احتفل المجتمع البشري في اليوم العاشر من شهر ديسمبر الجاري بمرور ستين سنة علي إصدار الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو الإعلان الذي صدر سنة 1948م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبجهود دولية متميزة شاركت مصر فيها حيث تضمن هذا الاعلان التأكيد علي كرامة الإنسان الفرد وحقوقه بجميع أنواعها وأشكالها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية. إن الاعلان العالمي لحقوق الإنسان - وحسب ما جاء به في الديباجة الخاصة به - إنما يمثل المثل الأعلي المشترك الذي ينبغي أن تبلغه جميع الشعوب وجميع الأمم كيفما يسعي جميع أفراد المجتمع وهيئاته، واضعين هذا الاعلان نصب أعينهم علي الدوام، ومن خلال التعليم والتربية إلي توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، وكيما يكفلوا بالتدابير المطردة الوطنية والدولية الاعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية فيما بين شعوب الدول الأعضاء ذاتها وفيما بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها علي السواء. هكذا تأكد للمجتمع البشري آنذاك أن الإنسان أيا كان نوعه رجلا أم امرأة طفلا أم شيخًا.. غنيا أم فقيرًا.. أبيض أم أسود.. هذا الإنسان ليس سلعة تباع وتشتري وإنما هو كيان بشري له كل التقدير والاحترام، ونحن نعلم جيدًا كيف أن الإنسان مكرم في كل الديانات فقد ميزه الله بالعقل ومن ثم فهو أرقي كل المخلوقات. فقد صدر بعد الاعلان العالمي لحقوق الإنسان العديد من الاعلانات والعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ربما بكثير من التفاصيل إلا أنه يبقي في الحقيقة أمامنا مسألة ممارسة تلك الحقوق وتفعيلها وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان في المجتمعات ولعل هذا هو المحك الرئيسي لكل المهتمين حقوق الإنسان من مؤسسات وأفراد. ومن ثم فإنني أتمني ان تتحول قيم حقوق الإنسان من نظرية إلي ممارسة عملية علي أرض الواقع، وقد يحتاج الأمر إلي قوانين رادعة وإجراءات مشددة تصون كرامة الإنسان وتحميه من أية اهانة أو استغلال ذلك بالطبع إلي جانب الدور المهم الواقع علي عاتق المؤسسات الدينية والتعليمية والاعلامية والثقافية حتي تنتشر ثقافة حقوق الإنسان ليس فقط بين الحكومات من جهة والشعوب من جهة أخري وإنما ايضا بين الشعوب وبعضها البعض وبين الإنسان وأخيه الإنسان. القراء الأعزاء.. انني أود هنا أن اشيد بدور المجلس القومي لحقوق الإنسان حيث أذكر هنا الدكتور بطرس بطرس غالي رئيس المجلس والدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس والدكتور نبيل أحمد حلمي أستاذ القانون وعضو المجلس النشيط، والدكتورة ليلا تكلا والمستشار عادل عبد الباقي والأستاذ منير فخري عبد النور وغيرهم من الأعضاء وذلك علي مجهوداتهم الخاصة بنشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع المصري، ودور المجلس أيضاً في تعزيز وتنمية حماية حقوق الإنسان، وترسيخ قيمها ونشر الوعي بها والاسهام في ضمان ممارستها وذلك من خلال عقد الندوات وتنظيم الدورات التدريبية التي يقوم بها المجلس في شتي محافظات مصر.