تتباين التأويلات والتكهنات بشأن القمة العربية المقبلة التي ستستضيفها دمشق أواخر الشهر الجاري، وذلك علي خلفية ما يتردد عن احتمال غياب بعض القادة العرب احتجاجا علي ما يرونه دورا سلبيا لسوريا في الأزمة الداخلية اللبنانية.. فالخلافات -خصوصا بين سوريا من جهة والسعودية ومصر من جهة أخري- تهدد بانخفاض مستوي تمثيل بعض الدول في قمة دمشق لا سيما مع ما تردد من معلومات مفادها أن القاهرةوالرياض تربطان بين انتخاب رئيس لبنان وبين نجاح القمة. الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية السورية السيدة بشري كنفاني رأت أن نجاح القمة المرتقبة "أمر مرهون بالزعماء العرب وليس بالدولة المضيفة، لأن نجاح القمة لا يرتبط بالحضور أو مستوي التمثيل وإنما بمضمون القرارات التي ستتخذ لخدمة المصالح العربية". وأضافت أن دمشق لا تريد استباق الأمور بالحديث عن دول ستغيب أو تشارك بتمثيل منخفض، مشيرة إلي ما أكد عليه وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الثلاثاء في القاهرة من أن القمة ستعقد في موعدها دون تغيير وأن" مستوي التمثيل فيها سيكون أعلي من سابقاتها". وكان لافتا في تصريح المعلم رفضه للربط بين انتخاب رئيس جديد للبنان وبين القمة عندما تساءل "أليس الوضع في غزة خطيرا بما يستدعي ألا يتجاهله من يطرح الربط بين القمة وبين الوضع في لبنان". وأكد أن الدعوة ستوجه إلي لبنان الذي "يتعين عليه اختيار من يمثله في القمة"، في حال لم ينتخب رئيس جديد للبلاد. ويتوقع بعض المراقبين أن بعد غد الثلاثاء (موعد جلسة انتخاب رئيس جديد للبنان) سيكون التاريخ الفاصل الذي سيحدد المسار الذي ستسلكه مواقف بعض الدول من القمة. ويقول مصدر خليجي إن السعودية وشقيقاتها الخليجيات ترين أنه إذا فشل اللبنانيون في انتخاب رئيس جديد، يتعين علي دمشق توجيه الدعوة إلي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة لحضور القمة، وهو ما وصفته بعض المصادر السياسية بأنه أمر صعب علي دمشق.. لكن مصادر خليجية أخري أشارت إلي أن بعض المسئولين العرب طالبوا بعدم إخضاع القمة العربية في دمشق لما وصفوه ب"مزاجية السياسة اللبنانية". في هذا الإطار يري محمد موسي الشريف الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز آل سعود في الرياض، أن نجاح القمة أمر مؤكد إذا تحولت إلي "اجتماع للقلوب والنية الحسنة من أجل إيجاد الحلول الحقيقية للأوضاع العربية المأساوية في العراق وفلسطين ولبنان". بيد أنه استدرك بالإشارة إلي أن بعض القادة العرب يأتون إلي القمة ومعهم "أجندة" متعلقة بقوي خارجية كبري لها أهدافها ومصالحها التي لا تتفق مع مصالح الشعوب العربية والإسلامية. وتعكس هذه المواقف عمق الانقسامات العربية وتداعياتها ليس علي القمة المقبلة وحسب، بل علي كل ما يتعلق بالوضع العربي والجامعة العربية التي ستحتفل بذكري تأسيسها الثالثة والستين في 22 من الشهر الجاري.