بعد أيام قليلة من المناورات العسكرية التي وصفت بالأضخم في تاريخ إسرائيل وهو ما قابلته سوريا بإعلان التعبئة وفيما توقع الكثيرون اندلاع مواجهة عسكرية بين دمشق وتل أبيب فاجأنا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان بدخوله علي خطة الوساطة بين الخصمين اللدودين لاستئناف مفاوضات السلام التي توقفت منذ عام 2000، وهو ما يعني عمليا في حال نجاحها نزع فتيل حريق هائل يمكن أن يدمر الشرق الأوسط. وقد حمل أردوجان تفاصيل العرض الإسرائيلي للانسحاب من الجولان السوري خلال زيارته لدمشق ووصف محادثاته مع الرئيس بشار الأسد بالإيجابية. في المقابل اشار سفير اسرائيل في تركيا جابي ليفي الي مفاوضات سلام علي مراحل قد تبدأ بين اسرائيل وسوريا بوساطة تركية. وصرح ليفي للاذاعة الاسرائيلية العامة ان "المرحلة الاولي سيتولاها موظفون عاديون وتكنوقراط، وفي حال سارت الامور في الاتجاه الصحيح وافضت الي نتيجة يمكننا ان نتوقع ان تتواصل المباحثات علي مستوي اعلي بكثير". وتحدثت اذاعة الجيش الاسرائيلي وصحيفة "معاريف" عن قمة محتملة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس السوري بشار الاسد. واللقاء العلني علي اعلي مستوي بين مسئولين اسرائيليين وسوريين عقد في الثالث من يناير 2000 خلال اجتماع جمع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع في تلك الفترة في شيبرزتاون في فيرجينيا (الولاياتالمتحدة) برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون. واضاف الدبلوماسي الذي كان يتحدث من انقرة "لا يمكنني اعطاء تفاصيل حول العملية التي اطلقت حاليا مع الجانب السوري". واكد ايضا علي اهمية الوساطة التركية. وقال ليفي "يريد الاتراك المشاركة فعليا في هذه العملية. سبق ان ساعدونا مرات عدة انهم يتمتعون بنفوذ في المنطقة وفي العالم الاسلامي يمكنهم المساعدة لكنهم لا يستطيعون قيادة عملية" سلام. ومضي يقول ان "الاتراك يعتقدون ان قوة مثل الولاياتالمتحدة او كتلة مثل الاتحاد الاوروبي لها وحدها قدرات اقتصادية لدعم مثل هذه العملية، لكنهم يظنون انهم قادرون علي المساهمة (في هذه العملية) بسبب وضعهم الخاص". ولدي عودته من تركيا، اكد أردوجان ان انقرة تريد مواصلة جهود السلام وان موفدا سيرسل الي اسرائيل. لكنه لم يكشف هوية المبعوث ولا تاريخ الزيارة. وأعرب الأسد عن "استعداد سوريا لمواصلة التعاون مع تركيا" التي بدأت وساطة لاستئناف مفاوضات السلام بين سوريا واسرائيل، وذلك عقب لقاء مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان في دمشق، بحسب وكالة الانباء السورية الرسمية سانا. واضافت الوكالة ان القائدين بحثا في "سبل تفعيل عملية السلام العادل والشامل" في المنطقة واتفقا علي "استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين بشأن المسائل المطروحة وعلي مختلف المستويات". واضافت الوكالة ان الاسد اشاد "بالجهود التي تبذلها تركيا في هذا الصدد وعبر عن استعداد سوريا لمواصلة التعاون مع تركيا في كل ما يحقق امن واستقرار المنطقة". ولم تذكر الوكالة صراحة الوساطة التي تجريها تركيا في النزاع السوري الاسرائيلي، غير ان القائدين ذكراها قبل لقائهما. وجاءت هذه الزيارة التي بينما كشف الاسد هذا الاسبوع عن وساطة تركية تجري منذ العام الماضي. واوضح ان انقرة ابلغت دمشق باستعداد اسرائيل للانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة منذ 1967 مقابل السلام مع سوريا. كما تطرق أردوجان والاسد في لقائهما الي "الاوضاع الراهنة في المنطقة وخاصة في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية" اضافة الي "العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين"، وعلي الاخص الاقتصادي منها، بحسب الوكالة. وأعرب أردوجان "عن ارتياحه العميق لنتائج المحادثات الايجابية والمثمرة التي اجراها مع الاسد واكد اهمية الدور الذي تقوم به سوريا من اجل ايجاد حلول سياسية للمسائل القائمة في المنطقة"، بحسب سانا. وصرح أردوجان قبل ان يغادر انقرة ان تحسن العلاقات بين انقرة ودول المنطقة سمح لتركيا بتكثيف جهودها لتسهيل محادثات سلام في الشرق الاوسط. واضاف رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحفي في مطار انقرة ان "جو الثقة خلق ظروفا تسمح بتدخل تركيا كوسيط". وتابع "ان شاء الله ستساهم دبلوماسيتنا النشطة في التحسينات المنتظرة بين سوريا واسرائيل". وقال الاسد ان ادارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الحالية "لا تمتلك لا رؤية ولا ارادة لعملية السلام". كما رفض الرئيس السوري اجراء مفاوضات سرية مع الدولة العبرية. واكد الرئيس السوري ان "ما نحتاج اليه الآن هو ايجاد الارضية المشتركة من خلال الوسيط التركي"، مضيفا ان المفاوضات ستجري "عبر الطرف التركي". واضاف "سنبحث اولا في موضوع استرجاع الارض لنري المصداقية الاسرائيلية، لان علينا أن نكون حذرين ودقيقين في مناقشة هذا الموضوع".