النائب حازم الجندي يطالب الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار والتصدي لاستغلال التجار    وزير التموين يستعرض أمام النواب جهود الحفاظ على ضبط الأسعار بالأسواق    هآرتس: مسئول بفريق التفاوض أبلغ أهالي الأسرى أن مواقف حماس في المفاوضات لم تلن وربما تتصلب أكثر    "هيئة البث الإسرائيلية" نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين: لا يمكن أن تكون "اليونيفيل" القوة الوحيدة جنوبي لبنان    تقارير تكشف عن شرط محمد صلاح للتجديد مع ليفربول    سينر يحافظ على صدارة التصنيف العالمي للاعبي التنس    ضبط المتهم بإشعال النيران بدراجة نارية لخلافات مع آخر في المنوفية    4 نوفمبر.. الحكم على 5 متهمين بالتسبب في حادث غرق فتيات معدية أبو غالب    الإسكندرية: استقبال جماهيري لعرض «بينو» أول عروض مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة    أمن الأقصر ينظم حملة للتبرع بالدم    الصحة: 55% من الإنفاق الحكومي يوجه لعلاج الأمراض غير السارية    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    يحط من منصب الرئاسة الأمريكية.. هاريس: لن نسمح لترامب بقيادة البلاد مرة أخرى    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    شقق ب 180 ألف جنيه.. أسعار وشروط حجز وحدات سكن لكل المصريين 5    حملات أمنية مكثفة لمواجهة أشكال الخروج على القانون كافة    الحرارة 35 بهذه المناطق.. توقعات طقس الساعات القادمة    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    اختلفا على مكان فرش الفاكهة.. جنايات بنها تعاقب المتهم بقتل زميله في القليوبية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    إيقاف نشاط ورشة وفتح شارع.. محافظ الجيزة يستجيب لطلبات مواطنين    سر خفي.. كشف لغز تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في أبو سمبل -صور    زراعة المنوفية: توزيع 54 ألف طن أسمدة على المزارعين    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    فيتامينات مهمة قدميها لطفلك كمكمل غذائي حفاظا على صحته    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    موعد مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري    شوبير يكشف حجم إصابة كمال عبد الواحد ويحيى عطية    قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل نهائي السوبر.. شوبير يكشف التفاصيل    مصرع طفلين وحرق غرفة الخفير..السكة الحديد تكشف تفاصيل حادث قطار العياط    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    أبرز لقطات حفل عمر خيرت بمهرجان الموسيقي العربية.. تقديم الصوليست أميرة علي    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    ما حكم اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب مطلقا؟ .. اعرف رد دار الإفتاء    حسام هيبة: هونج كونج تعتبر مصر بوابة الاستثمار إلى أفريقيا والشرق الأوسط    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    التعليم : سعر الحصة لمعلمي سد العجز 50 جنيها شاملة كافة الاستقطاعات    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    كم مرة تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين في اليوم والليلة    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    موعد مباراة نوتنجهام فورست ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    استقرار في أسعار الخضروات اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 مع ارتفاع ملحوظ في بعض الأصناف    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حديقة النصر" أثارت الشجن والشجون.. وأنهت عصر "الاحتلال اللبلابي"!
نشر في نهضة مصر يوم 16 - 12 - 2008

الأمر المؤكد أن الأستاذ ممدوح الليثي لم يكن مدركاً، وهو يوجه لي الدعوة لحضور حفل افتتاح، أو بالأحري إعادة افتتاح، سينما حديقة النصر الصيفي، أنه سيثير بداخلي الكثير من الشجن والشجون والذكريات التي تفجرت بمجرد التنويه إلي اسم هذه السينما التي كانت تمثل بالنسبة لي جزءاً من شبابي، وقت أن كنت أسكن علي مقربة منها، وتحديداً في فندق مخصص لأبناء أسوان في القاهرة، كان يعتبره البعض، علي سبيل التندر، سفارة أسوان لدي جمهورية مصر العربية!
كان هذا في السبعينيات، وكنا، كطلبة قادتهم الظروف للدراسة في الجامعات المختلفة للعاصمة، نجد في سينما "حديقة النصر" سلوانا ووسيلتنا الوحيدة للمتعة والترفيه عن أنفسنا يوم الخميس من كل أسبوع، وعلي الرغم من أننا لم نكن بعيدين، أبداً، عن شارعي عماد الدين وسليمان باشا، بكل مافيهما من دور عرض شهيرة يشار إليها بالبنان، إلا أننا كنا نجد راحتنا في هذه السينما بمقاعدها المصنوعة من خشب "البامبو"، والنسمات اللطيفة التي كانت تهب علينا بعد الساعة التاسعة فتخفف عنا لهيب الحرارة، الناتجة عن قرب موعد الامتحانات، وقيظ الصيف الذي كان يهبط علينا برداً وسلامة مقارنة بما كان يحدث لأهلينا في أسوان في مثل هذا التوقيت من كل عام. أما برنامج السينما فلم يكن مزعجاً كبقية دور العرض التي من هذا النوع، بل كان يحمل تقديراً غير مسبوق للجمهور الذي يرتاد "حديقة النصر"، حتي يخيل إليك أن عقداً غير مكتوب قد تم توقيعه بين إدارة "الحديقة" وزوارها علي احترام طقوس "الفرجة"؛فالأفلام التي يعرضها البرنامج لا تتجاوز الفيلمين بأي حال،وكل فيلم منهما يعرض كاملاً، حسب الأعراف والتقاليد المرعية في دور عرض الدرجة الأولي، وليس كما يحدث في سينما "علي بابا" أو دور العرض التي علي شاكلتها تلك التي تعرض أربعة أفلام في "بروجرام" واحد، وغالباً ما تكون المحصلة النهائية فيلماً ونصف علي أكثر تقدير. غير أن الأهم من كل هذا أن روح "الحديقة" كانت تنعكس علي الجمهور بدرجة أكسبته نوعاً من الوقار والرصانة بحيث لم يكن لأحدهم أن يتورط في الترويج لفوضي أو التسبب في إحداث شغب بل كانت السمة الغالبة أن "الحديقة" تحولت إلي مكان "للعائلة القاهرية" تتخلص فيه من همومها، التي لم تكن شديدة الوطأة كما هو الحال اليوم، وتنعم فيه بنوع جميل من الترفيه الأخاذ.
