من الظواهر ما يستحق الرصد والتحليل، ففي عالم الطيران المدني المصري الذي أثبت جدارته بشهادة الاتحاد الأوروبي المتمثل في الهيئة الأوروبية لأمن وسلامة الطيران Europian Aviation Saftey (EASA) AGENCY فقد منحت الهيئة شركة مصر للطيران الثقة في جدارتها بالقيام بأعمال الصيانة لمعظم الطرازات العاملة علي المستوي الدولي EASA PArT.145 ليصل عدد العملاء الذين تعاقدوا مع مصر للطيران للصيانة والأعمال الفنية إلي 40 عميلا أوروبيا وعربيا لتصبح هناجر مصر للطيران محجوزة لبرامج الصيانات حتي عام 2008، تأكيدا للثقة الممنوحة لإمكانيات الشركة الوطنية لتحقيق "الجدارة الجوية" AIRWortheness في مجال له قواعد أمن وسلامة متعددة المرحلة تسبقه برامج معقدة وزمنية لإجراء الصيانات اليومية والدورية والعمرات بأسلوب علمي منهجي داخل إطار زمني محدد، هذا باختصار عن مشروع "الايازا" الذي أنجزته مصر للطيران، وإن كان ما يهمنا في هذا المقام هو الانعكاسات الاقتصادية للمشروع في حد ذاتها والتي تعتبر في تصورنا إحدي المساهمات الفعالة في بناء قاعدة "المحورية" للسياسة المصرية بوجه عام، وبما يؤكد نظرية أن السياسة عموما هي تابع لانحناءات الرسم البياني المعبر عن الاقتصاد، ومما يدعم ذلك التصور أيضا هو دعوة مصر للطيران للانضمام إلي التحالف الدولي "ستار" INTERNATIONAL STAR ALLIANCE الذي يضم 17 شركة طيران عالمية، ولا يتسع المجال هنا لشرح أبعاد سياسة التحالف، ولكن علي سبيل الإيجاز فإن تحالف ستار هو التحالف الأكبر حيث يسيطر علي أكثر من 30% من حركة الطيران في العالم وتتمتع شركاته بأسطول ضخم يقترب من 3000 طائرة من مختلف الطرازات تقوم بتسيير 16 ألف رحلة يوميا إلي 855 نقطة في العالم وتنقل حوالي 400 مليون راكب، أما عن الفوائد التي تعود علي مصر للطيران من الانضمام للتحالف، فهي الاعتراف الدولي الصريح بكفاءة مصر للطيران، وارتفاع مستوي السلامة والجودة وخدمة العملاء وتوسيع شبكة الخطوط لعملاء مصر للطيران فضلا عن زيادة الإيرادات وخفض التكاليف مما يؤدي إلي مستقبل أفضل لمصر للطيران كذلك فإن تحويل مطار القاهرة الدولي إلي مطار محوري لخدمة الطيران الدولي عموما وطيران التحالف من أهداف إرضاء العميل. وعلي الصعيد الآخر بعد أن تعاقدت مصر للطيران مع 40 شركة أوروبية وعربية لخدمة طائراتها فنيا، فهذا له بالغ الأثر في تكوين ما يمكن تسميته بالسوق الأوروبية والعربية المشتركة في مجال الصيانة وعمرة الطائرات بعد اعتماد المطارات الداخلية مثل مطار شرم الشيخ ومطار الغردقة كمراكز للصيانة الدولية وبعد اعتماد مطار الدمام بالسعودية والمحطات الخارجية، بذلك تكون مصر قد حققت أحد الجوانب المهمة لتثبت دعائم محوريتها من خلال منظومة الطيران المدني. فأنا أفهم أننا أمام برنامج نووي لتوليد الطاقة السلمية من أجل النهوض بمصر علي جميع المستويات من خلال حقها المشروع كركيزة للتقدم، لخدمة محورية واستراتيجية مصر السياسية والاقتصادية في المنطقة، فالنموذج الياباني لم يبن محوريته الاقتصادية العظمي التي غزت العالم بالموثوقية RELIABILITY من خلال فلسفة نووية بقدر تبنيه لبرنامج تكولوجي فائق الدقة قادر علي المنافسة الحقيقية، ومصر بحكم موقعها وسياستها الحكيمة واقتصادها تستطيع أن تخلق نموذجا محوريا لا يقل عن النمور الآسيوية طالما بقيت مصر هي مركز "التعادلية" والتوازن الإقليمي والتي يحسب لها ألف حساب، حتي لو امتلكت إسرائيل أكثر من مائتي رأس نووية ولم توقع علي البروتوكول الإضافي الملحق لبروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش علي المنشآت النووية، فأنا أتصور أن إسرائيل تتبني فلسفة "إرهاب نووي" في المنطقة ولا تتبني فلسفة "ردع نووي" الذي يعتبر أحد أنواع الانتحار بالنسبة للنموذج النووي الإسرائيلي. مصر تتبني فلسفة امتلاك القوة النووية المشروعة المبنية علي "أمن الطاقة" للأغراض السلمية التي تفوق في الأهمية الأغراض الأقرب وإن كانت مشروعة لخلق حالة من محورية الاقتصاد بجوار محورية السياسة من دول تتباهي بالنبرة النووية العالية. الرئيس "مبارك" بإعلانه عن قرب صدور القرار الجمهوري الذي ينظم المشروع النووي هي دعوة صريحة لتأكيد محمورية مصر علي المستوي التقني السلمي وليس دعوة للتمحور في مواجهة أي كيان يهوي الطنطنة النووية في المنطقة بأسلوب لا يسمن ولا يغني من جوع اقتصادي أو سياسي لتبقي الشعوب في النهاية هي ضحية سياسات حكوماتها التي تسعي للشهرة بخطاب سياسي وديني زاعق له مخاطره