علي خلفية مساعي التهدئة التي تتوسط فيها القاهرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، نظم مركز قدس نت للدراسات والإعلام في غزة حوارا مفتوحا بعنوان "غزة بين التهدئة والتصعيد"، في صالة فندق "الكومودور" وبحضور نخبة من السياسيين والمحللين، الذين أجمعوا علي أن قوي المقاومة لا يمكن أن تقبل بتهدئة مجانية مع قوات الاحتلال، ودون أن تكون متزامنة ومتبادلة وشاملة للضفة الغربية وقطاع غزة. وشدد المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري، علي أن التهدئة يجب أن تكون شاملة، وأن حماس لن تقبل أي تهدئة مجتزأة. واعتبر أن كل الأحاديث المتداولة حولها لا أساس لها من الصحة، لأن الحركة لا تستطيع الموافقة علي تهدئة من طرف واحد، رابطا بينها وبين رفع الحصار ووقف العدوان علي الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة. وأوضح أبو زهري أنه لن تكون هناك تهدئة مجانية، وحماس لا تستجدي هذه العروض السياسية، مبديا استعداد الحركة لجميع الخيارات بما فيها المواجهة، وفي ذات الوقت لا يمكن للتهدئة أن تتم دون موافقة جميع الفصائل. وقال نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الإسلامي تحدث للجزيرة نت وقال إن حركته لا تتعامل مع المقاومة والتهدئة بما أسماه بمنطق "المناكفة"، معلنا رفضه للتهدئة بأي حال من الأحوال إذا ما استمر الحصار علي قطاع غزة. ووصف أي تهدئة في هذه الأوضاع بأنها مذلة، مشيرا في ذات الوقت إلي أن الحديث الدائر هذه الأيام عن التهدئة ليس سوي أفكار مطروحة فقط، والحركة ليست ملزمة بهذه الأفكار إذا مثلت استسلاما لنا أمام الاحتلال. من جهته حذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ناجي شراب من أن التهدئة غير المدروسة جيدا، ستتسبب في مزيد من النكبات للشعب الفلسطيني، كما حصل في نكبة عام 1948. وأوضح أن التهدئة تأتي ضمن خيار المصلحة المشتركة لكل الأطراف بما فيها إسرائيل وأميركا، "لأن تل أبيب تهدف من وراء التهدئة لترسيخ فك الارتباط، وحماس لها مصلحة أيضا في التهدئة، غير أن المعضلة الرئيسة تكمن في توظيفها لخدمة القضية الفلسطينية". من جهته، طالب المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة بضرورة تقييم لوسائل المقاومة، وإيجاد إستراتيجية عمل مقاوم يخدم المشروع الوطني، "فالمقاومة حق شرعي"، رافضا في ذات الوقت وصف المقاومة والمفاوضات معا بالعبثية، لأنهما كما قال مكملان لبعضهما. وفيما أشار أستاذ التاريخ في جامعة الأقصي خالد صافي إلي أن حركة حماس تتجه نحو التهدئة لرغبتها في فك الحصار، طرح جملة من الأسئلة التي شغلت المتحاورين مثل: هل هناك إستراتيجية واضحة بخصوص التهدئة، وهل أصبحت المقاومة لدي حماس والجهاد في موقف متأزم، وما هي سيناريوهات ما بعد التهدئة؟ وماذا عن أدوات المقاومة في الضفة الغربية؟. واشتمل الحوار علي عدة مداخلات من المشاركين الذين مثلوا مختلف القوي السياسية الفلسطينية، وطالبوا القوي السياسية بأن تأخذ عامل الزمن بعين الاعتبار عند أي حديث عن التهدئة. وأكدوا ضرورة ترشيد سلوك المقاومة الشعبية لتفادي رد الفعل الإسرائيلي، والخروج من حالة الانقسام الداخلي، متوقعين في ذات الوقت أن تشهد المرحلة القادمة تصعيدا عسكريا إسرائيليا مشابها لحرب لبنان عام 1982. وأجمع الحضور علي أنه لا مجال للحديث عن التهدئة في ظل حالة الانقسام الداخلي والتباين في المواقف السياسية، مطالبين بإيجاد غرفة عمليات مركزية لاتخاذ القرار الفلسطيني، سواء فيما يخص المقاومة أو المفاوضات.