كان هذا قبل أن نستيقظ يوماً علي "حديقة النصر" وقد أغلقت أبوابها الحديدية التي تقع في نهاية الممر الطويل المؤدي إلي شباك التذاكر، وسرعان ما خيم نبات اللبلاب، وتشابكت أغصانه كخيوط العنكبوت، علي المكان ويوماً بعد الآخر غطت علي "أفيشات" آخر فيلمين عرضتهما الحديقة، ولم تترك مكاناً للعرض القادم الذي اختفي ولم يأت، بعدما انتقلت عدوي القبح، التي أصابت القاهرة كلها، إلي "الحديقة"، وكان طبيعياً أن يتواري معها اسم "النصر" في زمن كثرت فيه الهزائم!
هكذا تداعي شريط الذكريات في اللحظة التي تلقيت فيها الدعوة لحضور حفل إعادة افتتاح سينما "حديقة النصر"، التي أسجل تقديري وامتناني للمحاسب سيد حلمي رئيس الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، التي حصلت علي حق استغلالها، والأستاذ ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما، القائم علي تشغيلها، لاحتفاظهما باسمها الأصلي من دون تغيير أو حتي تعديل، وإن وجدت لهما العذر في استبدال مقاعد "البامبو" بأخري خشبية تم تثبيتها في الأرض، نظراً للكلفة الباهظة لمقاعد "البامبو"، وعدم ملاءمتها لجمهور هذا الزمان الذي تغيرت طقوسه واختلفت أمزجته، وأكبر الظن أنه لن يعود كما كان في العهد التليد.
في كل الأحوال عادت سينما "حديقة النصر"، بعدما نزح عنها "الاحتلال اللبلابي"، لتفتح أبوابها،وتضيء أنوارها، وتتصدر واجهتها "أفيشات" الأفلام الجديدة في مشهد تندي له المشاعر المُرهفة، وتطرب له قلوب المحبين للسينما، ممن هالهم وأنا منهم أن معالمها لم تتغير، والمباني الشاهقة من حولها لم تلتهمها، ولفرط فرحتي بعودتها غضضت الطرف عن رداءة ظروف العرض، من سوء واضح للصوت، وظلمة غطت الشاشة حتي أخفت معالم فيلم الافتتاح أو "العودة"، الذي كان بالمناسبة "بلطية العايمة"، وأحالت أبطاله إلي أطياف، قبل أن يطمئنني الأستاذ ممدوح الليثي بأنه تم تدارك هذه العيوب الفادحة في وقت لاحق، وتغيرت "الحالة" إلي النقيض لكنه لم يبرر لي، ربما لأنني لم أتذكر أن أسأله، السر وراء اختيار هذا التوقيت بالتحديد لتدشين عودة سينما "حديقة النصر" (الصيفي) مع دخول (الشتاء)، بكل توابعه التي ليس أقلها هطول الأمطار الغزيرة علي الجمهور الذي ليس بينه وبين السماء حاجب أو ستار، وهو مايعني أنه لن يمضي سوي وقت قصير، وبعده تعود "الحديقة" إلي إغلاق أبوابها من جديد بكل مايثيره هذا من أسي مؤقت. أخيراً.. لقد فوجئت بالغياب المخجل لكل فناني مصر، ومبدعيها، عن حفل إعادة افتتاح سينما "حديقة النصر" الذي كان يمكن أن يتحول إلي عيد حقيقي للسينمائيين في أي بلد متحضر، وربما كان الحال سيتغير لو أنهم تلقوا الدعوة من "شيخ" لحضور حفل "طهور" ابنه أو "أميرة" ليغنوا في حفل "ختان" ابنتها، أما السينما فلا تعنيهم، لأن علاقتهم بها، خصوصاً النجوم منهم، تنحصر في كونهم ينظرون إليها باعتبارها "البقرة الحلوب" التي لا يفعلون شيئاَ سوي استنزافها ومص دمها، حتي آخر قطرة لبن من ضرعها!
مجدي الطيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.