أشار المساعد السابق للرئيس بوش بان اكتشاف الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ارتكبه الرئيس الامريكي لن يستغرق وقتا طويلا وان احدا لا يعلم كيف سينظر لهذه الحرب بعد عقود من الان ولكنه اكد علي علمه بان الحرب العراقية قد تم اشعالها في الوقت الذي لم تكن هناك اي ضرورة لها علي الاطلاق. توالت خلال الايام القليلة الماضية الاقول والشهادات والروايات التي تؤكد علي الجريمة الكاملة التي ارتكبتها الولاياتالمتحدةالامريكية بغزوها للعراق، وخارج اي اطار لقواعد وأسس القانون الدولي الانساني ومبادئه، تلك المباديء التي يأتي علي رأسها مبدأ "صيانة الحرمة" والذي يعني ان للفرد حق احترام حياته وسلامته الجسدية والمعنوية وكل ما لا يمكن فصله عن شخصيته، وألا يعرض الانسان للتعذيب البدني او العقلي او المعاملة الفظة او المذلة.. وان لكل انسان الحق في الاعتراف بشخصيته القانونية وان له كامل الحق في احترام شرفه وحقوقه العائلية ومعتقداته وعاداته كما ان له حق ايواء كل من يتألم وتقديم العناية اللازمة التي تتطلبها حالته فضلا عن حقه المصون في معرفة مصير افراد اسرته وعدم جواز حرمانه من ملكيته الخاصة. إن تأمل المباديء السابقة للقانون الدولي الانساني واسقاطها علي كل ما جري للعراق وللعراقيين، منذ الغزو الامريكي الغاشم له، يضعنا في الحقيقة امام جريمة كاملة الاركان بدأت بالغزو المسلح لتغيير النظام السياسي بالقوة المسلحة ومرورا بسلسلة طويلة من التجاوزات المتعلقة بخرق القواعد التي يضعها القانون الانساني الدولي الخاصة بأساليب الحرب والقتال وايضا القواعد التي تحكم العلاقة بين الدولة الغازية والدولة التي فرض عليها الانخراط في ذلك النزاع المجنون! ولعل اعترافات بل واتهامات "سكوت ماكليلان" التي صدرت مؤخرا والتي جاءت علي لسان المتحدث السابق باسم البيت الابيض والتي قال فيها ان الرئيس الامريكي بوش قد حاد كثيرا عن المسار الصحيح بل انه جر البلاد الي حرب لا طائل من ورائها بكل تهور في العراق وبأن الرئيس الامريكي قد تعمد الترويج للحرب العراقية دون الاستعداد المناسب لها او التخطيط لاحتوائها، كما اشار المساعد السابق للرئيس بوش بان اكتشاف الخطأ الاستراتيجي الفادح الذي ارتكبه الرئيس الامريكي لن يستغرق وقتا طويلا وان احدا لا يعلم كيف سينظر لهذه الحرب بعد عقود من الان ولكنه اكد علي علمه بان الحرب العراقية قد تم اشعالها في الوقت الذي لم تكن هناك اي ضرورة لها علي الاطلاق. وفي نفس السياق فجر رئيس الوزراء الاسترالي الجديد "كيفين راد" في كلمته امام البرلمان الاسترالي مفاجأة من العيار الثقيل عندما اعلن امام اعضائه بأنه قد اوفي بتعهده الانتخابي عندما قام بالفعل بسحب قواته من العراق وبان بلاده وان كانت لاتزال حليفة للامريكان الا ان ذلك لا يعني الاذعان التلقائي لجميع رؤي وسياسات الجانب الامريكي واشار ايضا الي ان جميع الحجج التي سيقت لتبرير ارسال الجنود الاستراليين للعراق قد اثبتت انها خاطئة وبان تلك الحرب لم تمنع الارهاب ولم تصل لاي دليل علي علاقة الرئيس العراقي الراحل باي جماعات ارهابية او بامتلاكه لاسلحة الدمار الشامل المزعومة وبان قرار الحرب علي العراق، قد تم اخذه دون موافقة الاممالمتحدة ولهذا فانه يعتبره سابقة خطيرة في العلاقات الدولية ولم يفت السيد/ كيفين راد ان ينتقد رئيس الوزراء الاسترالي السابق جون هوارد لمشاركته في تلك الحرب واخفاء المعلومات المتعلقة بها عن الشعب الاسترالي مما اثار حفيظة الادارة الامريكية وحنقها ودفعها لرفض اتهامات رئيس الوزراء الاسترالي فيما يتعلق بتحريف المعلومات المخابراتية حول العراق قبل عملية الغزو. وإذا كان الاجتياح الأمريكي للعراق، قد أدي إلي تخريب المجتمع العراقي ذاته، وتشرذم طوائفه السياسية، وبروز الطائفية ومن ثم سقوط العراق في براثن الحرب الأهلية طويلة المدي، وذلك علي حد وصف الكاتب الكبير الأستاذ السيد يسين فإن للسيد إيان دوجلاس أستاذ العلوم السياسية الزائر بجامعة النجاح الوطنية بنابلس، وصفا آخر لتلك الحرب، يتجاوز الحديث عنها باعتبارها حربا عادية إذ أنه يؤمن بأن ما قامت به أمريكا في العراق، هو جريمة إبادة جماعية اقترفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية مع سبق الإصرار والترصد. شهادة وأقوال الجندي الأمريكي أما ذلك الجندي الأمريكي فهو "روي