صدي ضعيف جداً سمع في وسائل الاعلام الإسرائيلية والدولية لمقابلة خالد مشعل في صحيفة الايام الفلسطينية في الاسبوع الماضي. مشعل قال لأول مرة علانية بأن حركته تعترف بحدود حزيران (يونيو) 1967 للدولة الفلسطينية وان التسوية يجب ان تشمل قضيتي القدس واللاجئين. عندما سئل مشعل ان كان هذا الموقف تكتيكيا ام استراتيجياً رد بأنه موقف استراتيجي. هو اعتمد في موقفه علي موقف سجناء الحركة الأسيرة الفلسطينية في السجون الإسرائيلية من خلال وثيقة الاسري في عام 2006 تلك الوثيقة التي شاركت فيها حسب قوله كل الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح ابو مازن. مشعل يصرح بهذا الموقف امام الاجانب الذين يزورون مكتبه في دمشق منذ عام واكثر. هو لا يفصل امامهم مواقفه في قضيتي القدس واللاجئين مثلما لم يفعل ذلك خلال المقابلة. في المحادثات الخاصة ادعي ان حماس لن تتنازل عن مواقفها في القضايا الجوهرية مسبقاً واوضح ان الشعب الفلسطيني كله سيدعي لحسم الامر والمصادقة علي هذه التسوية او تلك في آخر المطاف. تصريح مشعل هو نوع من الاستجابة للمطالب الاجنبية المتكررة منه بأن يصرح علانية بما قاله لهم في الخفاء. عدم الرد علي تصريحاته لا يتساوق مع مصلحة اسرائيل الحقيقية في هذه الفترة. حماس ومشعل باعتباره احد الناطقين باسمها لا تريد المشاركة في محادثات السلام مع اسرائيل مباشرة. ان حصلت علي الشرعية كشريك معترف فيه في المعادلة الفلسطينية العامه فستترك لابو مازن إدارة المباحثات. اسرائيل ليست مطالبة والحالة هذه بأن تجلس مع ممثلي حماس وجهاً لوجه. لماذا اذا ترفض اسرائيل والأسرة الدولية السماح بانضمام حماس للمعادلة؟ من يتمعن في مواقف فتح وحماس العلنية ملزم بالاعتراف بعدم وجود فرق بين الجانبين. فتح تبدو كمن يتشبث بحدود 1967 وحماس تركز علي تضمين القدس واللاجئين في المفاوضات. كلاهما لم تتنازلا عن مواقفهما المتطرفة في هذين المجالين الجوهريين. من يقرأ خطابات ابو مازن في قمة دمشق سيجد فيها انتقادات حادة وشديدة لاسرائيل ولن يجد تلميحاً علنيا ولو ضعيفاً لتغير في مواقف الفلسطينيين الاساسية. مشعل غير مستعد للتصريح مسبقاً بأنه يعترف بحق اسرائيل في الوجود كما تطالبه الأسرة الدولية. وفي نفس الوقت يصر ابو مازن علي عدم التصريح المسبق باعترافه باسرائيل كدولة يهودية. هل يوجد فرق حقيقي بين هذين الموقفين المتقابلين؟ حماس تلقت ضربات قاسية جداً من اسرائيل في الاشهر الاخيرة وهي تتعطش لوقف اطلاق النار. من يسعي لوقف اطلاق النار يدلل علي انه الطرف الاضعف في المعادلة. هذه هي اللحظة الصحيحة والمواتية لتحقيق تسوية مؤقتة صادقة. حماس برهنت بأنها تمتلك قدرة تدميرية كبيرة لدرجة تشكل خطورة علي مباحثات السلام الجارية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. رئيس وزراء السلطة سلام فياض صرح في مقابلة علنية لوسائل الاعلام الإسرائيلية بأنه يؤيد ضم حماس للمجريات والتحركات السياسية ذلك لأنه ان لم يحدث ذلك فهناك شك بأن تصل الي نهايتها الناجحة. ان لم تتدارس اسرائيل بجدية تغيير السياسة في ظل الاصوات المنبعثة من قادة حماس في قطاع غزةودمشق وفي الظرف الملائم لها في هذه المرحلة، فسرعان ما سنجد انفسنا في منحدر شديد. من يحتاج لدليل علي الوضع الهش الذي شهده توازن اسرائيل - حماس فقد حصل عليه في الاسبوع الماضي عندما كانت اصابة وزير الدفاع ورئيس الشاباك السابق آفي ديختر قريبة جداً. مصير هذا التوازن مودع بيد الصدف في اكثر من مرة. في الاسابيع الاخيرة دعا ايمن الظواهري عدة مرات لضرب اليهود واسرائيل في اسرائيل وفي كل مكان آخر اتباع حماس يعتبرون كفرة في نظر القاعدة بسبب رغبتهم المعلنة بالتوصل الي تفاهمات او اتفاقيات ما مع اسرائيل ولو بصورة غير مباشرة. تصريح مشعل يتناقض قطبياً مع نهج القاعدة وهو دعوة لاسرائيل لاغتنام الفرصة التاريخية ربما لدفع العملية للجانب الايجابي. فهل عجزت عيوننا عن الرؤية؟ وهل سدت اذاننا عن السمع؟