصومال، والموكل إليها تنفيذ الأهداف الأمريكية والمتمثلة في إعادة الاستقرار إلي البلاد بعد القضاء علي حكم الإسلاميين. وكان الغرض الأول للولايات المتحدة من وراء دعمها للقوات الإثيوبية والزج بها في أتون الصومال الإطاحة "باتحاد المحاكم الإسلامية"، وهو مجموعة من المقاتلين الإسلاميين سيطرت علي السلطة في العاصمة مقديشيو قبل شهر من التدخل الإثيوبي.
لكن الإسلاميين الذين استعدتهم الولايات المتحدة منذ اللحظة الأولي نجحوا في طرد أمراء الحرب الفاسدين وتمكنوا من إحلال النظام وفرض القانون بعد سنوات من الفوضي والعنف عاشها الصوماليون. ومع ذلك كان الأمر واضحاً بالنسبة للرئيس بوش الذي رفض وعلي نحو قاطع أي تعامل مع الحكم الإسلامي في الصومال وناصبه العداء منذ البداية، ومهما كانت الفائدة المرجوة من النظام القائم بالنسبة للشعب الصومالي الذي مل الانفلات الأمني وانتشار الفوضي، إلا أن قيام نظام إسلامي في الصومال لم يتفق مع رؤية بوش لما بعد 11 سبتمبر التي من أبرز ملامحها الدخول في حرب عالمية علي الإرهاب بغض النظر عن التفاصيل.
وهكذا، سعت وكالة الاستخبارات الأمريكية إلي الإطاحة بالمحاكم الإسلامية باستخدام القوات الإثيوبية وباللجوء أيضاً إلي عبدالله يوسف رئيس الحكومة الصومالية المؤقتة المستقرة في مدينة بيدوا والمعروفة بولائها للغرب وتعاونها مع إثيوبيا. وبالطبع، لم يكن النظام الإسلامي ليظل مكتوف الأيدي إزاء التدخل الإثيوبي، حيث اندلعت معارك شرسة بين القوت الإثيوبية والمقاتلين التابعين ل"المحاكم"، لاسيما في شهر ديسمبر من عام 2006 مخلفة أكثر من أربعة آلاف بين قتيل وجريح. وبنهاية الشهر كانت القوات الإثيوبية مدعومة بالقصف الجوي الأمريكي، قد سيطرت علي العاصمة مقديشيو بعد فرار القوات الإسلامية من المدينة ولجوئها إلي مناطق أخري من البلاد، ثم بعدها سقط الميناء الجنوبي لكيسمايو في يناير 2007 كأحد المعاقل الأخيرة للمحاكم الإسلامية، فيما كانت قوات البحرية الأمريكية تجوب السواحل الصومالية لمنع الإسلاميين من الهرب بحراً.
بيد أن الإسلاميين الذين تفرقوا وتشتتوا بسبب التفوق العسكري الواضح للقوات الإثيوبية والمساندة الأمريكية لم يتعرضوا لهزيمة نهائية، حيث انطلقت علي الفور حرب عصابات ضارية ضد القوات الإثيوبية التي باتت عرضة للكمائن المسلحة والاستهداف المتواصل بالعبوات المتفجرة التي أرّقت الأميركيين في العراق.
وكما كان متوقعاً، سرعان ما استقطب الصراع في الصومال جماعات متنوعة من العناصر الإسلامية القادمة من كل حدب وصوب، لكنها متفقة جميعها علي محاربة التدخل الأجنبي في الصومال وإعلان الجهاد ضد القوات الإثيبوية المحتلة ومن ورائها الأمريكيون الذين يقفون خلفها ويمدونها بالدعم والسلاح. ومن أكثر ما أقلق رئيس الوزراء الإثيوبي، ميلس زيناوي، التداعيات السلبية لتورط بلاده في الصومال علي الصعيد الداخلي، حيث ساهمت الحرب في تغذية الجماعات المتمردة في إثيوبيا نفسها مثل "جبهة تحرير أورومو" التي تسعي إلي نيل حكم ذاتي في جنوب البلاد، بالإضافة إلي "الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين" المشكلة أساساً من القومية الصومالية، التي تطالب بحق تقرير المصير في المناطق الشرقية لإثيوبيا.
ويبدو أن جميع المساعدات التي وفّرتها أمريكا للقوات الإثيوبية من إمدادات الأسلحة والتدريب وتوفير الغطاء الجوي، فضلاً عن اعتقال بعض المشبه فيهم واستجوابهم، كانت دون المستوي ولم تحقق الأهداف المنشدوة في اقتلاع الإسلاميين والقضاء علي حركتهم، بل بالعكس من ذلك ساعد التدخل الأجنبي في توحيد الصوماليين ورص صفوفهم لمواجهة العدو المشترك المتمثل في إثيوبيا والولايات المتحدة.
وبعد عودتهم القوية إلي واجهة الأحداث في الشهور الأخيرة وتكثيف عملياتهم القتالية، تمكن الإسلاميون من بسط سيطرتهم علي معظم جنوب الصومال بما في ذلك موانئ كيسمايو وميركا وبرافا، وهو ما ضرب طوقاً حول العاصمة مقديشيو استعداداً علي ما يبدو للزحف الأخير علي العاصمة بعد مغادرة القوات الإثيوبية. وبعدما أدرك الزعيم الإثيوبي، ميلس زيناوي، أن رحي الحرب تدور في غير صالحه أرسل في 28 نوفمبر الماضي إشارة واضحة إلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يخبرهما أن القوات الإثيوبية سترحل عن الصومال قبل نهاية العام الجاري لينهي بذلك حرباً كارثية دمرت البلاد وخلفت الآلاف من القتلي، كما تسببت في نزوح أكثر من 700 ألف شخص من مقديشيو وحدها، وخلقت أزمة إنسانية طاحنة لتتحول في الأخير إلي مسمار آخر يدق في نعش عقيدة بوش وحربه علي الإرهاب.
لكن ما الذي ستحمله الأيام المقبلة بالنسبة لمستقبل الصومال؟ لقد أعلن أحد قادة الإسلاميين المعتدلين، شيخ شريف أحمد، الذي انشق عن اتحاد المحاكم الإسلامية أنه مستعد لاستقبال قوات دولية لتحل محل القوات الإثيوبية، فيما يبدو أنها محاولة منه لتعزيز حظوظه المستقبلية في السلطة، لاسيما في ظل التأييد الذي يحظي به من إريتيريا وجيبوتي واليمن. غير أن شيخ أحمد يواجه منافسة صعبة من قائد آخر للإسلاميين هو شيخ ظهير عويس ومن حركة "الشباب الإسلامي" التي يمثلها، حيث أدت الحرب الأخيرة مع الإثيوبيين إلي ظهور انشقاقات في صفوف الحركة الإسلامية والتي يبدو أنها ستقود إلي صراع جديد علي السلطة.
وبرغم انشغال القوي الغربية بعمليات القرصنة التي انتعشت في السواحل الصومالية وزادت حدتها خلال الأشهر الأخيرة بإرسالها لقوات بحرية للتصدي للقراصنة، فإنه لا أحد من الدول الغربية يبدو مستعداً لإرسال قوات برية إلي جحر الثعابين الذي باتت تمثله الصومال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.