سكرانتون" الجندي ببطارية تشارلي فوج (مدفعية الميدان) من أفواج الفرقة المدرعة الأولي، حيث يقول: شاهدنا الحرب العراقية علي شاشة التليفزيون أولا، ورأينا الرئيس بوش يقف علي متن السفينة الحربية (إبراهام لنكولن) للإعلان عن انتهاء العمليات الحربية الرئيسية في العراق، كان ذلك قبل أيام قليلة من الموعد المحدد للسفر إلي العراق عن طريق الكويت بتاريخ أول مارس 2003، حيث انطلقت قافلتنا الطويلة علي الطريق إلي بغداد، لا نعلم إن كنا خائبي الرجاء أم لا، وقد أخذ الحذر منا كل مأخذ: الحذر من القناصة، من فلول فدائيي صدام، من جيوب محتملة للحرس الجمهوري، وربما من ألغام انطلقنا في الصباح الباكر، وأمضينا اليوم الطويل سائرين مرورا به بمجموعات من الأكواخ، ونقاط للتفتيش محروسة بدباباتنا من طراز (أبرامز) الضخمة، وحشود الرجال، والأطفال العراقيين الذين كانوا علي جانبي الطريق يصيحون: (بيبسي، بيبسي، هل تشتري يا سيدي) لاحظنا ساعتها حطام محروق وصمود لجيش دمرته قوة جوية هائلة الطريق السريعة مليئة بالحفر، الجسور منسوفة والدبابات الروسية متفحمة في حفرها، الدمار والخراب يلفنا مع الصحراء. ويستطرد الجندي الأمريكي في شهادته ليقول: امتدت فترة خدمتي بالعراق من مارس 2003 إلي يوليو 2004، وبينما كنا علي متن الشاحنة التي ستقلنا إلي المطار، صدرت الأوامر لنا بتحديد مهمة الفرقة المدرعة الأولي، بعد اقتناع الرئيس بوش والقيادة العسكرية العليا بضرورة استمرارنا بالعراق، بسبب انتفاضة ميليشيا مقتدي الصدر والمتمردين السنة، لقد كان من بين مهامي المتعددة بالعراق، إطلاق القذائف الصاروخية الضخمة لمسافات تزيد علي 30 كيلو مترا وراء خطوط "العدو" حيث تنشر القذائف (قنبلات عنقودية) مضادة للأفراد علي مساحة تقارب الكيلو متر المربع، ثم استخدمنا العربات الدورية (Hemmers) وعربات الهامفي (Humvees) بطرق متنوعة، واشتركت أيضا في عملية احتلال مخزن الذخائر الشهير غرب بغداد، وأمضيت شهورا أخري في العام بعمليات الدورية بدول بغداد، وحول المطار الدولي، وبعد ذلك تدربنا علي القتال التلاحمي وتطهير البيوت، وضبط حركة سير السيارات تمهيدا لمهمتنا التالية، وفيها امتد جهدنا لعمليات تطويق وتفتيش المنازل والأحياء، لقد كانت بغداد عاصمة حديثة بكل معني الكلمة، ولكنها كانت أيضا تمثل رؤية نبوئية أو فيلما سينمائيا يتحدث عن نهاية العالم، وإذا كانت بغداد قد استفاقت من كابوس القمع، فإنها استفاقت أيضا، علي الصفوف اللا نهائية أمام محطات البنزين، والفساد، والبنية التحتية المتهالكة، والمراقبة الدائمة، والحرية المنعدمة، والفوضي، والمبارات المنسوفة والطرق المهروسة بجنازير الدبابات، والجنود الأمريكيون ذوي البنادق والبيت السيئ في بغداد، كانت أنقاض المستقبل.. وعلي مدونه حمورابي وكونسولات ألعاب الفيديو والصحراء غير المطروقة وحرائق الخلافة في القرن السابع، ومسيرة التاريخ والذاكرة الساخرة والبلهاء، من برسوبوليس إلي القسطنطينة إلي سايكس بيكو رجوعا إلي بغداد، المدينة مابعد التاريخية، أنقاض خارج الزمان وتاريخ البشر، متاهة أحلام ونور متحول وأغنياء مدفونون، مدينة بنيتكي تفتح وتنهب، وإذا كانت بغداد قد تم غزوها إلا أنها لم تحكم إطلاقا!!! شهادة مساعد وزير الدفاع الأمريكي إنه "وليم بونك" أحد أهم رجال الإدارة الأمريكية، حيث تقلد منصب نائب رئيس مجلس الأمن الأمريكي، فمنصب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشئون الأمن الدولي، وهو مؤسس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة شيكاغو، أما أقواله وشهادته علي الحرب الأمريكية في العراق، فقد وردت في الشهادة التي أدلي بها أمام الكونجرس الأمريكي بتاريخ 26/2/2008، حيث قال في مستهل شهادته ما يلي: إنه يتعين علي الرئيس الأمريكي القادم، وربما علي أحفادنا العمل علي التخلص من التبعات والآثار الممتدة للحرب الأمريكية علي العراق، بكل تداعياتها علي المجتمع، والنظام الأمريكيين، وكذلك آثارها علي نظامنا الدستوري، ونظامنا الاقتصادي، وبالنظر إلي التكلفة الإنسانية لتلك الحرب، فعلينا أن نتساءل عن عدد جنودنا من ضحاياها، وكذلك أعداد جرحانا الذين يصعب إحصاؤهم لأنهم يندرجون تحت فئات مختلفة، إن واحدا من أكثر الجروح إشارة للانتباه بهذا الخصوص، عن النتيجة المباشرة لحرب العصابات التي نخوضها في العراق، حيث يصاب جنودنا.